تتسارع خطوات الدولة المصرية نحو ضبط الأسواق وتحقيق التوازن بين مصلحة المواطن وحركة التجارة، ومعها يبرز جهاز حماية المستهلك كأحد أهم الأذرع الرقابية التي تقف في مواجهة أي ممارسات سلبية أو محاولات للتلاعب بحقوق المستهلكين مع بداية عام 2025، ارتفعت وتيرة الجهود الرقابية للجهاز، ليصبح لاعبًا رئيسيًا في معركة الدولة ضد الغلاء غير المبرر، والعروض الوهمية،والإعلانات المضللة، والسلع المغشوشة. وجاء موسم الأوكازيون الشتوي ثم الصيفي ليؤكد على أهمية الدور الرقابي للجهاز، حيث تحرك لمتابعة كافة المحال التجارية المشاركة والتأكدمن جدية التخفيضات المعلنة، وإلزام التجار بوضع السعر قبل وبعد الخصم بشكل واضح، والتصدي لأي خصومات صورية أو إعلاناتمضللة، فضلًا عن امتداد الرقابة لتشمل المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي. نرصد من خلال هذا التقرير الدور المحوري للجهاز، بالأرقام والوقائع، في حماية المستهلك المصري، وكيف تمكن خلال الشهور الماضية منفرض انضباط ملحوظ في الأسواق، في وقت يشهد العالم فيه موجات تضخم واضطرابات اقتصادية انعكست على الأسواق المحلية. يقوم جهاز حماية المستهلك بدور محوري في الرقابة على الأوكازيونات الموسمية سواء الصيفية أو الشتوية، حيث يلزم المحال الراغبة فيالمشاركة بالحصول على موافقة مسبقة من مديريات التموين التابعة لها، ويشترط أن يكون الإعلان عن الخصومات واضحًا ومحددًا بنسبةالخصم الحقيقية حتى لا يتعرض المستهلك لأي نوع من التضليل. ويولي الجهاز أهمية كبيرة لمواجهة أي محاولات خداع أو تضليل، إذ يراقب بدقة الإعلانات والعروض لضبط التجار الذين يلجأون لرفعالأسعار قبل الأوكازيون ثم الإعلان عن خصومات وهمية، وهو ما يعتبر فعل يجرمه القانون. ومن جانب آخر، ينظم الجهاز بالتعاون مع وزارةالتموين حملات تفتيش ميدانية على المحلات للتأكد من أن التخفيضات المعروضة حقيقية وأن السلع مطابقة للمواصفات، ويتم تحريرمحاضر فورية ضد أي مخالفات يتم ضبطها. خط ساخن كما يوفر الجهاز وسائل تواصل مباشرة مع المواطنين من خلال الخط الساخن 19588 وخدمة الواتساب، ليتمكن المستهلك من الإبلاغالفوري عن أي عرض وهمي أو مخالفة يواجهها أثناء التسوق. ويؤكد الجهاز على حق المستهلك في استبدال أو رد السلعة خلال 14 يومًا من تاريخ الشراء حتى لو كانت من ضمن عروض الأوكازيون،بالإضافة إلى إلزام التجار بإصدار فواتير دقيقة تتضمن بيانات السلعة كاملة والسعر قبل وبعد الخصم ومدة الضمان إذا وجدت، معالتشديد على أن أي تلاعب في الفواتير يعد جريمة يعاقب عليها القانون. وبهذا يضمن جهاز حماية المستهلك أن يكون الأوكازيون فرصة حقيقية للمواطن للحصول على تخفيضات حقيقية، وفي الوقت نفسه يحافظعلى انضباط الأسواق ومنع أي ممارسات غير مشروعة. وأطلقت وزارة التموين والتجارة الداخلية فعاليات التصفية الموسمية لعام 2025، والتي تشمل الأوكازيون الشتوي والأوكازيون الصيفي،وذلك في إطار قرار الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، رقم 14 لسنة 2025. ويهدف القرار إلى تنشيط حركة التجارةالداخلية، وتوفير السلع للمواطنين بتخفيضات ملموسة، بما يخفف الأعباء عن كاهل الأسرة المصرية. ويشمل الأوكازيون في موسميه الشتوي والصيفي مجموعة واسعة من الأنشطة التجارية، في مقدمتها محال الملابس الجاهزة، الأدواتالمنزلية، الأحذية والحقائب الجلدية، بالإضافة إلى أنشطة أخرى حرصت الوزارة على دمجها لإتاحة أكبر قدر من الخيارات أمام المستهلك. ونص القرار على ضرورة أن تحصل المحال المشاركة مسبقًا على موافقة مديريات التموين، مع إلزام التجار بإعلان سعر السلعة قبل وبعدالخصم بشكل واضح أمام المستهلكين، لضمان الشفافية ومنع أي تلاعب أو خصومات صورية. من جانبه، أكد إبراهيم السجيني، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن الجهاز يتابع بدقة تنفيذ قرار وزير التموين بشأن الأوكازيون فيموسميه، سواء في المحال التجارية التقليدية أو عبر منصات التجارة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، للتأكد من جدية العروضوحماية المستهلكين من التضليل. وبذلك، يأتي الأوكازيون الموسمي 2025 ليجمع بين فرص حقيقية للتسوق بأسعار مخفضة، وبين رقابة مشددة من الدولة لضبط الأسواق،وتحقيق التوازن بين مصالح التجار وحماية حقوق المستهلك. جهاز رقابي لم يعد دور جهاز حماية المستهلك مقتصرًا على تلقي الشكاوى فحسب، بل أصبح جهازًا رقابيًا متكاملاً يمتلك صلاحيات الضبطيةالقضائية، ويقود حملات ميدانية يومية، بالتنسيق مع وزارة التموين والأجهزة الأمنية والرقابية الأخرى. وبحسب الإحصائيات الرسمية التي أعلنها الجهاز مطلع عام 2025، فقد استقبل ما يزيد على 850 ألف شكوى خلال عام 2024، نجحفي حل ما يقارب 92% منها، سواء بالتصالح الودي أو بالإحالة للنيابة العامة، وهو رقم يعكس حجم الثقة المتزايدة من المواطنين في دورالجهاز، ويؤكد أنه أصبح خط الدفاع الأول عن حقوق المستهلكين. بالأرقام وفقًا للتقرير نصف السنوي الصادر عن جهاز حماية المستهلك في يناير 2025، فقد تمكن الجهاز من تنفيذ 12 ألف حملة رقابية على مستوى الجمهورية خلال النصف الثاني من عام 2024 وحده، أسفرت عن تحرير 17 ألف محضر مخالفات متنوعة، شملت عروضًا وهمية،إعلانات مضللة، تلاعب في الأسعار، وعدم إعلان بيانات السلع. كما تم ضبط ما يقارب 3 ملايين سلعة مجهولة المصدر أو مغشوشة، بعضهاكان معدًا للتداول في الأسواق، والبعض الآخر في المخازن والمستودعات. وأشار التقرير إلى أن قيمة الغرامات التي تم توقيعها على المخالفين تجاوزت 200 مليون جنيه، في إطار تطبيق صارم لقانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 وتعديلاته، الذي شدد العقوباتلتصل في بعض الحالات إلى مليوني جنيه. رقابة الكترونية مع توسع التجارة الإلكترونية وارتفاع حجمها في السوق المصري ليقترب من 100 مليار جنيه سنويًا بحسب بيانات وزارة الاتصالات2024، أصبح لزامًا على جهاز حماية المستهلك أن يطور آلياته لتشمل الرقابة على الفضاء الرقمي. وهنا برز دور إدارة "الإعلانات المضللةوالمرصد الإعلامي" التابعة للجهاز، والتي تتابع على مدار الساعة ما يُنشر من إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات البيعالإلكتروني. ووفقًا لبيانات الجهاز، فقد تم رصد وإزالة أكثر من 20 ألف إعلان مضلل خلال عام 2024، بعضها يروج لسلع مجهولة المصدر أو منتجاتطبية غير مرخصة، بالإضافة إلى ضبط عدد من الشركات التي تبيع أجهزة كهربائية أو هواتف محمولة بعروض وهمية، إذ تبين أن الأسعارقبل وبعد الخصم متطابقة أو أن التخفيضات المعلنة لا وجود لها. حملات ومشاركة مجتمعية لا يقف دور الجهاز عند حد الرقابة والضبط، بل يمتد إلى التوعية والتثقيف، ففي عام 2024 أطلق الجهاز ما يقارب 150 حملة توعية عبروسائل الإعلام التقليدية والرقمية، استهدفت تعريف المواطنين بحقوقهم وفقًا للقانون، وطرق تقديم الشكاوى، وكيفية التفرقة بين العروضالحقيقية والوهمية. كما تم تدشين مبادرة "مستهلك واعٍ" في المدارس والجامعات، لتعليم الأجيال الجديدة حقوقهم في مواجهة أي ممارساتتجارية غير منضبطة. ويؤكد رئيس الجهاز، إبراهيم السجيني أن رفع وعي المستهلك يمثل خط الدفاع الأول ضد الغش والتضليل، موضحًاأن المواطن الواعي لا يُستغل بسهولة، بل يتحول لشريك أساسي في ضبط السوق من خلال التبليغ عن أي مخالفة يواجهها. اقرأ أيضا: ضبط 1953 مُلصق قماش مُقلد بأسماء علامات تجارية شهيرة إحدى النقاط المضيئة في عمل الجهاز خلال السنوات الأخيرة هي تطوير آليات تلقي الشكاوى. فإلى جانب الخط الساخن 19588 الذييستقبل مئات المكالمات يوميًا، أطلق الجهاز تطبيقًا إلكترونيًا للهواتف الذكية، يُمكّن المواطنين من تسجيل شكواهم وإرفاق صور أو فيديوهات،لتوثيق المخالفات في دقائق معدودة. وبحسب البيانات الرسمية، فقد استقبل التطبيق أكثر من 350 ألف شكوى إلكترونية خلال عام 2024،تم التعامل مع معظمها في مدد زمنية قياسية، وهو ما يعكس الطفرة التكنولوجية في عمل الجهاز. القانون الجديد لحماية المستهلك جاء ليضع إطارًا قانونيًا صارمًا يحد من الممارسات السلبية، حيث نص على أن أي إعلان مضلل أو عرضوهمي يعرض المخالف لغرامة تصل إلى مليوني جنيه، فضلًا عن إحالة المخالفين للنيابة العامة. كما ألزم القانون التجار بالإعلان عن الأسعارقبل وبعد.