فى مجموعته القصصية «ما يشبه الظل»، والصادرة عن بيت الحكمة للثقافة، يتجسد عالم الأديب حسام المقدم، الذى يبدأ صغيراً ويتسع ببطء ليستوعب كل شىء، فنحن أمام قصص بالغة الخصوصية، تخرج من عين ترصد بوعى، وتختزل الدنيا، ثم تعيدها لنا فى شكل سردى رائق، من أبرز القصص فى المجموعة؛ «تشكيل طينى يشبه حبّة القمح»، و»أوقات العظام»، و»غبار قوس قزح»، و»قلب المتحف»، و»تانجو النوم»، حسام المقدم، صدرت له عدة أعمال قصصية، منها: «أحزان طفل»، « أشباح تعربد على الطريق»، «قهوة بوتيرو»، «أبجدية أخرى للماء»، حصل على عدة جوائز من: نادى القصة، وساقية الصاوى ومركز «رامتان» والشارقة، حول «ما يشبه الظل»، كان الحوار.. فى مجموعتك القصصية «ما يشبه الظل»، تتبع المساحات الرمادية، بين الواقع والخيال، بين الجسد المادى والروح، فى محاولة جادة للحث على التأمل، احك لى عن كواليس كتابتك لهذه القصص، ومن أين جاءت البداية؟ - البداية كانت فى انشغالى بفكرة الظل، إنه موجود، لكنك لا تمسكه، ولا تُحس به يزحف على الجلد، فى نفس الوقت هو دليل على كائن أو أصل آخر حقيقى، فلابد من أصل ليكون الظل، بالمعنى الأكبر: الذكرى والذاكرة ظلال لأحداث ومشاعر تخصنا أو تخص غيرنا، والشخصية القصصية ظل غير مطابق بالضرورة لأخرى فى الواقع، فى القصة الأولى بالمجموعة: «شرارة سوداء»؛ هناك الكراهية الشديدة الملازمة لبطل النص تجاه شخص يركب معه الباص يومياً، ظل أسود يستبد بالحضور حتى يكاد يكون خللاً نفسياً، كثيرة هى الظلال كمساحة ومشاعر وأحداث لا يمكن إغفالها أو تجاهلها. القصص تتضمن إعادة تشكيل الحياة، من قلب لحظات الضعف والصمت والغموض لأرواح قلقة تعيش على الهامش، كيف تكونت لديك هذه الخبرة بعلم النفس والفلسفة، وما تأثيرهما عليك؟ - كل ما يُقرأ يظل هناك، فى الوعى واللاوعى، لا شىء يضيع، تتكون طبقات من الاستيعاب ومحاولة الفهم وإزالة اعتقادات وحلول أخرى مكانها، صعود متواصل، وأحيانا التفات ونكوص، ومشاعر غير ثابتة بمرور الوقت تجاه الأشياء والناس والقضايا، إنه القلق، وعدم اليقين فى واقع لا يُعطى أى وضوح لمعنى أو قضية، فى قصة «سماء أسفل النافذة» يصعد راوى النص إلى شجرة بنصيحة من رجال ذوى وجوه وقورة، كان يريد البحث عن معنى يُقلقه ويقلب حاله، لكنه فى صعوده وسقوطه يجد معنى يخصه، يصل إليه بنفسه دون الرجوع إلى الرجال مرة ثانية، هو بذلك يُمثل الهامش بمعنى ما، هامش الوجود على جانب آخر من السائد أو الشائع أو الموروث. فى قصة «تشكيل طينى يشبه حبة القمح»، انعكاس لبدء التكوين، والرغبات المكبوتة، وللحظات صغيرة تحمل الحياة بداخلها، ما تعليقك؟ - نعم هذا حقيقى، أثناء كتابة «تشكيل طينى..» أحسست أننى أمشى على الحبل، لم أكن أريد للنص أن يلامس الجانب الحسى المباشر، هذا موجود فى نصوص أخرى فى الكتاب، أردت أن يقف الطفل أمام سر الوجود والتكوين الآدمى فى لحظة فارقة ومربكة، ستظل معه وتتطور إلى التشكيل بالطين، ربما ليُجسد ويحفظ اكتشافه الذى زلزل كيانه الصغير، لحظات ستبقى معه طول عمره ولن يتخلص منها. ما أقرب قصص المجموعة إلى قلبك؛ ولماذا؟ - من الصعب اختيار قصة واحدة، لكن هناك نصوص أحس أنها خرجت من منطقة الصدق الحميم الملامس للحظات الضعف أو التمرد أو الحلم، مثل قصتى: «غبار قوس قزح» و»قلب المتحف». وماذا عن مشروعات المستقبل؟ - انتهيت من كتاب قصصى مثّلَ لى مغامرة فى تجريب التجاور الحميم مع التراث، باستدعاء شخصية فذة من كُتّاب النثر فى العصر العباسى، نصوص تنتمى للآن، بقدر ما تأخذ من هناك.