حال «الإخوان» فى مصر لا يختلف كثيرا عن كل فروع الجماعة فى مختلف الدول التى ابتليت بوجودهم، فلم يستطع التنظيم باختلاف تنوعاته أن يقدم مشروعا حقيقيا للإصلاح، لأن مشروعهم الوحيد هو الوصول إلى السلطة. يعيش «الإخوان» دائما حالة عميقة من ادعاء المظلومية والاضطهاد حتى وهم فى قمة السلطة(!!) فهم دائما أسرى نظرية المؤامرة طاعة المرشد جزء من صلاح الأتباع وتقواهم الدينية ومعارضته أو الخروج على أمره نوع من الكفر والمعصية فعن أية ديمقراطية يتحدثون؟! الاغتيالات السياسية أكثر من أن تُحصى فى تاريخ الجماعة ليس فقط لخصومهم بل لتصفية قيادات الجماعة بعضهم البعض تشبه جماعة «الإخوان» الحرباء فى قدرتها على التلون والتكيف مع الوسط الذى توجد فيه، وهذا الوصف لا يحمل إهانة، بقدر ما يتضمن توصيفا واقعيا وعلميا لأداء وممارسات الجماعة على مدى أكثر من تسعة عقود. وربما كانت تلك القدرة على التلون، وإجادة ارتداء الأقنعة المناسبة فى كل موقف أحد أسباب بقاء الجماعة إلى اليوم رغم ما مرت به من عواصف وواجهته من تحولات كانت كفيلة بانقضاء الجماعة تنظيما وتأثيرا، لكنها كانت بأداء «حربائى» تغوص فى الرمال فتفلت من الضغوط، وتهرب تحت الأرض، انتظارا لفرصة جديدة كى تعاود نشاطها وتستأنف دورة وجودها. وقد أجادت الجماعة بالفعل على مدى عقود ارتداء أقنعة متعددة، تكفل لها التأثير على عقول أتباعها، والإفلات من انتقادات خصومها، والعودة إلى المشهد بالتسلل من ثغرات متعددة، وقد يكون فهم ومحاولة الوقوف على أبرز تلك الأقنعة الإخوانية وسيلة لكشف زيف وتلاعب تلك الجماعة، التى تحاول اليوم - وكل يوم- أن تعود بوجوه شتى تخدع الناس وتضللهم. أدركت الجماعة فى تحولاتها الراهنة أن استخدام الرموز الدينية والخطاب القديم سواء الدينى أو السياسى لم يعد مجديا فى حشد الأنصار والأتباع وتوسيع مساحة الحضور فى المجال العام، فعمدت إلى توظيف أدوات وحيل لا علاقة لها بالخطاب القديم، بل تعتمد على كوادر وأساليب ومنصات تبدو فى معظم الأحيان غير سياسية، وبعيدة تماما عن الارتباط المباشر بالجماعة ورموزها وشخصياتها. وهى بهذا المنحى تحاول أن تتفادى الحاجز النفسى الذى قد يواجهها لدى جمهور الرافضين لها، والمستنفرين ضد فكر الجماعة وممارسات التنظيم، فضلا عن أن ذلك الأسلوب يكفل لها أن تتوارى خلف ستار يجنبها أعباء ماضيها المثقل بالفشل والدم، ويمكنها من اختراق مساحات جديدة فى عقول أجيال من الشباب الذى قد لا يكون لديه من العمق والفهم ما يمكّنه من كشف أساليب «الإخوان» وممارساتهم، وينخدع فى المنصات التى تطلقها الجماعة بستار بعيد عن هويتها القديمة. اليوم تبدو محاولة تأمل وفضح هذه المحاولات الجديدة للتسلل الإخوانى إلى المشهد العربى فرض عين على الجميع، فمحاولات إعادة التموضع فى الساحة الإقليمية المضطربة تجرى على قدم وساق استغلالا لارتباك سياسى وأمنى يجتاح المنطقة، وهى حالة مثالية للتنظيم الذى يجيد التحرك فى أجواء الفوضى، ويتقن التسلل من تحت ركام الأحداث ليوجد لنفسه مساحة من الحضور ولو على جثث الآلاف وعبر المتاجرة بدماء الأبرياء. وأتوقف اليوم أمام مجموعة من الأقنعة التى يجيد التنظيم ارتداءها، سواء عبر عقود من نشاطه السرى أو المعلن أو بإعادة بناء نفسه اليوم، وهذه الأقنعة تخفى حقيقة تتناقض تماما مع ما يظهره التنظيم، أو فى أفضل الأحوال تُستخدم كأداة لتحقيق أغراض سياسية وتنظيمية لا تمت بصلة إلى القناع الذى تحرص الجماعة على الظهور به. ■■■ أول تلك الأقنعة التى تسعى الجماعة للتخفى وراءها، هو القناع الدعوى، وربما ارتبط ذلك القناع بسنوات التأسيس الأولى للجماعة فى ثلاثينيات القرن الماضى، لكن سرعان ما تكشف الوجه الحقيقى وهو الوجه السلطوى والسعى إلى الحكم. ومن يتأمل تراث الجماعة وما تركه قادتها لن يجد إسهاما حقيقيا يُذكر فى المجال الدعوى، فلا الجماعة طورت رؤية معاصر للدعوة الإسلامية، ولا قادتها ورموزها قدموا إرثا فقهيا أو فكريا يمكن الاعتداد به، بل حتى بعض الأعمال الدينية التى أنتجها محسوبون على الجماعة هى أقرب إلى الأعمال المدرسية دون تقديم أية رؤية أو منهج جديد للفهم. وتكمن المفارقة فى أن الاجتهاد الفكرى - ربما الوحيد - الذى قدمته الجماعة، كان تأصيلها لفقه العنف والإرهاب عبر أعمال سيد قطب، ومن بعده فقهاء الدم فى سنوات السبعينيات ثم فى مرحلة ما يسمى ب«الربيع العربى»!! ومنذ البداية سعت الجماعة إلى توظيف الدين ومقدساته كوسيلة للصعود السياسى، وأحيلكم إلى رسالة كتبها مؤسس الجماعة حسن البنا فى مجلة «الإخوان المسلمون» ومنشورة فى عدد 9 فبراير 1937 بعنوان «حامل المصحف»، وفيها يغازل الملك فاروق بطريقة مبتذلة مستخدما رمزية المصحف الشريف، فيقول البنا: «إن 300 مليون مسلم فى العالم تهفو أرواحهم إلى الملك الفاضل الذى يبايعهم على أن يكون حاميا للمصحف، فيبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنودا للمصحف، وأكبر الظن أن الله قد اختار الفاروق (فى إشارة للملك) لهذه الهداية العامة، فعلى بركة الله يا جلالة الملك، ومن ورائك أخلص جنودك». هذا مجرد نموذج من آلاف لا تتسع مجلدات لسردها، يجسد مدى التوظيف الإخوانى للدين ومقدساته فى خدمة أغراض سياسية، فالملك فاروق الذى كانت صوره وفضائحه تملأ الصفحات ويعرفها العامة والخاصة، بات هو فى نظر البنا ورفاقه حامى المصحف، وكأن مرشد «الإخوان» الأول يمتلك الحديث باسم المصحف فيمنحه هدية ووسيلة للبيعة لملك لم يكن سوى أداة فى يد الاحتلال صباحا، ولعبة بين أيدى الساقطات والمقامرين مساءً!! وحتى بعض الأعمال الدعوية الإخوانية هى أقرب لترسيخ فكرة التنظيم والتمكين للجماعة، أكثر منها خدمة للإسلام كدين وثقافة، وأغلب الأعمال التى يحاول البعض أن يتحجج بها كميراث فقهى لمحسوبين على «الإخوان» مثل أعمال القرضاوى والترابى والغنوشى، يمكن إدراجها تحت بند الفقه السياسى ومحاولة إكساب أفكار الجماعة رداءً دينيا لإكسابها شرعية، والتغطية على وجهها السلطوى الفج، وبما يسهم فى خلط الأوراق بين ما هو دينى وما هو دعوى، وهى لعبة وتكتيك قديم لا تزال الجماعة متمسكة به - وستظل- لأنه المرتكز الأهم الذى يضمن بقاءها واستمرار وجودها. ■■■ القناع الثانى الذى حرصت الجماعة على ارتدائه لخداع العامة وتضليل الناس، كان القناع الإصلاحى، فالجماعة دأبت على مدى عقود فى رفع شعار «الإسلام هو الحل»، وهو شعار انخدع به كثيرون، دون أن تقدم الجماعة عبر سنوات وجودها أية ترجمة حقيقية لهذا الشعار، فلم تقدم رؤية إصلاحية قائمة على القيم التى يجسدها البعد الحضارى للإسلام، بل كان معظم خطاب الجماعة فى هذا الصدد تهويمات غامضة لا يستطيع الباحث أو المتخصص أن يمسك بشىء حقيقى فيها. وربما هذه الحالة من الغموض والتمويه كانت مقصودة فى حد ذاتها، لأن تقديم برنامج يتعلق بتحقيق أهداف كبرى مثل الإصلاح والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وبناء مستقبل اقتصادى واجتماعى جاد يتطلب أدوات علمية وإجراءات واقعية، والجماعة أفقر وأضحل من الضحالة من أن تقدم هذا البرنامج، ولعل خير مثال على ذلك ما قدمته الجماعة من مشروع أطلقوا عليه «مشروع النهضة» فى عام حكمهم الأسود لمصر، ولم يتبق منه سوى سخرية المصريين منه إلى اليوم. وحال «الإخوان» فى مصر لا يختلف كثيرا عن كل فروع الجماعة فى مختلف الدول التى أبتليت بوجودهم، فلم يستطع التنظيم باختلاف تنوعاته أن يقدم مشروعا حقيقيا للإصلاح، لأن مشروعهم الوحيد هو الوصول إلى السلطة، وبعد ذلك خواء، وغالبا ما يدرك الناس حقيقتهم فيعمدوا إلى الإطاحة بهم، فيلجأ «الإخوان» إلى إظهار المظلومية والإضطهاد، وهذا هو قناعهم الثالث. ■■■ يعيش «الإخوان» دائما حالة عميقة من ادعاء المظلومية والاضطهاد، حتى وهم فى قمة السلطة(!!)، فهم دائما أسرى نظرية المؤامرة، وضحايا لفكرة غياب التمكين، وربما ترجع تلك الحالة إلى أن الابتزاز العاطفى وفكرة الاستضعاف تكسبهم تعاطفا من بعض الفئات الشعبية التى تميل بشكل نفسى إلى مساندة الأضعف، وهى جزء من التركيبة الإنسانية عموما، والشرقية على وجه الخصوص. وعلى مدى عقود أجاد «الإخوان» استخدام تلك الحالة من ادعاء المظلومية والتعرض للاضطهاد، حتى ترسخت تلك العقدة فى نفوسهم، وباتت جزءا أصيلا من ذهنيتهم وخطابهم السياسى، فهم تارة يزعمون أنهم «البديل الذى لم يحظ بفرصة لتجربته»، فإذا ما منحهم الناس فرصة لتلك التجربة، حاولوا مداراة فشلهم بادعاء تعرضهم لمؤامرة، وإذا ما سقطوا نتيجة عجزهم وقصر نظرهم عن قراءة الواقع قراءة دقيقة، استخدموا ذلك دليلا على صدق نظريتهم!! ومن الواضح أن تلك العقدة قديمة ومتجذرة فى الشخصية الإخوانية قدم الجماعة ذاتها، فهناك تحليل لافت يورده الدكتور عبد الله النفيسى فى كتابه الذى أصدر طبعته الأولى مع آخرين عام 1989، بعنوان «الحركة الإسلامية .. رؤية مستقبلية»، فيقول عن تحليله للصدام بين «الإخوان» وثورة يوليو 1952، ومحاولتهم اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والتآمر لاحقا لقلب نظام الحكم (قضية سيد قطب 1966): «ومرة أخرى وقع الإخوان فى الخطأ: الخطأ فى تقدير الموقف، وهو خطأ تكرر فى السياق التاريخى للجماعة. ومن الممكن أن ينشأ الخطأ فى تقدير الموقف من خلال المعلومات الخاطئة أو قل غير الدقيقة، وممكن أن ينشأ كذلك من طريقة وميكانيكية التعامل مع كشف المعلومات أيا كانت درجة دقتها. وفى جماعة «الإخوان» نشأ الخطأ فى تقدير الموقف - أكثر من مرة- من خلال تزاوج السببين معا (...) وبدلا من أن يقف «الإخوان» للمراجعة والمدارسة والنقد الذاتى لأساليب العمل وكيفياته، يلاحظ المرء أن تفسيرهم للأحداث السياسية التى عصفت بهم لا يخلو من مسحات كربلائية تؤكد على حتمية المحنة وأن المحنة ربانية، وأن ما أصابهم هو جزء من التمحيص الربانى للصفوف». المدهش حقا أن «الإخوان» لا يزالون إلى اليوم يكررون نفس السيناريو بحذافيره، يخطئون ويرفضون الاعتراف بخطئهم، بل يحملّون غيرهم جريرة ذلك الخطأ، ثم يعودون لاستغلال ذلك الخطأ عبر ادعاء المظلومية لاستدرار التعاطف!! ولعل ما جرى مثلا فى فض اعتصامى رابعة والنهضة خير دليل ومثال على ذلك، فالقراءة الخاطئة للواقع والإصرار على المضى فى طريق التحريض وصناعة الكراهية والتآمر على الدولة أدى إلى تأزم الموقف، لكن بدلا من أن تعترف الجماعة بسوء إدارتها للأزمة وارتكابها لأخطاء كارثية، سعت لتحميل الجميع المسئولية دون أدنى اعتراف بالجرم الذى ارتكبته، والأدهى أنها سعت إلى استغلال تلك الحوادث لاصطناع مظلومية جديدة! ■■■ القناع الرابع الذى يسعى «الإخوان» إلى ارتدائه أحيانا هو القناع السياسى، وهو قناع لا يريدون دائما الظهور به إلا فى عمليات التفاوض أو إن شئت الحقيقة المساومة، فهم يرفضون تصنيفهم كجماعة سياسية، بل يتمسكون بالوجه الدعوى الذى يكسبهم هالة من القداسة الدينية، بينما الوجه السياسى يجعلهم مضطرين إلى إظهار وجههم البراجماتى. ولسنوات طويلة لعب «الإخوان» أدوارا انتهازية سياسية، بداية من العلاقة مع الاحتلال البريطانى والقصر الملكى، مرورا بالعلاقة مع ثورة يوليو 1952، ونجاتهم من حل الأحزاب عقب الثورة ليخلوا لهم الطريق إلى السلطة، وبعد افتضاح نياتهم الحقيقية دخلوا فى مرحلة الصدام مع الثورة. وفى أعقاب الحرب الضروس مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر، عادوا أداة سياسية فى يد الرئيس السادات كعصا لمواجهة الناصريين واليساريين، ورغم ذلك لم يسلم الرجل الذى أعادهم إلى المشهد من لدغتهم القاتلة التى انتهت باغتياله فى 1981. بعدها حاولوا توسيع نفوذهم بالتمدد فى النقابات والجامعات خلال عصر الرئيس مبارك، والتمدد السياسى عبر البرلمان (88 نائبا فى برلمان 2005)، لكن كل ذلك لم يشبع شهوة «الإخوان» للسلطة، فعمدوا إلى ركوب موجة 25 يناير 2011، رغم أن كل الوقائع تثبت أنهم مارسوا انتهازية مفضوحة بسرقة حدث لم يصنعوه، بل احتكروا نتائجه واستفادوا من تداعياته. والانتهازية السياسية مكون أصيل أيضا فى الشخصية الإخوانية، حتى لو تعلق الأمر بخدمة العدو على غرار ما قام ويقوم به عناصر وأتباع الجماعة من خدمة لإسرائيل وحكومتها المتطرفة بالتغطية على جرائمها والتشويش على ممارساتها، ومحاولة تشويه الدور المصرى فى نصرة غزة، فخدمة العدو أحقر أشكال الانتهازية، إلا فى عُرف «الإخوان» وأتباعهم!! ■■■ القناع الخامس يرتبط بما سبق، وهو ادعاء الوجه الديمقراطى للجماعة، والحقيقة أن ذلك القناع مثير حقا للسخرية لا الدهشة، فتاريخ الجماعة حافل بمعاداة الديمقراطية، وتسجل وثائق التاريخ أن «الإخوان» خرجوا فى تظاهرات معروفة فى 1954 يهتفون «تسقط الديمقراطية»، رغم أنهم دائما الأكثر تشدقا - وإلى اليوم- بتلك الديمقراطية!! الأهم أن الجماعة بحكم تكوينها كتنظيم سرى مغلق هى أبعد ما تكون عن أية ممارسة ديمقراطية، فطبيعة البناء التنظيمى تعتمد على الولاء لشخص المرشد وقائد الخلية، دون أى اعتبار لفكرة الرأى والعقلية النقدية أو ممارسة أى نوع من حرية التفكير، بل إن جميع الشواهد المعروفة قديما وحديثا تسجل طرد، وربما قتل، من يرتكب «جريمة التفكير» داخل الجماعة، فما بالك بالجهر برأى مخالف للمرشد، أو حتى نقد لقرار، واقرأوا ما كتبته قيادات عاشت لسنوات فى صفوف الجماعة مثل مختار نوح وثروت الخرباوى ود. محمد حبيب!! الأكثر فداحة، هو ذلك الخلط الخطير والتداخل بين التنظيم وبين الدين، بحيث إن الحد الفاصل بين الدين كأمر إلهى وبين التنظيم كأمر بشرى لم يعد واضحا، فطاعة المرشد جزء من صلاح الأتباع وتقواهم الدينية، ومعارضته أو الخروج على أمره نوع من الكفر والمعصية، فعن أية ديمقراطية يتحدثون؟! ■■■ ويتجسد القناع السادس فى كلمة يندر أن يخلو منها الخطاب الإخوانى، وهى كلمة «السلمية» فادعاء السلمية كان - ولا يزال- واحدا من أكثر المزاعم التى تُصر عليها الجماعة رغم افتضاح حقيقة التنظيم السرى الذى كان أحد أهم وأقوى تنظيمات الجماعة، والحاضنة التى خرج منها أغلب قياداتهم، ومنهم من تولى منصب المرشد مثل مهدى عاكف ومحمد بديع. والاغتيالات السياسية أكثر من أن تُحصى فى تاريخ الجماعة، ليس فقط لخصوم الجماعة مثل النقراشى باشا والقاضى الخازندار بل لتصفية بعض قيادات الجماعة لبعضهم (مقتل السيد فايز بعبوة متفجرة أرسلها له عبد الرحمن السندى مسئول التنظيم الخاص)، وصولا إلى بناء القاعدة الفكرية لتنظيمات الإرهاب عبر أفكار سيد قطب، واحتضان تنظيم «الفنية العسكرية» لتدبير انقلاب للاستيلاء على السلطة، وتأسيس تنظيمات «الأفغان العرب» التى صارت لاحقا المنطلق لتنظيمات «القاعدة» ومن بعده «داعش». وما جماعات مثل «حسم» و»لواء الثورة» وغيرها كثير سوى تنويعات حديثة على فكرة التنظيم الخاص، ومن يراجع عدد شباب «الإخوان» الذين قتلوا فى سوريا وليبيا بعد انضمامهم إلى تنظيمات «داعش» و»جبهة النصرة»، سيدرك حقيقة قناع السلمية الذى تصر الجماعة على التستر وراءه. ■■■ سابع الأقنعة - وتضيق المساحة عن الاسترسال فى التفاصيل - هو التهويل فى قدرات الجماعة سواء التنظيمية أو ما يتعلق بمؤهلات كوادرها، ولعل ما تعانيه الجماعة من انقسامات داخلية وتمزق بين جبهات ثلاث من لندن إلى اسطنبول دليل دامغ على حجم التفسخ الذى تعيشه الجماعة، ومدى التردى الذى يواجهه التنظيم الذى ضحت الجماعة بكل شىء من أجل بقائه. وتكفى نظرة لحجم الإخفاقات والإفلاس الذى كشفه أداء «الإخوان» فى أكثر من دولة بالمنطقة فى أوج صعودهم السياسى فى 2011، لندرك حقيقة التهويل الذى تمارسه الجماعة لتضليل العقول وخداع البسطاء، وهو نهج لا أتصور أن الجماعة ستتخلى عنه، فهى إلى جانب التضليل والخداع، تجيد تكرار ارتكاب الأخطاء بغباء لا تُحسد عليه!!