لا تترك إسرائيل فرصة واحدة لتأكيد طبيعتها التوسعية وإصرارها على انتهاك كل القوانين الدولية، إلا وانتهزتها(!!) وسط كل الجهود التى تُبذل للمُضىّ قُدماً فى تنفيذ اتفاق غزة، والانتقال للمرحلة الثانية والحاسمة من الاتفاق، وبينما كان نائب الرئيس الأمريكى فى طريقه للاجتماع برئيس حكومة دولة الاحتلال «نتنياهو».. كانت إسرائيل تُلقى بالورقة التى قد تكون الأخطر فى الملف الفلسطينى، وتُعلن أن «الكنيست» الإسرائيلى قد يبدأ فوراً عملية التصويت على مشروع قانون بفرض السيادة الإسرائيلية فى الضفة الغربية!! المشروع مُقدم من رئيس حزب «نوعام» وممثله الوحيد فى «الكنيست» ويستند إلى قرار سابق من «الكنيست» فى يوليو الماضى يُعلن أن الأغلبية العُظمى من النواب مع ضم الضفة. ورغم وجود خلافات على «توقيت» تقديم مشروع القانون الجديد، ومخاوف من أن عدم الموافقة عليه يعنى تأجيل طرحه مرة أخرى 6 أشهر، وأن الموافقة عليه سوف تعنى صداماً جديداً مع العالم كله، وخلافاً مع الرئيس الأمريكى ترامب الذى أعلن الشهر الماضى رفض هذا التوجه.. رغم كل ذلك، يبقى التلويح بورقة ضم الضفة وسط الحضور الأمريكى فى المشهد، إعلاناً جديداً بأن اليمين الإسرائيلى لن يستسلم بسهولة، وأنه لا بديل عن مسار واضح يفرض حل الدولتين ويجعل من نهاية حرب الإبادة فى غزة مُنطلقاً لقيام الدولة الفلسطينية على حدودها المشروعة وبعاصمة أبدية هى القدس العربية. 46 عضواً فى مجلس الشيوخ الأمريكى وهم كل الأعضاء الديمقراطيين ما عدا واحداً فقط طلبوا على الفور من الرئيس الأمريكى تعزيز موقفه الرافض لضم إسرائيل للضفة الغربية، ومنعها من المضى فى هذا المخطط الخطير، والعالم كله ضد أى تحرك إسرائيلى فى هذا الاتجاه.. لكن نتنياهو يلعب بكل أوراقه فى مواجهة استحقاقات إنهاء الحرب والمضى نحو سلام لن يتحقق إلا مع دولة فلسطين المستقلة. والأخطر أن اليمين الإسرائيلى يتصور أنه أمام فرصة قد تكون الأخيرة لتحقيق أوهامه. هذه هى الدورة الأخيرة لهذا البرلمان الإسرائيلى بأغلبيته المتطرفة التى تدرك أن أى انتخابات قادمة لن تُبقيها فى الحكم بأى حالٍ من الأحوال. ولهذا لن يكتفوا بمحاولة تعطيل إنهاء الحرب فى غزة، بل سيفعلون المستحيل من أجل ضم الضفة أو ما يستطيعون منها قبل السقوط. الاقتراح المصرى لإعمار غزة كان سبَّاقاً فى التوجه الصحيح، بأن تكون إنهاء الحرب وإعادة بناء غزة بأيدى أبنائها وبإدارة فلسطينية تؤكد أن غزة لن تكون إلا جزءاً أساسياً من دولة فلسطين التى تضمها مع الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة. ما يجرى الآن أن نتنياهو يستخدم كل أوراقه، وأن اليمين المتطرف يحارب آخر معاركه. والنتيجة أن العالم يدرك أكثر من أى وقت آخر أن الإقرار بحق شعب فلسطين فى تقرير مصيره وإقامة دولته، لم يعد مجالاً للمساومة.. أو الابتزاز!!