الرجل يريد إنهاء الحرب بالشروط الإسرائيلية والتى تتيح لقوات الاحتلال السيطرة على القطاع عسكريًا. وتهجير أهله من أرضه. منذ أيام قليلة خرج علينا ترامب بتصريحات أعلن فيها أن الحرب فى غزة التى تتضمن جوعًا وموتًا سوف تشهد نهاية جيدة وحاسمة فى غضون أسبوعين أو ثلاثة !. وبغض النظر عن أن ما يراه ترامب جيدًا قد يعد لدينا نحن العرب سيئًا، فهذه تعد المرة الأولى التى يحدد فيها الرئيس الأمريكى موعدًا محددًا وقريبًا جدًا لنهاية تلك الحرب الوحشية، وليس موعدًا لإبرام وتنفيذ صفقة لهدنة مؤقتة طالت أو قصرت كما كان يفعل من قبل!. والمثير للدهشة هنا أن الرئيس الأمريكى حدد هذا الموعد القريب لنهاية الحرب بينما هو قبلها أعلن دعمه لمشروع نتانباهو وحكومته للسيطرة على مدينة غزة وترحيل سكانها إلى جنوب القطاع بالقرب من الحدود المصرية أملًا فى اقتحامهم هذه الحدود واستيطانهم سيناء، وهذا المشروع يحتاج تنفيذه لأكثر من خمسة أشهر فى تقدير رئيس أركان قوات الاحتلال!.. وهنا لابد وأن تثور الشكوك فى هذا الموعد الذى حدده ترامب لنهاية الحرب، وتذهب بنا هذه الشكوك إلى أن ما قاله يستهدف احتواء الرفض العربى لمشروع نتانياهو باحتلال كامل القطاع وإخلاء مدينة غزة من سكانها البالغ عددهم نحو المليون نسمة.. فكيف يدعم ترامب مشروعًا يحتاج تنفيذه طبقًا لتقديرات العسكريين الإسرائيليين عدة أشهر من العمل العسكرى بينما يحدد نهاية الحرب ببضعة أسابيع قليلة؟!. وتزيد الشكوك أكثر فى الموعد الذى ضربه ترامب لنهاية حرب غزة أن مبعوثه للشرق الأوسط ويتكوف حدد موعدًا مختلفًا حينما صرح بعد رئيسه أن الحرب ستنتهى قبل نهاية العام!.. وإذا كان الرئيس الأمريكى ومبعوثه الذى يشيد بمهارته وكفاءته مختلفين فى تقدير موعد نهاية حرب غزة على هذا النحو، فمن منهما نصدق؟!. ثم إذا كان التوصل إلى صفقة مؤقتة متعثرًا على النحو الذى نشاهده الآن، وإسرائيل تجاهلت الرد على المقترح المصرى القطرى حتى الآن فكيف سيتم التوصل إلى صفقة نهائية لإيقاف الحرب والبون شاسع فى المواقف بين حماس والفصائل الفلسطينية وبين حكومة نتانياهو التى تتمسك هى وأمريكا بتصفية الوجود المسلح والإدارى والحكومى والسياسى لحماس فى القطاع وتسليمها سلاحها، وهو ما ترفضه حماس وأعلنت ذلك؟!. نعم إننا مقتنعون بأن ترامب يقدر على إنهاء الحرب فى غزة خلال ساعات وليست أيامًا بتوجيه أوامر صارمة لنتانياهو بوقف إطلاق النار وسحب قوات الاحتلال من القطاع وفتح كل المنافذ لتدفق المساعدات على أهله وإنقاذهم من القتل الجماعى والتجويع الممنهج، وذلك كما فعل بوقف الصدام العسكرى بين إسرائيل وإيران... ولكن الرجل يريد إنهاء الحرب بالشروط الإسرائيلية والتى تتيح لقوات الاحتلال السيطرة على القطاع عسكريًا. وتهجير أهله من أرضه، وهو لم يتوقف عن الادعاء أنهم إذا تركوا القطاع سيجدون فى المهجر حياة أفضل كما يدعى.. فهو رجل أعمال لا يريد التفريط فى مشروع مربح جدًا له وهو مشروع الاستيلاء على أرض غزة وتحويلها إلى ريفيرا الشرق للأثرياء والتى ستدر أرباحًا غزيرة!. لذلك.. لابد أن للرئيس الأمريكى غرضًا ما فى الموعد القريب الذى حدده لنهاية حرب غزة.. والأغلب أنه أراد التخلص من الضغوط العربية التى تكثفت على إدارته مؤخرًا وتهدئة خواطرنا لبعض الوقت حتى لا يقوم بما يتعين عليه القيام به وهو توجيه الأوامر لنتانياهو لوقف تلك الحرب الوحشية!. ولا بأس إذا حل الموعد الذى حدده ترامب ولم تنته الحرب.. فهو يستطيع أن يقول إن المسئول عن ذلك حماس.. ألم يفعل ذلك مرارًا فى مقترحات الهدنة المؤقتة كثيرًا من قبل؟!.