بقلم الدكتورة آيات الحداد عضو مجلس النواب ... من أرض السلام، من مدينة شرم الشيخ التي كانت وستظل منبرا للحكمة ومهدا للقرارات الكبرى، انطلقت رسالة مصرية جديدة تهز وجدان العالم وتعيد رسم خريطة الواقع في الشرق الأوسط. رسالة تكتبها مصر بأحرف من نور، وتوقعها بإرادة لا تلين، فلقد نجحت القاهرة في التوصل إلى اتفاق شامل حول بنود وآليات تنفيذ المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، اتفاق ينهي الحرب، ويعيد الأمل، ويفتح الطريق أمام الإفراج عن المحتجزين والأسرى، ويدشن مرحلة جديدة من الهدوء ودخول المساعدات الإنسانية لإنقاذ الأبرياء وإحياء الأرض من جديد. لقد فعلتها مصر مرة أخرى، كما تفعل دائما حين يعجز الآخرون ، فعلتها لأنها لا تعرف الحياد حين تستباح الدماء، ولا تعرف الصمت حين يعلو صوت السلاح فوق صوت الإنسانية، فعلتها لأنها ببساطة مصر، الدولة التي تملك من التاريخ ما يجعلها مؤهلة للقيادة ، ومن الحكمة ما يجعلها قادرة على احتواء الصراعات، ومن الشجاعة ما يجعلها لا تخشى المواجهة مع الظلم أينما كان. لقد كانت رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ اللحظة الأولى واضحة كالشمس لا سبيل للحل إلا بوقف نزيف الدم، ولا أمن دون سلام عادل، ولا مستقبل في ظل الدمار ، قاد الرئيس المعركة السياسية والإنسانية بعقل الدولة المصرية الكبير، وبتوازن القوة والحكمة، وأدار بصلابة رجل الدولة الراسخ كل خيوط المشهد، حتى تحققت النتيجة التي يراها العالم اليوم إنجازا تاريخيا بكل المقاييس. وتحت مظلة هذه القيادة الرشيدة، تحركت مؤسسات الدولة المصرية بوعي ومسؤولية وطنية عميقة ، فكانت وزارة الخارجية المصرية في مقدمة الصفوف ، تحمل راية الدبلوماسية العاقلة، وتخاطب العالم بلغة لا تقال إلا من القاهرة، لغة الحكمة التي لا تتنازل عن الحق، والسياسة التي تدرك متى تصغى ومتى تتكلم ، ومتى تضرب بيد من منطق، وعلى مسار مواز ، كانت المخابرات العامة المصرية تخوض معركة أكثر صعوبة خلف الكواليس ، تتنقل بين العواصم ، وتفتح مغاليق الملفات ، وتعيد ترتيب أوراق الأمل بجهد صامت وصبر من فولاذ ، حتى وصلت إلى صيغة الاتفاق التي بدت مستحيلة في نظر كثيرين . هذا الاتفاق لم يكن مجرد إنجاز دبلوماسي، بل كان تجسيدا لمعادلة مصرية خالدة ، إن السلام يصنعه الأقوياء ، وأن من يريد الأمن عليه أن يحمي الإنسانية أولا ، لقد أكدت مصر للعالم أن القوة ليست في القتال، بل في القدرة على إيقاف القتال، وأن القيادة ليست في رفع الشعارات، بل في اتخاذ القرارات التي تنقذ الأرواح وتعيد الحياة . اليوم، ومن قلب شرم الشيخ ، المدينة التي تشهد على التاريخ وتعلن ميلاد المواقف الكبرى ، تقول القاهرة كلمتها للعالم أجمع " نحن صناع السلام، وحماة الاستقرار ، وأمن المنطقة يبدأ من هنا، من أرض مصر التي لا تعرف الانكسار" . لقد أثبتت مصر، قيادة وشعبا ومؤسسات، أنها قلب العروبة النابض، وركيزة التوازن في عالم فقد بوصلته ، تعظيم سلام لمصر التي تتحدث حين يصمت الجميع، وتتحرك حين يتردد الآخرون، وتصنع السلام حين يشتعل الجنون. تعظيم سلام للرئيس السيسي الذي كتب بقراراته تاريخا جديدا للمنطقة، ولرجال الدبلوماسية والمخابرات الذين حملوا على عاتقهم مهمة الإنسانية قبل السياسة، فأعادوا لمصر مجدها ودورها ومكانتها. ومن هنا، من شرم الشيخ، تخرج القاهرة بصوتها العميق الذي يزلزل أروقة السياسة العالمية قائلة " هنا القاهرة ... من أجل السلام، من أجل الإنسان، من أجل الغد الذي تصنعه مصر وتمنحه للعالم" .