أبرز بنود «إعلان القاهرة» خلال الجلسة الختامية لاجتماع وزراء السياحة بدول منظمة (D-8)    الخارجية الأمريكية: الاتفاق مع الحوثيين يتعلق فقط بوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر    السيسي يهنئ فريدريش ميرز بانتخابه مستشارا لألمانيا    منتخب مصر لرفع الأثقال يحقق أرقاما قياسية بالجملة في بطولة العالم للناشئين    التعادل يحسم نتيجة مباراة زد ضد الاتحاد السكندري في الدوري المصري الممتاز    ضبط 8 طالبات بالصف الثاني الإعدادي لتعديهم على زميلتهم في العاشر من رمضان    محكمة النقض تحدد جلسة لنظر طعن سائق «أوبر» المدان في قضية «فتاة الشروق»    منطقة أهرامات الجيزة تستقبل وزير السياحة التركي    ما حكم ترك ركن من أركان الحج؟.. القاعدة الشرعية    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    "الأزهر" يرفض و"الأوقاف" تتغول على صلاحياته " .."برلمان الانقلاب " يقر قانون تنظيم الفتوى بعد فتوى الدكتور "إمام    في اليوم العالمي للربو 2025.. كيف تسيطر على النوبة؟    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    "قومي المرأة" يشارك في تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لحماية المرأة    الكرملين: بوتين سيزور الصين في أغسطس المقبل    نجوم الفن وصناع السينما يشاركون في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    أحدث ظهور ل ابنة نور الشريف    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    بولندا تتهم روسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    محافظ دمياط: إطلاق حزمة من الإجراءات لإحياء حرفة النحت على الخشب    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    رئيس شباب النواب: استضافة مصر لبطولة العالم العسكرية للفروسية يعكس عظمة مكانتها    رافينيا يرشح محمد صلاح للفوز بالكرة الذهبية    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الحكومة المؤقتة في بنجلاديش    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    مشروبات صحية يُنصح بتناولها لمرضى السرطان    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    باكستان تتهم الهند بوقف تدفق مياه نهر تشيناب    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    إلغاء الرحلات الجوية بعد استهداف مطار بورتسودان بمسيرات للدعم السريع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعاون بين الأزهر والإفتاء للحد من فوضى الفتاوَى: رؤية «الأمن الفكرى»

حالة من النشاط الإفتائى تقوم به دار الإفتاء المصرية بقيادة د.نظير عياد مفتى الجمهورية من أجل تحقيق الوعى الفكرى والدينى الصحيح فى مواجهة الإفراط والتفريط الذى يستهدف تضليل الناس، وخَلق حالة من عدم الأمن المجتمعى.. وفى هذا الإطار عقدت دار الإفتاء يومىّ الأحد والاثنين الماضيين الندوة الدولية الأولى التى تعقدها دار الإفتاء المصرية بمناسبة اليوم العالمى للفتوى تحت عنوان: «الفتوَى وتحقيق الأمن الفكرى» المنعقدة برعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ضمن منظومة بناء الإنسان والحفاظ على وعيه الفكرى.
ولكون الفتوَى من أهم عوامل التكوين الفكرى لدى المجتمعات الإسلامية أكد الدكتور نظير عيَّاد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم، على أهمية التكامل نحو صياغة خطاب إفتائى رشيد يبين صحيح الدين ويحقق مقاصده، بالإفادة من الثقافات المتنوعة، والأطروحات التجديدية الكريمة التى يطرحها العلماء.

وأضاف خلال كلمته بالندوة: إن هناك تحديات جسيمة وخطيرة تواجهنا فى الواقع الذى نعيشه اليوم، وتعد هذه التحديات المهدد الرئيس لأمننا ومجتمعاتنا بشكل كبير، ومنها بلا شك: «الفتاوَى الشاذة» أو «فوضى الفتاوَى»، التى تصدر من غير ذى صفة فى الفتوَى، وتكون فُتياه عارية عن النظر والاستدلال الصحيح المتفق مع نصوص الشريعة الكلية ومقاصدها الكريمة، أو تصدر ممن ظن أنه بمجرد قراءة بسيطة فى بعض الكتب أو المواقع قد أصبح بها فى مصافِّ أهل الفتوَى؛ وهذه الفتاوَى أصبحت سببًا للطعن فى الإسلام وتشويه صورته، ومعوقًا رئيسًا لتحقيق الأمن والاستقرار، ولا شك أن تسميتها فتوى هو بالأساس من باب المجاراة، وإلاّ فحقها أن تسمى دعوة أو دعوات للإفساد فى الأرض، فإن التطرف نحو تكفير المسلمين، واستباحة دمائهم، وتخويف الآمنين وترويعهم ليس من الإسلام فى شىء.

كما أكد أن وسائل التواصل الاجتماعى ساعدت على انتشار هذه الفوضى، حتى إننا نجد عدد المفتين فى الواقع الافتراضى يكون بعدد مَن لهم صفحات أو مواقع عليها، الأمر الذى أثر بالسلب على الأمن الفكرى والاستقرار المجتمعى بشكل خطير، ومن ثم فإن المرء ليتعجب عندما ينظر فى حال هؤلاء القوم ويقارن بينهم وبين حال الصحابة الكرام رضى الله عنهم الذين كانوا يتورعون عن الفتوَى بالأساس.

وشدّد قائلاً: عندما نتحدَّث عن الأمن الفكرى نقصد به حماية العقول الإنسانية من أيِّ تطرف أو غلو فى فهم النصوص الدينية، أو تطبيقها بشكل خاطئ على أرض الواقع، ونهدف بذلك إلى ضرورة تصحيح المفاهيم المغلوطة وصيانة الأفكار من كل انحراف أو شذوذ فكرى، وبذل الجهود نحو تحصين الشباب من الاستقطاب الفكرى الذى تحرض عليه الجماعات المتطرفة، وحمايتهم من الجنوح نحو الإلحاد والإباحية. وإننا فى الوقت ذاته نواجه منهجَى [الإفراط والتفريط]، ونبحث كيف نحمى الإنسان من شرورهما الإثيمة، لذا فإن اهتمامنا بالأمن الفكرى وقضاياه المتنوعة يأتى من منطلق الترابط الوثيق بينه وبين الأمن المجتمعى، فهو أهم ركائزه الرئيسة؛ لأنه مرتبط بالفهم الوسطى والمعتدل لصحيح الدين، ويشكل هوية الأمة وعقيدتها فى النواحى الدينية والمدنية، ويبنى إنسانًا صالحًا سليمًا من الأفكار المتطرفة، فاعلًا فى المجتمع، مشاركًا فى استقراره وتعزيز أمنه وسلامته.

دعائم الأمن الفكرى

وشدد المفتى على أن الفتوَى لها دَور مهم فى إرساء دعائم الأمن الفكرى، من خلال: تعزيز الانتماء الوطنى والشعور بالهوية، وإرساء مبادئ المواطنة الشاملة، التى تقوم على التعايش والتسامح وقَبول التنوع الدينى والعِرقى والمجتمعى فى الوطن الواحد، وتجلى قيمة العقل والفكر والعلم، وتعلى من شأن العلوم الإنسانية وتنظر إليها باعتبارها تتكامل مع العلوم الأخرى من أجل تحقيق النهوض الحضارى المنشود، وتدعم الابتكار والإبداع والفن الذى يعزِّز القيم الأخلاقية والمجتمعية، كما أنها بمنزلة الحارس الأمين الذى يحرس الأمة من الفتن والاضطرابات والحيرة والبَلبلة التى تنشرها الجماعات المتطرفة فى المجتمع. وفى سياق ذى شأن أوضح فضيلة المفتى أنه وفقًا لمكانة الفتوَى وقيمتها وجدنا جماعات العنف والتطرف قد حرصت على أن تنفذ لقلوب الناس من خلالها، فأنشأت مواقع ودوائر إفتائية بمسميات دينية براقة، وأصدرت كتابات تتضمَّن محتويات إفتائية فى قضايا فكرية ومجتمعية بالغة الخطورة، تتعلَّق بتكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم بداعى الردَّة لأدنى سبب، وتطورت فتاوى التكفير إلى الحكم على الإسلام بالإرهاب وعلى المسلمين بالتعصب والدموية.

وقد قامت دار الإفتاء المصرية بجهود كبيرة وفعالة فى تعزيز الاستقرار المجتمعى ودعم ركائز الأمن الفكرى على مدار مسيرتها الدينية والوطنية، منذ تأسيسها حتى هذه اللحظة التى أقف فيها بين يدى حضراتكم الآن، وتأتى هذه الندوة المباركة امتدادًا طبيعيًّا لهذه الجهود، ومن المهم أن أعلن لحضراتكم عن استراتيجية دار الإفتاء المصرية لتحقيق الأمن الفكرى فى المرحلة المقبلة، والتى ستكون وفق المسارات الآتية:

المسار الأول: تفعيل مشروع «التجديد المؤسسى لقضايا الفكر والمجتمع»، والذى يأتى امتدادًا لما قام به الأزهر الشريف فى مؤتمر (التجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية عام 2020م)، وسيكون ذلك من خلال التعاون والتكامل مع جميع المؤسسات الدينية والمجتمعية المصرية وفى مقدمتها «الأزهر الشريف» برعاية فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب (حفظه الله ورعاه)، بهدف التعاون والتكامل نحو رصد القضايا والإشكاليات الملحَّة فى الواقع، لدراستها دراسة فقهية وإفتائية جادة تنتهى إلى صياغة الحكم الشرعى صياغة دقيقة ومحكَمة تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، وتراعى المصالح الوطنية والمجتمعية، وتغلق الباب أمام كل متربص بالإسلام أو مزايد على صلاحيته لكل زمان ومكان، مع ضرورة إتاحتها والترويج لها بشكل مجتمعى مناسب يُسهم فى تعزيز الوعى عند أفراد المجتمع، الأمر الذى سيتحقق به الأمن الفكرى.
وأوضح أنه فى الوقت نفسه ستقوم «الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء بالعالم» بالتواصل مع جميع دور وهيئات الفتوَى بالعالم لرصد القضايا والإشكاليات الملحَّة عندهم والتعاون معهم بهدف بيان وجهة النظر الشرعية المناسبة لهذه القضايا، بما سينعكس بشكل إيجابى على السِّلم والأمن الدولى والمجتمعى.

المسار الثانى: تدشين العديد من البرامج المجتمعية التى تُعنى بقضايا الأمن الفكرى، مع نشر الوعى بمخاطر منهجَى الإفراط والتفريط وتداعياتهما السلبية على الأمن المجتمعى، والتحذير من خطورة الاستقطاب نحو الأفكار المنحرفة، وتعزيز القيم والمبادئ التى تُعنى ببناء الإنسان بناءً معرفيًّا وثقافيًّا وجسديًّا وروحيًّا بناءً جادًّا، وذلك وفق خطة دقيقة ومحكمة سيلتقى فيها أمناء الفتوَى بالدار جميعَ أطياف المجتمع ومؤسساته للردِّ على أسئلتهم واستفساراتهم حول القضايا الملحة والمستجدة.

المسار الثالث: تطوير «وحدة حوار» بهدف تعزيز الأمن الفكرى عند الشباب، وبناء الجسور المعرفية والثقافية مع جميع أفراد المجتمع، وتعزيز مكانة المرجعية والمؤسسات الدينية التى حرصت – ولاتزال – الجماعات المتطرفة على تشويهها. وهذا التطوير سيكون بدفع طاقات شبابية جديدة قادرة على الحوار الجاد الذى يقوم على تعزيز قضايا الأمن الفكرى بناء على حجج عقلية وبراهين منطقية، لا يستطيع طرفا الإفراط والتفريط نقضها أو تجاوزها، بالإضافة إلى تحديث البرامج التدريبية التى تؤهل أعضاء هذه الوحدة تأهيلًا معرفيًّا وثقافيًّا جادًّا يحقق غايتها ورسالتها التى أُنشئت من أجلها. المسار الرابع: تكليف «مركز سلام» التابع لدار الإفتاء المصرية بالتواصل مع مؤسسات وهيئات البحث العلمى لدراسة الظواهر والأفكار المهددة والمعوقة لتحقيق الأمن الفكرى، دراسة علمية جادة تتكامل فيها وجهات النظر والرؤى الدينية والإنسانية حتى تؤطر مخرجاتها للإجراءات الواقعية والمناسبة لتعزيز وتحقيق الأمن الفكرى.
المسار الخامس: تعزيز قدرات دار الإفتاء فى مواجهة «الإرهاب الإلكترونى» الذى يعدُّ أكبر مهددات الأمن الفكرى والمجتمعى، والذى تكرس له الحركات والجماعات المنحرفة جهودها، بهدف نشر العنف، وزعزعة الثقة بين أفراد المجتمع، ونشر الشائعات المغرضة، ومحاولة تجنيد الشباب لأفكارها الإرهابية المتطرفة، والابتزاز المادى والمعنوى الذى تمارسه بحق بعض الأفراد والأُسر، وغير ذلك مما يهدد أمن المجتمع ويزعزع استقراره، وستبذل الدار جهودًا حثيثة فى مواجهة ذلك من خلال صفحاتها ومواقعها على وسائل التواصل الاجتماعى، وكذلك من خلال برامجها التوعوية الميدانية على أرض الواقع.
الفتوَى وإصلاح الحياة
فيما أكد الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، أن الفقه وهو حكاية أحكام الله، ولا يمكن أن يُستثمر فى إصلاح حياة الناس إلا بعد دراية وافية من الفقيه المفتى بأحوال الناس وعلومهم ومعارفهم ونوازلهم، مستشهدًا بما ما أُثر عن الإمام الشافعى قوله: «أقمت عشرين سنة أطلب أيام الناس»، مبيِّنًا أن المراد بكلمة «أيام الناس» يتسع ليشمل ما يجرى فى واقع الناس من الفلسفات والعقائد والأفكار والتيارات والعقود والبيوع وغيرها من شتى صور الحياة.
وأكد وزير الأوقاف أن الإمام الشافعى (رحمه الله) بذل من عمره عشرين سنة للعناية بهذا الفن؛ لأنه يعين على الفقه، ويبنى الجسور بين الإفتاء وبين الأمن الفكرى، وبين الفقه ومواجهة التطرف، ويبنى العلاقات بين علوم الشريعة وعلوم الاجتماع، وعلم النفس وعلوم الإدارة وقوانين الدول وأحوال العالم.

وشدد أن المفتى إذا تحقق بعلومه على وجه الكمال كان أول راصد للأخطار والأفكار التى تنبت فى المجتمع، فيواجه ويتصدى؛ ليقوم بدوره المنوط به من وراثة النبوة على أكمل وجه، وليصون المجتمع من الأفكار التى انقطعت صلتها عن الشرع الشريف.
وأوضح أن دار الإفتاء المصرية سبقت لتحقيق الأمن المجتمعى.. حيث أطلقت مركزًا سمته ب«مركز سلام» لمواجهة التطرف والإرهاب، وأطلقت وحدة لمواجهة الإلحاد، وتصدت لشئون المجتمع وقضاياه وهمومه ونوازله ومستجداته.
رؤية الأزهر
وعن رؤية الأزهر حول أهمية الفتوَى وتحقيقها للأمن المجتمعى الفكرى أكد د.محمد الضوينى، وكيل الأزهر، إن العالم يمر بأزمات يندى لها جبين البشرية، وإن عالمنا الإسلامى والعربى ليس بمعزل عنها، موضحا أن منطقتنا العربية تعرضت خلال السنوات القليلة الماضية إلى كوارث متلاحقة أصابت كثيرا من الناس فى دمائهم وأموالهم وأعراضهم، نتيجة أفكار وانحرافات عن جادة الصواب استغلها المغرضون لتدمير عقول الشباب وتفكيك وحدة الأوطان فغاب الأمن والأمان، وذلك فى الوقت الذى نقر فيه أن الشريعة الإسلامية بما فيها من أحكام مختلفة تحرص على تحقيق الأمن والطمأنينة فى حياة الأفراد والمجتمعات.

وأوضح وكيل الأزهر، أن ظهور متطفلين على الفتوَى؛ ساهم فى تعميق أزمات عالمنا العربى والإسلامى، مبينا أن ما أتاحه الإعلام ووسائله المتنوعة، وخاصة وسائل التواصل التى سهلت انتشار الفتوَى، ونشرها فى الآفاق، ربما ساعد على هذا التطفل، كاشفا عن أنه كلما كانت الفتوَى أكثر شذوذا وغرابة، ازداد الاهتمام بها وتناقلتها الوسائل المشبوهة وصورت للناس أن هذا هو الإسلام وأحكامه.
وبيّن الدكتور الضوينى، أن الناظر إلى واقع الناس فى تعاملهم مع الفتوَى يرى فوضى لا ضابط لها، فمن فتوى موجهة، إلى فتوى عمياء، إلى فتوى صحيحة ولكنها غير محاطة بأسوارها الفقهية، إلى فتوى تنشر حيث ينبغى أن تمنع! قائلا: «ليت الأمر مقصورا على العلماء المتخصصين أو مؤسسات الإفتاء الرسمية، وإنما يزاحم هؤلاء دخلاء على الإفتاء من كل حدب وصوب، ممن لم تتوفر فيهم شروط الفتوَى، وليست لديهم ملكة فقهية، موضحا أن موطن الداء فى هذه الفتاوَى غير المؤصلة وهؤلاء المفتين المفتونين بالشاشات والصفحات أنها لا تعبر إلا عنهم أو عن مذهبهم أو عن جماعتهم، وأنها قد تغفل أبعادا أخرى ضرورية فى صناعة الفتوَى.
وأكد وكيل الأزهر أن الإسلام وأحكامه لا يعرف إلا من خلال أهل العلم المعتبرين الذين أوجب الله تعالى على العامة الرجوع إليهم، وأن الفتوَى البصيرة عامل مهم من عوامل استقرار النفوس، وأمن المجتمعات، إذا وضعت فى إطارها الصحيح ووجدت من يقدمها بعيدا عن الأهواء والشهوات ومحاباة الاتجاهات الفكرية وغيرها.

ضبط الفتوَى
وخلال فعاليات الجلسة العلمية المنعقدة بعنوان: «دَور الفتوَى فى إرساء دعائم الأمن الفكرى» ضمن فعاليات ندوة الإفتاء الدولية الأولى أكد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن العلماء هم القادرون على استنباط الفتاوَى الدقيقة التى تتناسب مع تغيُّر الأزمنة والأماكن، وأن الفتوَى مرشدٌ مهم للمسلمين فى عباداتهم ومعاملاتهم اليومية، وهى جزء لا يتجزأ من استقرار المجتمعات الإسلامية. وتكمن أهمية الفتوَى فى إرساء الأمن الفكرى من خلال التصدى للمفاهيم المغلوطة والانحرافات الفكرية.
ولفت إلى تأثير الفتوَى على الأمن الفكرى، وقد أدرك الناس خلال السنوات الأخيرة تأثير الفتوَى على الأمن الفكرى، وذلك على أثر انتشار الفتاوَى غير المنضبطة التى تسبَّبت فى جدل بين العامة والخاصة؛ ما أثَّر سلبًا على استقرار الفكر المجتمعى، مثل فتاوى تسوية الميراث بين الرجل والمرأة أو نفى فرضية الحجاب وغيرها من الفتاوَى التى تضر بالأمن الفكرى للمجتمع.
كما تحدَّث عن الفتوَى غير المنضبطة، مؤكدًا أن هناك مَن يتصدر للإفتاء دون مؤهلات علمية كافية، ما يؤدى إلى إصداره فتاوى مغلوطة. هؤلاء يُفتون بآراء لا تستند إلى دليل شرعى، بل يزعمون أنها الحق ويستندون إلى مفاهيم خاطئة، ما يخلق تباينًا فى الفَهم ويؤدى إلى التفرقة، ومن بين الفتاوَى المرفوضة تلك التى تدعى المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث بشكل غير دقيق، أو التى تنكر فرضية الحجاب أو تحلل الخمر. هذه الفتاوَى تتنافى مع الثوابت الشرعية وتؤدى إلى الفوضى الفكرية.

وتابع مؤكدًا أن الأمن الفكرى لن يتحقق إلا إذا انضبطت الفتوَى وتوقَّفت عند حدودها الشرعية، ومن ثم يجب حصر الفتوَى على مَن لديهم التأهيل العلمى من العلماء المعتبرين ومن خلال مؤسسات الإفتاء الرسمية فقط، وعدم السماح لغير المؤهلين بالتصدى لها.
كما أشار إلى أن الإمام ربيعة بن عبدالرحمن أكد أن الفتوَى يجب أن تكون من أهل العلم الذين يفهمون الواقع والعرف المحلى، وأن يتجنب المفتى الجمودَ على ما هو موجود فى الكتب دون مراعاة تغيرات الواقع.
وأن الفتوَى يجب أن تكون بعيدة عن الهوى الشخصى أو التريندات الإعلامية، ذلك لأن المفتى يجب أن يتحرى الحق ويبتعد عن الإفتاء بما يتماشى مع الأهواء أو تطلعات الجمهور، وهذا يتطلب وعيًا عميقًا بالأدلة الشرعية والمقاصد العليا.

واختتم الدكتور عباس شومان كلمته بالتحذير من الإفتاء بغير علم والتأكيد على ضرورة تقيُّد المفتى بما جاء فى الشرع والاجتهاد وَفْقًا للعلم والمعرفة الحقيقية. مشيرًا إلى أن الفتوَى مسئولية كبيرة، ويجب أن تظل فى أيدى أهل العلم الذين يتحملون الأمانة فى نقل وتفسير الشريعة.

الفتوَى العامة
وفى سياق الحديث عن الفتوَى العامة، نبَّه الدكتور عبدالكريم أمين الفتوَى بدار الإفتاء المصرية إلى أن تباين الفتاوَى بين البلدان المختلفة قد يسبب اضطرابات فكرية خطيرة، داعيًا إلى ضرورة وجود اجتهاد رشيد وممنهج يضمن التوافق بين مختلف الآراء. وأكد على أهمية عدم الاعتماد على الفتاوَى الشاذة التى قد تؤدى إلى الفوضى والانقسامات فى المجتمع.
كما تحدَّث الدكتور مصطفى عبدالكريم عن المحاور الأساسية التى تتناول دور الفتوَى فى الأمن الفكرى، حيث أشار إلى أهمية تصنيف الفتوَى إلى ثلاثة أنواع: الشخصية والاجتماعية والعامة. وذكر أن الفتوَى الشخصية تتعلق بالأفراد ويجب أن تحمى أفكارهم ومشاعرهم، بينما تتعلق الفتوَى الاجتماعية بالمجتمع ككل، وتهدف إلى الحفاظ على استقراره وأمنه.
وتطرَّق الدكتور مصطفى عبدالكريم إلى التحديات التى تواجه الفتوَى فى العصر الحديث، مشيرًا إلى ظاهرة البحث عن الشهرة من خلال إصدار فتاوى غير ناضجة أو شاذة، وكيف أن هذه الظاهرة تهدد استقرار الفكر.
1
2
4


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.