قضمٌ، فابتلاعٌ، ثم هضمٌ، إنه التكنيك الذى يبرع الكيان الصهيونى فى انتهاجه، منذ زرعه الغرب خنجرًا سامًا فى قلب العرب!. المشروع الصهيونى الذى يجسده هذا الكيان، لم تتبدل أهدافه قط، لكنه دائمًا يجنح إلى مخططات مرحلية تؤكد كونه كيانًا اقتلاعيًا اغتصابيًا توسعيًا، لا يفقد شهيته أبدًا للاستيلاء على المزيد من الأراضى العربية، لاسيما الفلسطينية، وكان ذلك الهدف سافرًا حين كشف نتنياهو عن خريطة إسرائيل الكبرى، من فوق منبر الأممالمتحدة، وتوافقت مزاعمه مع رؤية ترامب الذى قال أثناء حملته الانتخابية، إنها قطعة صغيرة على الخريطة، ولطالما فكرت فى كيفية توسيعها. من ثم، فإن النظر إلى إعلان ترامب أنه «لن يحدث ضم إسرائيل للضفة لأننى أعطيت تعهدًا للدول العربية، وأنه إذا حدث الضم فستفقد إسرائيل كل الدعم الأمريكى»، كونه موقفًا تكتيكيًا ليس إلا، يؤكد ذلك ربطه للأمر بضمان نجاح خطته فى غزة، باعتبارها الغاية النهائية لجهوده، ليعقبها السلام الشامل من منظوره، والذى لا يعنى سوى المزيد من «الاتفاقات الإبراهيمية»، أى مزيد من التطبيع مع الكيان الصهيونى. إذا أضفنا إلى كلام ترامب، ما أعلنه نائبه فانس من أن مناقشة الكنيست لضم الضفة الغربية أثناء زيارته للكيان حمقاء وإهانة لى، فالمسألة تفضح الرؤية الأمريكية الحقيقية المغرقة فى الذاتية والشخصنة. لم يتناول ترامب أو فانس أى أسباب موضوعية للتحفظ على الضم، من قبيل كونه قطعًا للطريق على حل عادل للقضية الفلسطينية عبر حل الدولتين، أو كونه منافيًا للشرعية الدولية والقانون الدولى، أو مجافيًا لالتزامات الكيان كقوة احتلال، لا يحق لها تغيير الواقع الديمقرجرافى، أو الجغرافى أو السياسى للأراضى المحتلة. الموقف الأمريكى غير مؤسس إلا على ما هو ذاتى وشخصى، من ثم فإن التعويل عليه كثيرًا أو طويلًا يعد رهانًا استراتيجيًا خاسرًا. الكيان الصهيونى الذى يوغل فى تطرفه سيواصل عملية القضم والابتلاع والهضم، قد يبطئ من سرعتها، لكنه لن يتوقف، ربما يؤجل خطوة إعلان الضم رسميًا، إلا أنه لن يكون أكثر من تعليق مؤقت ينتظر اللحظة المواتية، ومراجعة أو تراجع أمريكى بعد فترة أظنها لن تطول كثيرًا. إذا لم يكن هناك تحرك عربى سريع وجاد وحاسم، فإن علينا أن ننتظر كارثة مكتملة الأركان فى الضفة الغربية!.