من مدينة صغيرة على شاطئ البحر الأحمر إلى منصة عالمية للحوار وصناعة القرار.. تلك هي شرم الشيخ، جوهرة سيناء وواجهة مصر السياحية والدبلوماسية التي أصبحت بحق «مدينة السلام». على أرضها تعانقت لغات العالم، وتلاقى الشرق والغرب في قمم ومؤتمرات جمعت بين السياسة والاقتصاد والبيئة والثقافة، لتؤكد أن هذه المدينة لم تعد مجرد منتجع سياحي، بل عاصمة دولية لصناعة المستقبل. مدينة تتحدث كل لغات العالم منذ أن أطلقت عليها الأممالمتحدة لقب «مدينة السلام»، استطاعت شرم الشيخ أن تثبت أن السلام ليس شعاراً سياحياً، بل نهج حياة وواقع ملموس. موقعها الاستراتيجي في قلب سيناء جعلها جسرًا بين قارات العالم الثلاث، فيما ساهمت بنيتها الفندقية الفاخرة ومراكزها الحديثة للمؤتمرات في تحويلها إلى منصة دولية تتسابق إليها القمم والمنتديات العالمية. قلب السياسة العالمية ينبض في شرم الشيخ على مدى عقدين، تحوّلت شرم الشيخ إلى مسرح للقمم التاريخية، ومركز لنسج خيوط الدبلوماسية الهادئة التي تعيد رسم خرائط العلاقات بين الشرق والغرب، ففي فبراير 2005، شهدت المدينة قمة السلام التي جمعت قادة مصر والأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، في خطوة هدفت إلى إحياء المفاوضات وإنهاء سنوات من الصراع. ثم كانت محطة أخرى في مارس 2015، عندما احتضنت مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري (EEDC) بمشاركة أكثر من 2000 مستثمر ومسؤول من 112 دولة، حيث أعلنت مصر آنذاك عن مشاريع كبرى، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة. وفي فبراير 2019، اجتمع زعماء العالم العربي والاتحاد الأوروبي في أول قمة من نوعها، أُطلق عليها اسم القمة العربية – الأوروبية، لمناقشة قضايا الأمن والهجرة والتنمية المشتركة، في مشهد عكس مكانة مصر الدولية ودورها المحوري في تقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب. من قضايا المناخ إلى قمم السلام لم تقتصر أهمية شرم الشيخ على الملفات السياسية والاقتصادية فحسب، بل امتدت إلى قضايا الإنسانية والبيئة، ففي نوفمبر 2022، استضافت المدينة مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ COP27، بحضور ممثلي أكثر من 190 دولة، في حدث وصفه المراقبون بأنه «الأضخم في تاريخ المؤتمرات البيئية». أثبتت مصر خلاله قدرتها على تنظيم حدث عالمي بهذا الحجم، وأظهرت شرم الشيخ وجهها الأخضر، مدينة تتحدث لغة المناخ والاستدامة وتدعو لحماية الكوكب. وفي مايو 2024، كانت المدينة على موعد مع مؤتمر تحلية المياه الدولي الخامس، حيث ناقش علماء ومهندسون من مختلف القارات حلول أزمة المياه في ظل التغيرات المناخية، فيما شهد الشهر نفسه منتدى السياحة الإفريقية الذي جمع مستثمرين وخبراء من القارة السمراء لبحث سبل تطوير السياحة المستدامة في أفريقيا. شرم الشيخ : قمة إنهاء الحرب في غزة وفي أكتوبر 2025، عادت شرم الشيخ لتتصدر عناوين الأخبار العالمية حين استضافت قمة شرم الشيخ للسلام بمشاركة أكثر من عشرين دولة، لبحث سبل إنهاء الحرب في غزة وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. الحدث أكد مجددًا أن المدينة ليست فقط واحة للهدوء والجمال، بل مركز دبلوماسي عالمي يُدار منه الحوار من أجل وقف نزيف الأزمات، وبناء الجسور بين الشعوب. منصة عالمية للحوار والسلام القمم المتتالية التي احتضنتها شرم الشيخ لم تكن صدفة، بل ثمرة رؤية مصرية راسخة جعلت من الدبلوماسية أداة لبناء الثقة وتوسيع دوائر التعاون الدولي. فمن مؤتمرات التمويل والشمول المالي عام 2017، إلى قمة الصين–أفريقيا عام 2009، ظلت المدينة على الدوام رمزًا للتلاقي الحضاري بين الأمم. تأثير هذه الفعاليات لم يقتصر على السياسة فحسب، بل امتد إلى الاقتصاد والسياحة والثقافة. فكل قمة تُعقد هناك تعني مزيداً من الاستثمارات وفرص العمل، وتعزز من صورة مصر كوجهة آمنة ومنفتحة على العالم، وفي الوقت نفسه، ترسخ في الوعي الدولي أن سيناء ليست ساحة نزاع، بل أرض للسلام والحياة. شرم الشيخ