في فصل جديد من فصول اكتشاف عظمة الحضارة المصرية القديمة، يعرض المتحف المصري الكبير تحفتين أثريتين نادرتين تُعدّان الأقدم من نوعهما في العالم، وهما تمثالان خشبيان مطليان بالذهب عُثر عليهما في منطقة تل الفرخة بشمال دلتا مصر. ويُقدَّر عمرهما بحوالي ستة آلاف عام، ليشكلا نافذة فريدة تطل على بدايات نشأة الحكم والإبداع الفني في مصر القديمة قبل توحيد القطرين. يضم المتحف المصري الكبير بين جدرانه كنوزًا أثرية لا مثيل لها، من بينها أقدم تمثالين مصنوعين من الخشب المطلي بالذهب، عُثر عليهما أثناء أعمال التنقيب الأثري في منطقة تل الفرخة، الواقعة في شمال الدلتا بمحافظة الدقهلية. ◄ عصر ما قبل التاريخ ويُرجّح علماء الآثار أن التمثالين يعودان إلى أحد حكّام الأقاليم في مصر قبل الأسرات، في فترة تُعرف باسم عصر ما قبل التاريخ المصري (نحو 4000 ق.م)، وهي مرحلة شهدت ملامح أولى التنظيم السياسي والاجتماعي في وادي النيل. ويظهر التمثالان اللذان أبهرا الزائرين والباحثين على حد سواء بتفاصيل دقيقة تعكس براعة المصري القديم في فن النحت رغم بساطة الأدوات المستخدمة آنذاك. اقرأ أيضا| المتحف المصري الكبير.. أيقونة الحضارة المصرية تتأهب لاستقبال العالم التمثال الأول (على اليسار) يُعتقد أنه يجسّد أحد حكام الإقليم في وضعية الوقوف التقليدية، بينما يُرجّح أن التمثال الثاني (على اليمين) يمثل ابنه أو وريثه، مع وجود احتمال علمي بأن التمثالين قد يُجسّدان الشخص ذاته في مرحلتين مختلفتين من العمر، في دلالة على فكرة الخلود واستمرار السلطة في الفكر المصري القديم. ◄ تفاصيل فنية دقيقة صُنعت التماثيل من خشب متين نادر جُلب من وادي النيل الأعلى، ثم طُليت بطبقة من الذهب الخالص، في أسلوب يدل على مكانة أصحابها العالية. كما حافظ التمثالان على ملامحهما الأصلية بدرجة مدهشة، ما أتاح للعلماء فرصة دراسة تقنيات الطلاء بالذهب المستخدمة في تلك الحقبة المبكرة من التاريخ المصري. ويرى خبراء الآثار أن هذين التمثالين يمثلان بداية التطور الفني والرمزي في الحضارة المصرية، حيث تعكس ملامحهما الإنسانية والوقفة المهيبة روح المعبود والسلطة في آن واحد. كما يُعدّ اكتشافهما في شمال الدلتا دليلاً على أن الحضارة المصرية لم تكن مقتصرة على صعيد مصر فقط، بل كانت تنبض بالحياة في كل أنحاء البلاد منذ فجر التاريخ. ◄ المتحف المصري الكبير: صرح يحتضن التاريخ يواصل المتحف المصري الكبير دوره كمركز عالمي للتراث والبحث، إذ يضم أكثر من 57 ألف قطعة أثرية تمثل مختلف العصور، ويقدم تجارب تفاعلية حديثة تسمح للزائرين بالتعرف على أسرار الحضارة المصرية من خلال تقنيات الواقع المعزز والعروض البصرية المتطورة. إن عرض أقدم تمثالين خشبيين مطليين بالذهب داخل المتحف المصري الكبير لا يمثل مجرد عرض أثري، بل هو احتفاء بالبدايات الأولى للفن والسلطة في مصر القديمة، ورسالة خالدة تؤكد أن روح الإبداع المصري لا تزال تلهم العالم منذ ستة آلاف عام وحتى اليوم.