طارق الطاهر مما لا شك فيه أن المثقفين المصريين على مدار التاريخ كانوا قوة داعمة لحق الشعب الفلسطينى فى أن يعيش بأمن وأمان على أرضه، وقد استمد هذا الموقف صلابته وقوته من «الدولة المصرية» ذاتها، التى لعبت على مدار الزمن- الدور الرئيسى فى حماية الشعب الفلسطينى ووقف أى مخططات للتهجير وتصفية القضية. من هنا سعدت بكتاب زميلتى الكبيرة سهام ذهنى، أحد «نجوم» مجلة «صباح الخير» ومؤسسة روز اليوسف، على امتداد عقود من الزمان، فقد عملت بها فى الفترة من «1976- 2016» وسطرت من خلالها اسمًا بارزًا فى عالم الصحافة. أعود للكتاب الذى يؤرخ لبطولات الشعب الفلسطينى فى محنته طوال العامين الماضيين، هذه البطولات التى رصدتها «سهام ذهنى» من وسائل مختلفة، لكنها عبرت عنها ب «شخصيتها» وب «قلمها»، الذى أراد أن يوجه تحية لهذا الشعب الصامد الجسور، الذى يخلق بطولاته على حد تعبيرها من «الخيال» فتكتب: «وإذا كانت مثل هذه البطولات التى يواجه خلالها الفلسطينيون الموت هى قصص جديرة بالتسجيل والإكبار، فإن القصص التى يواجهون فيها الحياة هى أيضًا جديرة بتسليط الضوء عليها؛ حيث إن مجرد محاولات التكيف مع الأوضاع الصعبة كى تدور عجلة الحياة هى فى حد ذاتها بطولة ساعدتهم على ألا يستسلموا». فى هذا الكتاب تجد أقوال ومواقف كبار المثقفين المصريين حاضرة، تؤازر الفلسطينيين فى شدتهم، كما نجد «التأصيل» التاريخى لفكرة المقاومة، والتوقف طويلًا أمام تغير المزاج العالمى تجاه القضية الفلسطينية، الذى أصبح داعمًا لحقهم فى دولتهم فى هذا الوقت أكثر من أى وقت مضى: «وهل كنا نتخيل أن يأتى اليوم الذى يرفرف فيه علم فلسطين عبر أنحاء العالم بسواعد أجانب، تفهموا حقيقة القضية الفلسطينية، بسبب ما رأوه من استبسال أهلها، وما رأوه من دموية الاحتلال الإسرائيلى». يحمل الكتاب الصادر عن دار فاصلة للنشر عنوان «طوفان الأقصى.. أنفاق غزة وأضواء من الخندق»، وأكثر ما لفت نظرى فى هذا الكتاب هو الحكايات التى خرجت من رحم المعاناة، مثل هذا الشاب الذى استطاع أن يحصل على درجة الدكتوراة من الجامعة الماليزية عن تقنية النانو بعد أن كتبها وناقشها عبر «الإنترنت»، إذ إنه تصادف عند عودته من ماليزيا إلى غزة أن اندلعت الحرب، ومع ذلك لم ييأس وواصل العمل من داخل بيته المدمر إلى أن تمت مناقشة الرسالة مع أساتذته فى ماليزيا. تحية لزميلتى سهام ذهنى على هذا المجهود الداعم لحق الشعب الفلسطينى.