«النيابة الإدارية» تشرف على انتخابات «الزهور» بالتصويت الإلكتروني    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الجمعة 24 أكتوبر    أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 24 أكتوبر 2025    وزيرة التنمية المحلية: إزالة أدوار مخالفة في حي الزيتون بالقاهرة    سرقة مركبة عسكرية في غلاف غزة قبل 3 أسابيع.. وجيش الاحتلال آخر من يعلم    وفا: استشهاد شاب متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال    بريطانيا: لندن تستعد لإعلان تسريع برنامج تسليم أوكرانيا أكثر من 100 صاروخ    كلاسيكو الكرة السعودية.. التشكيل المتوقع لمباراة الهلال واتحاد جدة    خطة مانشستر يونايتد لضم نجم نوتنجهام فورست    بعثة الحكام المصريين تتوجه إلى الإمارات لإدارة مباريات كأس السوبر المصري    تفاصيل الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى اليوم الجمعة    إحباط تهريب هواتف محمولة ومستحضرات تجميل في مطار الإسكندرية الدولي    رحلة عمرها 100 عام| «روزاليوسف».. صانعة الأجيال الصحفية    اليوم.. مي فاروق تُحيي حفلها في مهرجان الموسيقى العربية بدورته ال33    طارق الشناوي: مهرجان الجونة هذا العام أكثر نضجًا    التوبة لا تغلق.. رسالة ربانية في أول آية في القرآن| فيديو    "مساجد المنيا" تستعد لصلاة الجمعة اليوم وسط التزام بالإجراءات الدينية والخدمية    فرق سلامة المرضى تواصل جولاتها الميدانية داخل الوحدات الصحية ببني سويف    المصري البورسعيدي يفاضل بين حارس الأهلي والزمالك لتدعيم صفوفه في يناير    الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين: نجاح الجهود المصرية في تثبيت وقف إطلاق النار يُمثل إنجازًا كبيرًا    فتوى اليوم | فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    آداب وسنن يوم الجمعة.. يوم الطهر والنور والعبادة    حدث عالمي ينتظره الملايين.. تجهيزات ضخمة استعدادا لافتتاح المتحف المصري الكبير    رشوة أوروبية في ملفي الهجرة وغزة.. أبرز نتائج زيارة المنقلب السيسي إلى بلجيكا    آخر فرصة للتقديم لوظائف بشركة في السويس برواتب تصل ل 17 ألف جنيه    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    محمد ثروت: «القلب يعشق كل جميل» غيّرت نظرتي للفن.. والأبنودي الأقرب إلى قلبي و50% من أعمالي معه    ارتفاع جديد في سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025.. تعرف على تفاصيل تغيير الساعة وخطوات ضبطها    مصطفى البرغوثي: الموقف المصري أفشل أخطر مؤامرة ضد الشعب الفلسطيني    تعرف على الحالة المرورية اليوم    فردوس عبدالحميد: كنت خجولة طول عمري والقدر قادني لدخول عالم التمثيل    تعطيل الدراسة أسبوعًا في 38 مدرسة بكفر الشيخ للاحتفال مولد إبراهيم الدسوقي (تفاصيل)    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين    نوفمبر الحاسم في الضبعة النووية.. تركيب قلب المفاعل الأول يفتح باب مصر لعصر الطاقة النظيفة    مستوطنون يهاجمون منازل فلسطينيين في قرية الطوبا جنوب الخليل    أسماء المرشحين بالنظام الفردي عن دوائر محافظة بني سويف بانتخابات مجلس النواب 2025    «مش بيكشفوا أوراقهم بسهولة».. رجال 5 أبراج بيميلوا للغموض والكتمان    فتاة تتناول 40 حبة دواء للتخلص من حياتها بسبب فسخ خطوبتها بالسلام    في قبضة العدالة.. حبس 3 عاطلين بتهمة الاتجار بالسموم بالخصوص    «بالأرز».. حيلة غريبة تخلصك من أي رائحة كريهة في البيت بسهولة    التجربة المغربية الأولى.. زياش إلى الوداد    82.8 % صافي تعاملات المستثمرين المصريين بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة لأسرتك    نصائح أسرية للتعامل مع الطفل مريض السكر    مصرع وإصابة شخصان إثر حريق سيارة بطريق السويس الصحراوى    فحص فيديو تعدى سائق نقل ذكى على فتاة فى التجمع    نادر العشري: الزمالك يحتاج إلى مدرب قوي الشخصية.. والأهلي لن يجد بديلًا لعلي معلول بسهولة    محمد كساب: ستاد المصري الجديد تحفة معمارية تليق ببورسعيد    مجلس الوزراء اللبناني يقر اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص    ماكرون: العقوبات الأمريكية ضد روسيا تسير في الاتجاه الصحيح    رئيسة معهد لاهوتي: نُعدّ قادةً لخدمة كنيسة تتغير في عالمٍ متحول    لماذا لم تتم دعوة الفنان محمد سلام لمهرجان الجونة؟.. نجيب ساويرس يرد    مدرب بيراميدز يتغنى بحسام حسن ويرشح 3 نجوم للاحتراف في أوروبا    راقب وزنك ونام كويس.. 7 نصائح لمرضى الغدة الدرقية للحفاظ على صحتهم    النيابة تكشف مفاجأة في قضية مرشح النواب بالفيوم: صدر بحقه حكم نهائي بالحبس 4 سنوات في واقعة مماثلة    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفتي: فوضى الفتاوى الالكترونية أصبحت سببا للطعن في الإسلام وتشويه صورته

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الإسلام وضع أسس الوحدة بين المسلمين وجعلها أصلًا من أصول الدين ومقصدًا من مقاصده العليا.
وأوضح المفتى، أن الفتوى تمثل وسيلة راشدة لترسيخ هذه الوحدة الجامعة من خلال الخطاب الوسطي الذي يجمع ولا يفرق ويعلي من قيم الرحمة والتعايش والتعاون بين أبناء الأمة، مضيفًا أن الدين الإسلامي حين نظر إلى المسلمين نظر إليهم كأمة واحدة لا كجماعات متفرقة، فجعل كلمة التوحيد أصلًا يجمعهم، ووحد صلاتهم وصومهم وحجهم في مواعيد ومظاهر تعكس معاني التآلف والاصطفاف الإيماني، مشيرًا إلى أن قوة الأمة تكمن في وحدتها وتماسكها، وأن مظاهر العبادة من صلاة وصوم وزكاة وحج تؤكد أن الإسلام قد صاغ مشروعًا متكاملًا لبناء أمة واحدة قادرة على أن تشهد على الناس جميعًا وأن الوحدة هي سر البقاء والعزة، وأن الخلاف والفرقة لا يثمران إلا الضعف والهوان، وقد جاءت النصوص القرآنية لتؤكد ضرورة الاعتصام بحبل الله ونبذ التنازع الذي يؤدي إلى الفشل وضياع القوة، مستشهدًا بقوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا)، وبقوله تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) كما أشار فضيلته إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التقاتل والاختلاف، وشبه المؤمنين في توادهم وتعاطفهم بالجسد الواحد الذي يتألم كله إذا اشتكى منه عضو، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها بجامعة العلوم الإسلامية في ماليزيا بعنوان "دور مؤسسات الفتوى في توحيد الأمة"
وأوضح مفتي الجمهورية، أن الوحدة الإسلامية تمثل القلب النابض للأمة، وهي الحارس الأمين الذي يصونها من المتربصين والماكرين، وأن دعوتنا إلى الوحدة لا تعني أبدًا الانغلاق عن الآخرين، بل هي خطوة نحو تحقيق الوحدة الإنسانية الجامعة القائمة على البر والعدل والتعاون، وأكد أن على الأمة الإسلامية أن تعي أن وحدتها وتماسكها هما الطريق إلى الحفاظ على تراث الإنسانية وخدمة السلام العالمي، مشيرًا إلى أن الوحدة الإسلامية التي دعا إليها الإسلام تتسق مع السنن الكونية والحضارية التي تحكم بقاء الأمم وازدهارها، وأن التفريط في هذه الوحدة هو تفريط في وجود الأمة ومكانتها وشدد على أن هذه الوحدة تجعل كلمة المسلمين مسموعة في العالم ومؤثرة في القرارات الدولية، لافتًا إلى أن قضية فلسطين تبقى أبرز دليل على ازدواجية المواقف الدولية تجاه قضايا المسلمين، وهي القضية التي تمثل ميزان الحق والعدل في ضمير الإنسانية، مثمنًا مواقف الدول العربية والإسلامية المخلصة، وفي مقدمتها مصر وماليزيا، في دعم القضية الفلسطينية وصون حقوق أبنائها
اقرأ أيضا| شوقي علام مفتي الجمهورية السابق يؤدى اليمين بالجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن تحقيق الوحدة الإسلامية يتطلب خمسة مسارات رئيسة، هي التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ووقف توظيف الخلافات التاريخية، والالتفاف حول الأصول المشتركة الجامعة، وتقبل الاختلافات الفقهية بروح علمية راشدة، ونبذ التطرف والغلو والتمسك بالقيادات الدينية والسياسية الرشيدة، محذرًا من الانشغال بالخلافات المذهبية التي استغلها المتربصون لإضعاف الأمة وتمزيق صفها وأوضح فضيلته أن الانتماء الوطني لا يتعارض مع الانتماء الإسلامي بل يتكامل معه في خدمة الإنسان وبناء الأوطان، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك)، ومؤكدًا أن حب الوطن غريزة فطرية أقرها الإسلام وجعلها جزءًا من الإيمان والولاء الصادق للأمة والدين.
وأوضح أن الفتوى تمثل ركيزة أساسية في بناء الوعي وضبط السلوك الشرعي، ومعناها الاصطلاحي هو تبيين الحكم الشرعي للسائل عنه، وهي مهمة جليلة لا يقدر عليها إلا من جمع بين العلم والتقوى، فمن تصدى لها دون علم فقد تجرأ على الله ورسوله وأسهم في تفريق الأمة وإضعاف وحدتها، موضحًا أن الله تعالى تولى منصب الإفتاء بنفسه كما قال سبحانه: ﴿ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن﴾، وجعل الإفتاء من وظائف النبوة لقوله تعالى: ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾، وأن الفتوى كانت ولا تزال من أبرز وسائل البيان والدعوة إلى الله تعالى ، إذ يقوم المفتي بدور الداعية والمرشد والمصلح الاجتماعي، يوجه المستفتي إلى طريق الهداية والصواب، ويعالج القضايا الفردية والأسرية والمجتمعية بالحكمة والبصيرة، ويزيل الشبهات المتعلقة بالإسلام بالحجة والبرهان وأكد أن الفتوى تعد صمام أمان يحمي الأمة من الانحراف والتطرف، ويحصن وعيها من الأفكار الهدامة، وتتكامل مع الجهود التربوية والإعلامية والقانونية في ترسيخ الأمن الفكري وبناء الإنسان، كما تؤدي دورًا محوريًا في تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ الهوية الجامعة وإعلاء قيم المواطنة والتسامح والتعايش وقبول التنوع، وتجمع بين العقل والنقل في منظومة فكرية متكاملة تسهم في النهضة الحضارية ودعم الإبداع والابتكار والفن الهادف الذي يعزز القيم الأخلاقية والإنسانية، وأوضح أن الفتوى تظل الحارس الأمين على فكر الأمة ووحدتها، تحميها من الفتن والاضطرابات وتمنع تمزق الصف وتفرق الكلمة، وتثبت المجتمع أمام حملات التشكيك والتشويه التي تستهدف ثوابته وهويته.
وبيّن أن مؤسسات الفتوى الرسمية تواجه اليوم تحديات جسيمة مادية ورقمية تهدد وحدتها ورسالتها، من أبرزها تصدر غير المتخصصين للفتوى، ممن تجرؤوا على القول في دين الله بغير علم، دون تأهيل علمي أو انتساب إلى المؤسسات الراسخة، فصاروا خطرًا على وعي الأمة، وهؤلاء داخلون في الوعيد النبوي في قوله صلى الله عليه وسلم (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)، وقوله صلى الله عليه وسلم (من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه) وأكد أن السلف الصالح كانوا يدركون خطورة هذا المقام، فقد قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا) وقال ابن مسعود رضي الله عنه: من أفتى الناس في كل ما يسألونه فهو مجنون، مبينًا أن علماء الأمة كانوا يرون الفتوى مقامًا عظيمًا لا يتصدر له إلا من جمع بين العلم والفهم والورع والبصيرة بالواقع واستشهد بقصة صاحب الشجة الذي أُفتي بغير علم فاغتسل فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال)، مؤكدًا أن هذه الحادثة تجسد خطورة القول على الله بغير علم وأوضح أن هؤلاء المتصدرين بغير علم أضروا بالإسلام أكثر مما نفعوا، واتخذ أعداء الدين من فتاواهم المشوهة وسيلة لتشويه صورته عالميًا، داعيًا إلى التصدي لهم ونشر الوعي الصحيح الذي يحصن الناس من الانسياق خلف هذه الأصوات المتطفلة.
ونبّه مفتي الجمهورية، إلى فوضى الفتاوى في الفضاء الافتراضي التي تصدر من غير ذي صفة، مخالفة لمقاصد الشريعة، فأصبحت سببًا للطعن في الإسلام وتشويه صورته، وساعدت وسائل التواصل الاجتماعي على انتشارها حتى صار كل من يملك صفحة إلكترونية يظن نفسه أهلًا للإفتاء، مما انعكس سلبًا على الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي، مؤكدًا أن تسميتها "فتاوى" من باب المجاراة فقط، لأنها في حقيقتها دعوات إلى الإفساد في الأرض.
وخلال الكلمة أشار المفتي إلى أن مما يزيد الأمر خطورة في عصرنا الحاضر سرعة انتشار الفتاوى المضللة وتداولها دون رقيب أو وازع مما يزعزع الثقة في المرجعيات الدينية الرسمية ويثير البلبلة في نفوس العامة خاصة في القضايا المعقدة التي تحتاج إلى تأصيل علمي ونظر دقيق مؤكدًا أن المؤسسات الدينية مطالبة اليوم بتكثيف جهودها في مراقبة المشهد الإفتائي وتعزيز حضورها في الفضاء الرقمي وتأهيل الكوادر القادرة على التفاعل مع المستجدات ومخاطبة العقول بلغتها المعاصرة مع الالتزام بالمنهج الرشيد الذي يجمع بين الأصالة والتجديد موضحًا أن ما نراه من بعض الفتاوى الشاذة المتعلقة بمسائل المرأة والتي تنكر عليها حقوقها الفطرية والأسرية والمجتمعية وتمتنع عن ذكر أسمائها بزعم أن ذلك عيب أو باب من أبواب الفتنة إنما هو لون من ألوان الانحراف الفكري البعيد عن هدي الإسلام وسماحته مبينًا أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى في أوائل البعثة صفية بنت عبد المطلب وفاطمة بنت محمد رضي الله عنهما داعيًا إياهما إلى معرفة الله والإيمان به وحده وأنه لم يُعرف عن أحد من الفقهاء أنه قال إن اسم المرأة عورة أو صوتها عورة معتبرًا أن هذه النماذج ليست إلا أمثلة على فتاوى شاذة أوقعت الناس في الحيرة والاضطراب وشوهت صورة الإسلام وأضرت بثقة الشباب في دينهم ودعت بعضهم إلى الإلحاد والانحراف الفكري داعيًا إلى تكاتف الجهود في مواجهتها والحد من آثارها المدمرة على الوعي العام.
وذكر أن جماعات العنف والتطرف حاولت النفاذ إلى قلوب الناس عبر الفتوى الدينية فأنشأت مواقع وصفحات تحمل أسماء براقة وأصدرت كتابات تتضمن محتويات إفتائية باطلة في قضايا فكرية ومجتمعية بالغة الخطورة تتعلق بتكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم بدعوى الردة لأدنى سبب حتى تطورت هذه الفتاوى إلى إباحة الحرق وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث وتقديم ذلك كله على أنه من الإسلام وهو منه براء مما أدى إلى تشويه صورة الدين وإثارة الفتن وزعزعة الاستقرار المجتمعي والدولي وأوضح أن من أبرز مظاهر الخلل كذلك انتشار مسلكي التساهل والتشدد في الفتوى بين بعض المتصدرين للإفتاء حيث نجد من يتساهل في التكييف الشرعي بما يخالف مقاصد الشريعة الكلية ومن يتشدد بلا فقه فيضيق على الناس وينفرهم من الدين وقد نهى العلماء عن هذين الطرفين لما فيهما من إخلال بوظيفة الإفتاء وانحراف عن مقصوده الأصيل في التيسير والرحمة بالناس مستشهدًا بقول الإمام النووي رحمه الله: يحرم التساهل في الفتوى ومن عرف به حرم استفتاؤه، مشيرًا إلى أن الدين في جوهره يسر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).
وبين أن ضعف التأهيل العلمي والروحي لدى بعض المتصدرين للفتيا يعد من أخطر أسباب الانحراف في الإفتاء لأن المفتي لا بد أن يجمع بين العلم الراسخ والتقوى والبصيرة بالواقع ومقاصد الشريعة وأن غياب المرجعية المؤسسية الموحدة للإفتاء في كثير من المجتمعات أتاح الفرصة للفوضى الإفتائية والفكرية أن تستشري وأضعف الثقة في المؤسسات الرسمية مما يستدعي إعادة الاعتبار لها وتعزيز دورها في قيادة الوعي الديني وبناء خطاب شرعي رشيد يجمع بين الأصالة والتجديد مؤكدًا أن المنهجية الصحيحة لصناعة الفتوى الرشيدة تقتضي معالجة القضايا بمنهج قرآني منضبط ينطلق من النصوص المحكمة ويستأنس باجتهادات العلماء قديمًا وحديثًا لتحقيق التوازن بين المصالح والمفاسد دون تقديس للأقوال أو جمود على الاجتهادات القديمة مع ضرورة التجديد في ضوء فهم عميق للواقع المعاصر.
تأتي هذه المشاركة في إطار التعاون العلمي والتواصل الحضاري الذي ترسخه دار الإفتاء المصرية مع المؤسسات الدينية والفكرية في مختلف دول العالم، انطلاقًا من دورها الرائد في نشر الفكر الوسطي وتبادل الخبرات في مجال الإفتاء وصناعة المفتي الرشيد، حيث تعمل الدار على نقل تجربتها المتكاملة في تطوير المنظومة الإفتائية وبناء الوعي الديني المستنير القائم على الفهم العميق للنصوص الشرعية واستيعاب متغيرات العصر، بما يعزز من حضور الإسلام في ساحات الحوار الإنساني ويُسهم في ترسيخ قيم الرحمة والعقلانية والتعايش، ويجعل من الفتوى رسالة حضارية تسهم في تحقيق الاستقرار الفكري والمجتمعي بين الشعوب
وفي إطار السعي إلى توحيد كلمة المسلمين في مجال الفتوى وتنسيق الجهود بين هيئاتها المختلفة، تم تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم لتكون المظلة الجامعة التي تحتضن هيئات الإفتاء في الدول الإسلامية ولدى الجاليات المسلمة حول العالم، انطلاقًا من إيمانها بأن الفتوى الصحيحة تمثل إحدى الركائز الرئيسة في توحيد الأمة وبناء الفرد والمجتمع والدولة على أسس من الوعي والاستقرار والفاعلية بين الأمم.
وتسعى الأمانة العامة إلى تحقيق منظومة متكاملة من الأهداف والمقاصد السامية، في مقدمتها دعم السلم الوطني والعالمي من خلال مواجهة الفكر المتشدد ومحاربة الفتاوى المنحرفة ونشر قيم الوسطية والاعتدال، إلى جانب إعداد وتأهيل القيادات الدينية القادرة على تجسيد قيم التعايش المشترك والانفتاح على الثقافات الإنسانية بروح من الفهم العميق والتوازن الدقيق، كما تعمل الأمانة على تبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء، وتقديم الاستشارات العلمية والشرعية التي تسهم في تطوير الأداء الإفتائي ورفع كفاءته، فضلًا عن بناء شراكات علمية ومؤسسية تعزز المنهج الوسطي في بلادها بوصفه خط الدفاع الأول عن صحيح الدين، والمشاركة في تجديد الخطاب الديني عبر تقديم النماذج الواقعية في التجديد والتطوير وترسيخ المفاهيم البناءة التي تُسهم في تصحيح الصورة الذهنية عن الإسلام ومواجهة الفكر المتطرف الذي يسعى إلى تشويه رسالته السمحة.
وتمضي الأمانة العامة في عملها لتحقيق التكامل بين دور وهيئات الإفتاء وتقريب وجهات النظر بينها عبر التشاور العلمي والتنسيق المؤسسي، ودعم العلماء أصحاب المنهج الوسطي المعتدل، وتعزيز التقريب بين المذاهب الإسلامية المعتبرة بما يرسخ روح الوحدة بين أبناء الأمة كما تولي الأمانة اهتمامًا كبيرًا بإعداد الكوادر الإفتائية وتنمية مهاراتها الميدانية والبحثية، والتصدي لكل صور الفوضى والتساهل أو التشدد في الفتوى حماية لقدسية هذا المقام الجليل، إلى جانب نشر القيم الحضارية للإفتاء في العالم والمشاركة في صياغة فلسفة البناء الإنساني القائم على العدل والرحمة والعلم والعمل.
وفي ختام الكلمة أكد المفتي أن الفتوى ليست مجرد بيان حكم شرعي في مسألة جزئية، بل هي رسالة سامية تسهم في بناء الوعي وترسيخ الاستقرار وتوحيد صف الأمة على منهج الوسطية والاعتدال، وأن دار الإفتاء المصرية بما تمتلكه من خبرات علمية ورؤية واعية ماضية بإذن الله تعالى في أداء رسالتها العالمية ترسيخًا لمنهج الاعتدال ودعمًا لجهود السلم والتعايش، وإيمانًا منها بأن الإسلام دين رحمة وعدل وعلم وعمل، وأن التعاون بين المؤسسات الدينية والمجتمعية في العالم هو السبيل لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية وجمعها على كلمة سواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.