تقود الدبلوماسية المصرية الخطوات العربية نحو التعامل مع الأطروحات المختلفة التى قدمها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وتستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتقدم القاهرة خبراتها المتراكمة في التعامل مع القضية الفلسطينية لقلب الطاولة على المخططات العدائية التي تخدم مشاريع إسرائيل التوسعية فى المنطقة، وهو ما أفضى إلى بلورة حلول متكاملة من المتوقع أن يجرى الاتفاق عليها وإجازتها بشكل كامل خلال الاجتماع المرتقب في العاصمة السعودية الرياض، ثم إجازتها على نطاق أوسع في القمة العربية الطارئة في مصر. ◄ خطة مصر لمنع التهجير تبدأ بإعادة تأهيل البنية الأساسية ◄ اجتماع الرياض للتوافق حول المقترح المصري ◄ قمة «إسلامية» عقب «العربية» لتأكيد الإجماع على رفض التهجير ويشارك في قمة الرياض كل من مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر إلى جانب السلطة الفلسطينية، وهذه الأطراف سبق وأن اجتمعت في القاهرة مطلع هذا الشهر وعبرت عن موقف جماعى رافض للتهجير ما يشير إلى أن هناك تحركات عربية جماعية سيرتكن عليها التعامل مع الأهداف الأمريكية - الإسرائيلية، وذلك من جانب الدول المؤثرة في القضية الفلسطينية والتى لديها قدرة الضغط على واشنطن. ◄ فراغ ترامب واستطاعت مصر أن تشغل الفراغ الذى حاول الرئيس الأمريكي اللعب عليه بشأن عدم وجود خطط أخرى فى مقابل خطته غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع، وتأتى الجهود المصرية استكمالا لاستباق القاهرة الموقف الأمريكى والإسرائيلى مع وقف إطلاق النار، إذ إنها دعت فى ذلك الحين لسرعة إعادة الإعمار وتشكيل لجنة إدارة مدنية وإحياء مقترح حل الدولتين، والآن تعمل على تقديم تفاصيل رؤيتها لمستقبل غزة والقضية الفلسطينية بالتنسيق مع الدول العربية الشقيقة، وفى ظل تجاوب من جانب المقاومة التى تدرك أهمية الحراك العربى فى ذلك الحين لمنع تصفية القضية الفلسطينية. وتعد القمة العربية المنتظرة فى القاهرة هى الأكثر أهمية على مدار عقود طويلة لأنها من المتوقع أن يترتب عليها وجود إجراءات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ومصحوبة بآليات واضحة تشكل حبل إنقاذ لقطاع غزة وتعمل على أن تبقى القضية الفلسطينية فى صدارة الاهتمامات العربية والعالمية، فى ظل اتصالات عديدة تقودها مصر والدول العربية مع الأممالمتحدة والمجتمع الدولى لتقديم الدعم اللازم لخطة اليوم التالى المصرية. ولم تكتفِ مصر بتحركاتها على المستوى العربي ودعت إلى عقد قمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامى بشأن القضية الفلسطينية بعد القمة العربية الطارئة المقررة فى القاهرة، وذلك للتأكيد على ثوابت الموقف الفلسطينى والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية، ومن المتوقع أن تشدد القمة أيضا على التمسك بحقوق الشعب الفلسطينى غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير والعيش فى وطنه وعلى أرضه. وكان وزير الخارجية بدر عبد العاطى قد أجرى اتصالات هاتفية بعدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامى، ومن ضمنها السعودية وباكستان وإيران والأردن، وذلك لبحث التطورات على صعيد القضية الفلسطينية وقد شهدت تلك الاتصالات توافقا على عقد الاجتماع. ◄ خطة مصر وقبل أيام قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: «تعدّ مصر خطة مدعومة عربياً لإعادة إعمار غزة من دون ترحيل سكانها، وتقدمها السعودية إلى الولاياتالمتحدة كحلّ بديل عن خطة ترمب المرفوضة كلياً»، فيما أكد وزير الخارجية بدر عبدالعاطى: «لدينا توافق عربى فى شأن آلية إعمار غزة ونتحدث مع الأممالمتحدة فى هذا الإطار». ووسط الرفض العربى، رحّب وزير الخارجية الأمريكى بالجهود العربية، وأكد روبيو أن الولاياتالمتحدة ستعتمد أية خطة أفضل يطرحها العرب بعد اجتماعهم المرتقب فى السعودية، وقال: «في خطة العرب يجب عدم ترك «حماس» فى غزة، سنمنح العرب فرصة ووقتاً كافياً لطرح خطتهم فى شأن غزة». ◄ اقرأ أيضًا | خاص| مصدر بحكومة غزة: القطاع يحتاج إلى 500 معدة ثقيلة.. تم إدخال 6 فقط ◄ إعادة الإعمار وقال مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، السفير محمد حجازى، إن الخطة المصرية لمنع تهجير الفلسطينيين تقوم على العمل الفورى لإعادة إعمار غزة فى ضوء ما تعرض له القطاع من حجم هائل وغير مسبوق من الدمار، وهو ما يتطلب تكاتف المجتمع الدولى لإنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة، وبالتالى فإن مصر تسعى لتنفيذ خطط التعافى المبكر وتلبية الاحتياجات الإنسانية للقطاع وإعادة تأهيل البنية التحتية الرئيسية، بما فى ذلك شبكات الطرق والصرف الصحى والمياه والكهرباء وإعادة إحياء الاقتصاد المحلى لمساعدة القطاع على التعافى من آثار العدوان ولتصبح غزة مكانا آمنا صالحا للعيش. أضاف، أن مرحلة إعادة الإعمار سوف تبدأ على الفور فى أعقاب الانتهاء من مرحلة التعافى المبكر وكان المؤتمر الدولى الذى عقدته مصر منذ أسابيع بهدف إعادة إعمار غزة وتمكين أهلها فرصة لتأكيد مساندة الأسرة الدولية وتقديمها التعهدات المالية المطلوبة لإنقاذ أهالى القطاع من الكارثة التى يواجهونها، وهناك تعويل على ألا يخذل المجتمع الدولى القطاع إنسانيا مثلما خذلهم سياسيا، على أن يستمر الضغط المصرى على إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فورى لكى لا يكون القطاع طارداً للسكان، وشدد على أن الاجتماع الخماسى فى الرياض سيكون مخصصا للاطلاع على الخطة المصرية والتوافق على بنودها، وأن القاهرة تسعى لتمرير رؤيتها بشكل سريع لتثبيت الفلسطينيين على أراضيهم وبدء عملية إعمار شاملة، وأن الجهود المصرية تسابق الزمن لتمكين الشعب الفلسطينى من أراضيه وفقا لقواعد القانون الدولى الحاكمة والتى يجب تطبيقها فى القطاع وفقا لحل الدولتين. وذكر، أن معدلات نجاح المقترح المصرى كبيرة لأن هناك رفضا قويا من جانب مصر والأردن والدول العربية لمقترح التهجير كما أن هذا الرفض يصل مداه أمميا ودوليا وهناك إدانة واسعة لمثل هذه المقترحات التى تعبر عن رغبة فى التطهير العرقى والإبادة الجماعية بحق الأبرياء وتتنافى مع القانون الدولى كما أنها تهدد مسارات أسس السلام فى المنطقة، ومصر بعثت إشارات بهذا الشأن لتذكير المجتمع الدولى بخطورة ما يتم طرحه من رؤى وأفكار والتى تهدد أمن ومصالح الولاياتالمتحدة وإسرائيل فى المنطقة. ◄ رأس الأولويات من جانبه، أكد اللواء محمد عبدالواحد، خبير الأمن القومى والعلاقات الدولية، أن مصر تحمل القضية الفلسطينية على عاتقها منذ بدء الأزمة ووضعتها على رأس أولويات الأجندة السياسية الدولية ووضعت ثوابت لا تحيد عنها وأدركت مبكراً أن الهدف ليس القضاء على حماس أو الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ولكن هناك ما هو أبعد من ذلك لتصفية القضية الفلسطينية وخدمة مشاريع توسعية إسرائيلية، وهو ما يجعل مواقفها قوية فى رفض جرائم دولة الاحتلال والوقف كحائط صد أمام مخطط التهجير. أضاف، أنه منذ أن بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب طرح فكرة خارج العقل والمنطق بدأت القيادة السياسية المصرية فى تقويض تلك الأفكار وحصارها وغلق الطريق أمام تطبيقها، وطرحت مبادرات لإعادة إعمار غزة مع وجود المواطنين على أراضيهم وهى خطوة ستكون أكثر وضوحا مع نهاية الأسبوع الجارى، مشيرا إلى أن إطارها العام يقوم على تقسيم القطاع لثلاث مناطق وتحديد أماكن لنقل الفلسطينيين فيها دخول الكرفانات وإزالة الركام والتخص منه أو إعادة تدويره خلال خطة تستمر عاما ونصفا ليكون بذلك انتهت المرحلة الأولى التى تضمن بقاء الفلسطينيين على أراضيهم، وأشار إلى أن هناك توافقا عربيا على تشكيل لجنة إدارة مدنية دون مشاركة حركة حماس فى إدارة القطاع فى الوقت الحالى لأسباب كثيرة بينها أن الحركة ليس لديها حاضنة إقليمية أو دولية تدعم استمرارها كما أن الدعاية الإسرائيلية والأمريكية عملت على شيطنتها إلى جانب ما يثار عن علاقتها بإيران، لكن هناك توافقا أيضا على أهمية المقاومة فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأنه فى المستقبل القريب ستدرك المنطقة قيمة هذه المقاومة بصرف النظر عن إيديولوجياتها وأن تمكن إسرائيل من تسوية القطاع على الأرض إلى جانب تمددها فى لبنان وفى سوريا يجعلها تشعر بنشوة انتصار زائفة تدفعها نحو التشدد بشأن تواجد حماس فى المستقبل. ◄ التوافق الفلسطيني وأكد، أهمية التوصل إلى توافق وطنى فلسطينى يتزامن مع الخطة العربية لإعادة إعمار غزة وأن استعادة الثقة بين السلطة وحماس مطلوب فى هذا التوقيت بعيدا عن الحرب الإعلامية المستعرة بين الطرفين فى وقت تواجه فيه القضية الفلسطينية مرحلة تاريخية، مشيرا إلى أن الدول العربية فى المقابل سيكون عليها التعامل مع الرفض الإسرائيلى المتوقع لعملية إعادة الإعمار لأن دخول الكرفانات وبدء إزالة الركام ليس فى صالح أهدافها التوسعية وهى لديها أهداف دينية تسعى إلى تطبيقها وتتمثل فى طرد الفلسطينيين من أراضيهم.