عُقد مؤتمر السلام فى شرم الشيخ فى لحظة محورية لجغرافيا السياسة الشرق أوسطية، ولم يكن مجرد تجمع قيادات العالم بل مرحلة مفصلية إضافية فى ترسيخ الدور المصرى كفاعل محورى فى قضايا السلام والاستقرار الإقليمي. النتائج التى تحققت لمصر بعد هذا المؤتمر كثيرة وعظيمة على العديد من المستويات. فالقاهرة نجحت فى أن تكون وسيطًا موثوقًا، تستضيف اتفاقًا لإنهاء الحرب فى غزة بعد نزاع دام قرابة عامين، وهو ما عزز الثقة الدولية فى قدرتها على إدارة الأزمات. وأصبح وجود مصر فى أى مفاوضات سياسية أو دبلوماسية حول الشرق الأوسط «ضرورة وليست خيارًا». وهذا يعنى أن مصر لم تعد طرفًا يُحضّر فقط، بل كقوة تساهم فى صياغة القرارات. وجاءت مشاركة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقادة من أوروبا والدول العربية، وممثّلين لمنظمات دولية، شكّلت اعترافًا رسميًا بدور مصر فى المعادلات الدولية. وظهر ذلك فى تصريحات القادة الذين حضروا لشرم الشيخ بشأن أن مصر بيئة آمنة ولديها القدرة والزعامة على فرض وجهة نظرها وهو ما يعزز من مكانتها الدبلوماسية. الصورة التى خرجت من المؤتمر أكدت أن مصر بلد آمن وقادر على التنظيم الإعلامى والسياسى وأصبحت عاملًا مهمًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، التى تبحث أولًا عن الاستقرار قبل الربح.. وبانتهاء الحرب أو وقفها، ستكون هناك حاجة ضخمة لإعادة إعمار القطاع، مما يُشكل فرصة لمصر لتكون مركزًا لوجستيًا وتنسيقيًا لهذه العملية، خاصة من حيث البضائع، والخدمات والمعدات.. وكذلك الاستثمار فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالبناء والإعمار.. وهو ما يفتح أسواقًا جديدة للمستثمرين فى مصر.. فاستضافة مؤتمر بهذا الحجم الدولى يُعدّ على جانب آخر حملة دعائية ضخمة لمصر، خاصة لشرم الشيخ كمقصد سلام وسياحة فاخرة.. فوسائل الإعلام العالمية التى نقلت صور القادة على أرض مصر والتنظيم والاستقبال والاستقرار الأمنى.. كل هذه الانطباعات تُهمّ المستثمر، والسائح، وتساهم فى تحسين مؤشر التصوّر الخارجى للدولة المصرية. من ناحية أخرى نجاح المؤتمر انعكس داخلياً على شعور المواطنين بالفخر، بأن بلدهم قادر على استضافة قمة دولية وإنهاء نزاع إقليمى. هذا يساهم فى تماسك داخلى، وهو أمر مهم فى تلك الفترة. مؤتمر السلام فى شرم الشيخ ليس فقط محطة لإنهاء حرب، بل نقطة انطلاق لإعادة تموضع استراتيجى لمصر على المستويات الدولية. فالمكاسب التى حققتها تتراوح بين السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية. والأهم هو كيفية استغلال ذلك ليعود بالنفع المستدام على الشعب.