رسم المشير عبد الغنى الجمسى فى حواره مع أستاذنا فاروق الشاذلى «رحمة الله عليهما» صورة كاملة لموقفنا العسكرى والسياسى على مدار6 سنوات، منذ نكسة يونيو67، وحتى حرب أكتوبر73، وقال إننا فقدنا فى يونيو سيناء، واحتلت إسرائيل الضفة الغربية لنهر الأردن، وقطاع غزة الفلسطينى، وهضبة الجولان السورية. لقد مرت على قواتنا فترة صعبة، ولكننا أعدنا بناءها من القاع للقمة، رغم أن أمريكا فرضت قوة إسرائيل على كل الدول العربية، لأن السياسة الأمريكية كانت تدعم «تل أبيب»، وتؤيدها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وعلى الجانب الآخر كان إمداد الاتحاد السوفيتى لنا ولسوريا بأسلحة محدودة، تنفيذاً لاتفاق بين القوتين الكبيريين على عدم إثارة حرب بالمنطقة!، ولذلك أصبحت إسرائيل فى موقف سياسى واستراتيجى أكثر قوة من العرب.. وعلمتهم الحروب السابقة أنه لا تعاون بين العرب فى أى عمل عسكرى إطلاقاً، ويمكن لها أن تنفرد بكل دولة على حدة.. وحددت إسرائيل أن الجبهة الرئيسية التى عليها مواجهتها هى القوات المسلحة المصرية، وأننا عدوها الرئيسى، فأقامت خط بارليف، ووضعت قوات كبيرة فى أرض الفيروز للدفاع عنها، وأنشأت مطارين، وشقت طرقاً، وبدأت تتحدث عن أن قناة السويس الحدود المؤمنة لها من اتجاه المصريين!. كان تقدير العدو الإسرائيلى خاطئ فى حساباته أن قواتنا المسلحة غير قادرة على عبور واقتحام قناة السويس بقوة كبيرة.. حتى إن الجنرال «ديفيد اليعازر» رئيس أركان الجيش الإسرائيلى قال: «إنه لو تجاسر المصريون بالهجوم واقتحام القناة، فستكون مقبرة لهم». لأنه من الصعب اجتياز الموانع المائية، وأن أصعب مانعين فى العالم هما قناتا بنماوالسويس، ولم يكن أمامنا إلا العودة إلى حرب الاستنزاف التى تجاوزناها بعد قبولنا مبادرة «روجرز»، أو القيام بحرب شاملة، ومن المعروف أن الأستنزاف لم يكن بديلاً مقبولاً عن الحرب، لأنه لا يؤدى إلى تحرير سيناء، ولا يزيد على عمليات تبادل قصف النيران بالمدفعية أو الطيران، ولا يحقق هدفنا السياسى والعسكرى.. والبديل الثانى قيامنا بعملية هجومية ضد قوات العدو لتحرير سيناء.. وكانت مشكلتنا هى التسليح، لأن الاتحاد السوفيتى كان يرفض أمدادنا بالأسلحة التى نرغب فيها، وكان قرار التحرير بما نملك من معدات وأسلحة، وكانت المعجزة. وللحديث بقية.