بقدر ما يبدو السلام قريبًا فإنه قد يكون بعيدًا هذه هى مصر فرغم الظروف الاقتصادية الصعبة يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى عن استضافة مصر لمؤتمر إعادة الأعمار فى غزة والذى يستهدف جمع التبرعات والمشاركات الدولية لإعادة الإعمار. الأممالمتحدة قدرت قيمة التبرعات المطلوبة لما يقارب 70 مليار دولار وهى تقديرات قد تقل بكثير عن المطلوب والذى يقول بعض الخبراء إنه سوف يتجاوز مائة مليار دولار مساهمة مصر فى جهود الإعمار لن تقتصر فقط على استضافة المؤتمر ولكنها سوف تشمل مشاركات وتبرعات من المصريين وفق آلية طالب الرئيس السيسى بوضعها لجمع هذه التبرعات. وفقاً لذلك فإن مصر تكون الدولة الأولى التى تطلب تبرعات شعبها لجهود الإعمار وهو موقف ينسجم مع دور مصر تجاه القضية الفلسطينية منذ بدء هذا الصراع وحتى اليوم. يحدث ذلك رغم محاولات قلة قليلة من قوى الشر للنيل من الدور الذى تقوم به مصر وهو الأمر الذى لم تعره مصر أى اعتبار لأن مكانة مصر ودورها لا يحتاج إلى برهان أو دليل وطبقاً لإحصائيات المنظمات الدولية فإن ما يقرب من 80 بالمائة من المساعدات التى قدمت لقطاع غزة جاءت من مصر وهى المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية التى ماطلت ومازالت إسرائيل تماطل فى وصولها لأهالى القطاع. أعود إلى عملية إعادة الإعمار لنتوقف أمام بعض الحقائق التى يجب طرحها لنقاش موسع ليس على المستوى الإقليمى فقط ولكن على المستوى الدولى. إن أى حديث عن إعادة الإعمار يستثنى إسرائيل من تحمل جزء من تكلفة إعادة الإعمار رغم أنها المتسبب الأول فى حالة الدمار والخراب التى حولت قطاع غزة كله إلى أطلال وركام يحتاج إلى سنوات لإزالته قبل أن تبدأ عملية البناء من جديد إذا قدر لها أن تتم!! دعونا نقل بكل الصراحة إن قرارات المحكمة الجنائية الدولية والتى وجهت اتهامات مباشرة لكبار المسئولين الإسرائيليين ظلت حبراً على ورق أمام الصلف والغرور الإسرائيلى وهو الأمر الذى يدعونا لكى نطالب من المنظمات الدولية إجبار إسرائيل على دفع تعويضات لأهالى قطاع غزة بعد حرب الإبادة التى قامت بها ضدهم. ورغم قناعتى المسبقة أن ذلك لن يحدث نظراً للحماية التى تفرضها الولاياتالمتحدة على إسرائيل إلا أن طرح هذا المطلب قد يكشف بعض النوايا الخفية تجاه عملية الإعمار. وتتمثل هذه النوايا فى حقيقة ما سوف يتم وهل يعنى إعادة الإعمار مشروع وحلم الريفيرا الذى طرحه الرئيس ترامب أو مجرد بناء لمساكن وطرق ومستشفيات وغيرها من المرافق والبنية الأساسية لأبناء القطاع. إن ضرورة وضع مخطط شامل لإعادة الإعمار يمثل ضرورة قصوى قد يتحدد على أساسها التكلفة الحقيقية المطلوبة أيضًا لابد أن تشمل التكلفة مبالغ التأمين المطلوبة ضد أخطار إزالة الركام وعمليات الحفر المطلوبة وحقيقة وجود العديد من القذائف التى لم تنفجر والتى يجب إزالتها قبل أى عمليات للبناء ويمكن للمجتمع الدولى الضغط على إسرائيل وتكليفها بإزالة الألغام والقذائف التى لم تنفجر. لقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى عن عقد مؤتمر إعادة الأعمار خلال الشهر القادم ويبقى الأمل فى ضرورة الالتزام الإسرائيلى الكامل بكل مقترحات السلام التى أعلنها ترامب أمام قادة العالم فى مؤتمر السلام بشرم الشيخ. إن الإفراج عن الأسرى من الجانبين ووقف إطلاق النار لم يمنع إسرائيل من شن عدة هجمات على أهالى القطاع بما يمثل خرقاً للاتفاق ولاشك أن وجود بعض مسئولى الإدارة الأمريكية بالمنطقة ومتابعتهم لتطورات الموقف قد يكون فرصة أمام قادة حماس للدلالة على التزامهم بخطة ترامب. بقدر ما يبدو السلام قريباً فإنه قد يكون بعيداً إذا لم تسانده الإدارة الأمريكية بعيداً عن أحلام وأوهام الريفيرا.