للأجيال التى لم تعش لحظة وقوف الرئيس السادات تحت قبة مجلس الشعب في 19 فبراير 1974 لتكريم أبطال حرب أكتوبر المجيدة، فى هذا اليوم قدم الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة تقريراً للرئيس ونواب الشعب حول ما جرى بصدق في أيام حرب استرداد الكرامة والعزة، وجه فيه الشكر للرئيس والشعب الذى ساند قواته المسلحة، وقال فى التقرير الذي قدم تفاصيله للقائد والشعب: كلفتنى يا سيادة الرئيس بقيادة القوات المسلحة لأعمل على سرعة إعدادها لمعركة مصيرية لاستعادة أرضنا المُغتصبة، وقد عملت، تعاوننى جميع أجهزة وقيادات القوات المسلحة، لرفع كفاءة القوات واستعدادها القتالى وتدريبها وإعداد خطط العمليات، وكنتم معنا فى كل خطوة نخطوها، متتبعاً أعمالنا، وموجهاً ومرشداً، حتى أتى ذلك اليوم التاريخى، الأول من أكتوبر 1973، واجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاستكم، واستمعتم فيه إلى تقارير متوالية من رؤساء الأجهزة وقادة القوات المسلحة عن تمام استعداد قواتهم لتنفيذ مهمة العمليات كما خططت وصدرت إليهم، ولعلى لا أذيع سراً إذا نقلت بالحرف الواحد كلمات سيادتكم فى هذا الاجتماع : «أحمد الله أننا وصلنا لهذه اللحظة لنضع اللمسات الأخيرة على العمل، ونقول للعالم أننا أحياء ، ويسترد شعبنا ثقته فى نفسه وفيكم، وأنا واثق أن كل فرد فى قواتنا المسلحة سيؤدى واجبه كاملاً لإحساسه بمسئولياته تجاه وطنه، وسأتحمل معكم المسئولية كاملة، وفى نفس الوقت أثق ثقة كاملة فيكم وأنكم ستتصرفون بكل ثقة واطمئنان وحرية». وأضاف الفريق أول أحمد إسماعيل : «ولتثقوا فى أن كل القادة متفائلون وفى مقدورهم تحقيق مهامهم، وإننا نشترك جميعاً معكم فى المسئولية، فجميعنا مسئولون عن بلدنا معكم، ثم توالت الأحداث، ونحن نقترب من اليوم الحاسم لبدء المعركة فى سرية تامة، حتى أتت اللحظة التاريخية منتصف يوم السادس من أكتوبرالعظيم، انطلقت القوات المسلحة لتعبر أضخم مانع مائى وتجتاح أقوى خط دفاعى قابله جيش فى عصرنا الحديث، تتلاحم مع العدو، وتشتبك معه فى معركة حديثة قوية، استُخدمت فيها جميع الأسلحة المتطورة، تدمر العدو وتأسر أفراده وقادته، وتحقق النصر تلو النصر، لا هدف أمامها سوى المهمة التى كُلفت بها، يهديها نور الإيمان بالله والوطن، لا تبخل على الأرض الطيبة بقطرات من دم زكية، ولا تبخل على السماء بأرواح وأنفس راضية مطمئنة فى سبيل مصر ونصرة الأمة العربية. ثم تطرق إلى المهام التى أنجزها كل سلاح فى المعركة فتناول ما قامت به هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسة اللواء محمد عبد الغنى الجمسى فى التخطيط والإعداد والتنسيق فى كافة المجالات قبل المعركة وأثناءها، حتى سارت المعركة كما خُطط لها، وخطة الخداع والسرية التى نُفذت بمهارة أذهلت العدو وشلت تفكيره، وأشاد بما قامت به القوات الجوية بقيادة اللواء محمد حسنى مبارك، فى أداء مهامها كأروع ما يكون، والجهد الذى بُذل حتى بلغ عدد الطلعات اليومية لبعض الطيارين سبع طلعات فى اليوم الواحد، فكانوا بحق النسور الذين حموا أجواءنا، وقصفوا مواقع العدو فى كل مكان، فقضوا على أسطورة الطيران الإسرائيلى فى تعاون رائع مع قوات الدفاع الجوى بقيادة اللواء محمد على فهمى، لحماية سماء مصر على الجبهة وفى عمق الجمهورية، وأشاد بأبطال الدفاع الجوى الذين تصدوا للمحاولات اليائسة التى قام بها العدو ليدمر جزءاً من دفاعنا الجوى، فتهاوت طائرات إسرائيل وشهدت أرضنا حطام هذه الطائرات فى كل مكان حاولت الإغارة عليه، وأشاد بأبطال الدفاع الجوى الذين حموا سماء بورسعيد عندما ركز العدو على مواقع الدفاع الجوى بها، وبقى موقع واحد ظل يقاتل وحده ثلاثة أيام متوالية، وانتقل لاستعراض ما قامت به القوات بقيادة الفريق فؤاد محمد ذكرى، لحماية شواطئنا والتصدى للقطع البحرية المعادية التى خاضت معها أعنف المعارك البحرية، وقامت بمساندة الجيوش الميدانية فى البحرين المتوسط والأحمر، وسيطرت على مدخل خليج السويس وباب المندب. ◄ اقرأ أيضًا | في عيدها ال 93.. قائد القوات الجوية: قادرون على أداء كافة المهام بكفاءة ودقة وتحدث عن القوات البرية قائلاً : «مهما حاولت أن أوفيها حقها فلن أنُصفها، فلو نظرنا إلى الجيش الثانى الميدانى الذى تولى قيادته اللواء فؤاد عزيز غالى، واستعرضنا كيف اقتحم القناة على مواجهة تربو على التسعين كيلومتراً، فى وقت واحد وبنظام وسيطرة رائعة أذهلت العدو والعالم، ويكفى هذا الجيش فخراً أنه فى خمس ساعات كان له فى شرق القناة ما يزيد على 50.000 مقاتل دمروا وقتلوا وأسروا من العدو ما لم تكن تتخيله إسرائيل، وأفنى بإحدى فرقه، لواء مدرعاً كاملاً واستسلم قائده مشيداً بكفاءة الجندى المصرى، ويُسجل لهذا الجيش وللفرقة المشاة الثامنة عشرة، أنها محررة القنطرة شرق، ومعيدة علم مصر الغالى يرفرف فوق ربوعها عالياً خفاقاً، أما عن الجيش الثالث وقائده اللواء أحمد بدوي، فكلكم أعلم وأدرى بالمواقف البطولية لهذا الجيش ولبعض قواته التى تواجدت شرق القناة، وكانت رمزاً للصمود والعزم، والعناد المصرى. وتطرق إلى الدور الذى قامت به القوات الخاصة رمز الانتحارية والفداء، وشهد لأعمال قوات الصاعقة بقيادة العميد نبيل شكرى مصطفى التى هبطت خلف خطوط العدو، وأربكت قياداته، ودمرت مراكز سيطرته، وأشاعت الذعر فى صفوفه، وكانت عوناً لباقى أفرع القوات المسلحة، وقضوا وحدهم فى أعماق سيناء ما يزيد على الشهرين، ولم ينل منهم العدو، وأشاد بأبطال الإبرار الجوى بقيادة العميد أ. ح. محمود حسن الهابطين من السماء خلف خطوط العدو، فكانوا رمزاً للتضحية والفداء وتنفيذ المهام وحاربوا إلى جانب باقى القوات البرية فى تعاون وتنسيق تام.. واختتم الفريق أول أحمد إسماعيل تقريره بالشكر لهيئات وإدارات القيادة العامة للقوات المسلحة وباقى قواتها العسكرية المقاتلة فى المناطق العسكرية المختلفة، وقوات الدفاع الشعبى والعسكرى، منوهاً إلى أروع تلاحم شعبى مع قواته المسلحة، ونال التقرير تصفيقاً حاداً من نواب الشعب ازداد عندما أعلن الرئيس السادات ترقية الفريق أول أحمد إسماعيل لرتبة المشير.