«ماذا لو قالها مسؤول عربي؟».. ردود فعل كبيرة على إساءات البيت الأبيض «أمك من فعلت»    عفت السادات ل في الجول: أرحب بالترشح لانتخابات الاتحاد السكندري.. و300 مليون مبلغ بسيط للحل    محمد صبحي: عهد الإسماعيلي في وجود يحيي الكومي كان "يستف" الأوراق    مصر تفوز بجائزة أفضل وجهة تراثية في فئة الوجهات المتميزة    قرار قضائي عاجل بشأن إفلاس شركة «المتحدة للصيادلة»    برواتب تصل إلى 17 ألف جنيه، 285 فرصة عمل بشركة خاصة بالسويس    تفاصيل برنامج عمل الرئيس السيسي في القمة المصرية الأوروبية غدا    الصين تكمل بناء أول مركز بيانات تحت المياه يعمل بطاقة الرياح فى العالم    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    إنهاء التعاقد مع أحد معلمي الحصة بالجيزة لعدم قيامه بالشرح داخل الفصل    وزارة التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 20 ألف طالب منذ 7 أكتوبر 2023    تفاصيل برنامج عمل السيسي في القمة المصرية الأوروبية غدا    مصر وأوروبا.. نموذج الشراكة في حقبة ما بعد الهيمنة    «زنزانة انفرادية وحكم ب 5 سنوات».. الرئيس الفرنسي الأسبق خلف القضبان فكيف سيقضي أيامه؟    الصين تدعو الحكومة اليابانية إلى الوفاء بالالتزامات بشأن التاريخ وتايوان    «العمل»: 285 وظيفة شاغرة بشركة بالسويس (تفاصيل)    فرصة عمل شاغرة بجامعة أسيوط (الشروط وآخر موعد للتقديم)    منتخب مصر يواجه نيجيريا فى ديسمبر ومفاضلة بين مالى والكاميرون استعدادا لأمم أفريقيا    «الأرقام بعيدة».. شوبير يكشف موقف ثنائي الأهلي من التجديد    ضبط صانعة محتوى بالسلام لنشرها مقاطع خادشة للحياء على مواقع التواصل الاجتماعي    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    جدول مواعيد رحلات القطارات المنيا- القاهرة غدا الأربعاء    تفاصيل إصابة سيدة ألقاها زوجها من الطابق الثانى فى بورسعيد    إصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمدينة أسوان الجديدة    جامعة الإسكندرية توافق على تعديل مسمى قسمين بمعهدي الصحة العامة والبحوث الطبية    مكتبة الإسكندرية تهنئ الكاتب الكبير محمد سلماوي لاختياره «شخصية العام» بمعرض الشارقة الدولي للكتاب    حقيقة تقديم تذاكر قطارات مجانية تزامنًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير.. مصدر يوضح    لحظة بكاء يسرا وحسين فهمي بالجونة السينمائي بعد عرض فيلم عن معاناة الفلسطينيين (فيديو)    وزير الثقافة يلتقي محافظ السويس لبحث سبل دعم الأنشطة الإبداعية    برج العقرب يزداد بصيرة.. أبراج تتمتع بالسلام بداية من الغد    محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام فى مهرجان الموسيقى العربية    بعد سرقتها من متحف اللوفر.. تعرف على قلادة الزمرد التاريخية| تفاصيل    ليست مجرد مشاعر عابرة.. "الإفتاء" توضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت    هل شدّ الرحال لزيارة مساجد آل البيت مخالف للسنة؟.. أستاذ الفقه بجامعة الأزهر يجيب    استشاري: ماء الفلتر افضل من المياه المعدنية للأطفال    ظهور حالات فى مدرسة بالمنوفية.. علامات الجديرى المائى وطرق العلاج    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الحكومة تنفي وجود قرار رسمي بزيادة الأجور    الدفاع الروسية: استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية    رئيس البرلمان العربي يطالب بتشكيل مجموعة عمل لدعم جهود تثبيت التهدئة بغزة    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    ذكرى إغراق المدمرة إيلات| القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين.. شاهد    المستشفيات التعليمية تستضيف فريقًا إيطاليًا لجراحات قلب الأطفال بمعهد القلب    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    مؤمن سليمان: قيمة لاعب اتحاد جدة تساوي 10 أضعاف ميزانيتنا بالكامل    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنوز| ذكرى رحيل «سعد زغلول ومصطفى النحاس وأحمد بهاء الدين».. ومقال لزعيم الأمة.. ونوادر النابلسي
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 27 - 08 - 2025

تقوم «كنوز الأخبار» بإعادة نشر بعض الموضوعات الشيقة والمواقف النادرة والتي حدثت في القرن الماضي والتي نشرت في جريدتنا العريقة «الأخبار».
■ مصطفى النحاس مع زعيم الأمة سعد زغلول
◄ النضال المتصل بين زعيمي الأمة في ذكرى رحيلهما
العناية الإلهية هى التي اختارت أن يرحل زعيم الأمة سعد باشا زغلول في 23 أغسطس 1927، وهى التى اختارت أن يرحل في نفس التاريخ من عام 1956 خليفته فى النضال الوطنى مصطفى باشا النحاس بعد 29 عاماً من رحيل أستاذه ومثله الأعلى، سنوات تحمل خلالها النحاس باشا ما فُرض عليه من معارك فى النضال الوطني يحتاج سردها لمجلداتٍ.
ولو دققنا فى الحوادث والأحداث سيتبين لنا المُشتركات فى مسيرة سعد باشا زغلول وخليفته مصطفى النحاس فى قيادة حزب الوفد، ونبدأ بسعد باشا الذى قال: «الحق فوق القوة.. والأمة فوق الحكومة»، ومن المعلوم أن سعد باشا وُلد عام 1860 بقرية إبيانه التابعة الآن لمحافظة كفر الشيخ، تعلم فى الكتّاب القراءة والكتابة وحفظ القرآن، والتحق بالجامع الدسوقى لكى يتم تجويد القرآن، وفى عام 1873 جاء للقاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف تأثراً بجمال الدين الأفغانى الذى زرع فيه حرية التفكير والبحث والإصلاح وله الفضل فى تجويد لغته العربية، فأحسن الخطابة والكتابة، وعندما تتلمذ على يد الشيخ محمد عبده نشأت بينهما علاقة تفوق علاقة الابن بوالده فشب بين يديه كاتباً وخطيباً، وأديباً سياسياً وطنياً، وعمل بجريدة «الوقائع المصرية» ناقداً لأحكام المجالس الملغاة ومعقباً عليها، ورأت وزارة محمود سامي البارودي ضرورة نقله إلى وظيفة معاون بنظارة الداخلية، ونُقل بعدها لوظيفة ناظر قلم الدعاوى بمديرية الجيزة، وشارك فى الثورة العرابية بالمقالات التى حرض فيها على التصدى لسلطة الخديو توفيق المنحاز للإنجليز، ولهذا فقد وظيفته وقُبض عليه عام 1883 بتهمة الاشتراك فى تنظيم «جمعية الانتقام»، وعُين وكيلاً للنيابة، وترقى رئيساً لها، وكان من المدافعين عن «تحرير المرأة» لقاسم أمين، وفى 1906 أصبح وزيراً للمعارف، وشارك فى وضع حجر أساس الجامعة المصرية 1907، وتأسيس النادى الأهلى وتولى رئاسته وخطرت له فكرة تشكيل الوفد المصرى للدفاع عن القضية المصرية عام 1918، ولم يتوقف نضاله ضد المحتل حتى بعد أن تم نفيه واشتعلت ثورة 1919 من أجله ومن أجل مصر التى وحدت الشعب فى بوتقة واحدة، ولم يصبه اليأس حتى بعد أن تعرض لمحاولة الاغتيال التى أصُيب فيها بإصابات طفيفة، لكن العناية الإلهية أرادت أن ينجو منها.. وكتب أمير الشعراء قصيدة يشكر فيها الرب على نجاته والتفاف الشعب حوله، ونفس المعانى عبر عنها شاعر النيل حافظ إبراهيم فى قصيدة أخرى، سيمفونية نضال لزعيم أمة خلدته وستخلده على مر الزمان، وحمل الأمانة من بعده تلميذه فى النضال الوطنى الذى ترأس من بعدها حزب الوفد العريق.
ويقول صلاح الشاهد مدير التشريفات الملكية فى كتابه «ذكرياتى بين عهدين» أن النحاس روى له عام 1947 كيف انضم إلى الوفد، عندما تركز انتباهه فى شبابه على رجلين هما: مصطفى كامل وسعد زغلول، استرعى انتباهه فى أسلوب مصطفى كامل اعتماده على الخديو عباس حلمى الثانى صاحب السلطة الشرعية على الأمة الذى حاول التمكن من هذه السلطة بانتزاعها من معتمد الاحتلال الغاصب.. ولذلك كان النحاس يميل إلى مبادئ الحزب الوطنى، وافتتن بسعد باشا الذى وصفه بالزعيم الأوحد للشعب ووكيله المُفوض من كل طبقاته، وقال عنه : «تتبعت آثاره محامياً وقاضياً ووطنياً أميناً وتمنيت مقامه، وأكرمنى رب العزة فأصبحت خليفته فى قيادة هذه الأمة الخالدة على مر الزمن»، وكان هناك خلاف بين الوفد والحزب الوطنى فرأى سعد باشا التوفيق فى هذا الخلاف لخدمة القضية المصرية فاقترح على الحزب الوطنى أن ينضم مصطفى النحاس ود. حافظ عفيفى عضو اللجنة الإدارية للحزب إلى الوفد المصرى، وعندما سُئل سعد باشا عن النحاس قال: «النحاس رجل طيب القلب، ثابت المبدأ، يميل إلى الثرثرة ولكنه خفيف الروح ويميل إلى الخيال، سريع الانفعال لكنه لا يتغير بتغير الأحوال، وطنى مخلص، فقير مُفلس، ذكى غاية الذكاء، وفيه كل الوفاء وله فى نفسى مكان خاص».
بهذه العبارات تحدث سعد باشا عن النحاس، وعرفنا انبهار النحاس بسعد باشا، ولهذا سار على خطى أستاذه سعد، فتعلم فى الكتّاب وحفظ القرآن، واستكمل تعليمه بمدرسة الناصرية، ثم الخديوية الثانوية وتخرج بمدرسة الحقوق عام 1900، وعمل بالمحاماة حتى عام 1903، وقد لعب النحاس دورًا مهمًا خلال ثورة 1919، كان وقتها يعمل قاضيًا بمحكمة طنطا ووكيلًا لنادى المدارس العليا، فنظم مع عبد العزيز فهمى إضراب المحامين، وكان الوسيط بين لجنة الموظفين بالقاهرة واللجنة بطنطا، فكان يحمل المنشورات داخل ملابسه ويقوم بتوزيعها هو ومجموعته على أفراد الشعب، وفُصل من منصبه كقاضٍ نتيجة لنشاطه السياسى الوطنى، وينتمى مصطفى النحاس إلى الرعيل الأول من مؤسسى الوفد المصرى الذين انضموا إلى سعد زغلول، وكان الوفد عندما تأسس يضم خليطًا من السياسيين من اتجاهاتٍ مختلفة يمثلون أطياف الخريطة السياسية المصرية التى تشكلت فى السنوات الأولى من القرن العشرين، وكان من رفاق سعد باشا الذين تم نفيهم معه للمرة الثانية لجزيرة «سيشل» 1921، وضمن قيادات حزب الوفد الذى شكله سعد باشا بعد العودة من المنفى، وأصبح سكرتيرًا عامًا للوفد المصرى، واختاره سعد باشا وزيراً للمواصلات فى أول وزارة يشكلها فى 28 يناير 1924، وبعد فشل الانقلاب الدستورى الأول الذى قاده زيور باشا تنفيذًا لإرادة الملك، تشكلت حكومة ائتلافية بين الوفد والأحرار الدستوريين، وأصبح مصطفى النحاس وكيلًا لمجلس النواب، وبعد وفاة سعد زغلول انتخبه الوفد رئيسًا له، وحل محله فى سكرتارية الوفد مكرم باشا عبيد، وحمل من يومها مصطفى النحاس راية النضال الوطنى والديمقراطى زعيمًا لحزب الأغلبية فى ظروف حصار مستمر للحياة النيابية على يد الملك المستبد والسفارة البريطانية، وبعد أقل من ستة أشهر شكل النحاس باشا أول وزارة ائتلافية برئاسته فى 16 مارس 1928، وتولى رئاسة الوزارة 7 مرات، مرتان فى عهد الملك، ومجموع ما قضاه النحاس فى الحكم لا يتجاوز سبع سنوات، فعادة ما كان حكمه ينتهى بانقلاب دستورى يدبره الملك بمباركة الإنجليز، وفى الوزارة الأخيرة أقالها الملك فاروق فى 27 يناير 1952، وكانت مؤامرة حريق القاهرة هى المبرر المزعوم لإقالة الوزارة، وقد تعرض النحاس باشا فى فترة نضاله الوطنى لسبع محاولات اغتيال نجا منها بالعناية الإلهية لأنه كان عنيداً مع الملك فاروق ومتحدياً لسلطات الاحتلال التى وقع معها معاهدة 1936، وعندما تكشف له أنها لم تكن فى صالح مصر والمستفيد منها هو الاحتلال ذهب للبرلمان ليُسقطِها قائلاً: «من أجل مصر وقعتها ومن أجل مصر أعلن إلغاءها» ونتج عن ذلك النضال المسلح ضد الاحتلال، نضال استحق عنه تمثال بالإسكندرية وآخر بالقاهرة لتخليد دوره الوطنى، ونضال مشابه من خليفته مصطفى النحاس باشا الذي عاملته ثورة 23 يوليو1952 بما لا يليق بتاريخه الوطنى وزعامته للأمة، وهناك من تعمد تشويه نضاله بالطعن فى زوجته فى «الكتاب الأسود»، وعندما خرجت الملايين لتشيعه فى جنازة لم يتوقعها أحد، تأكد للجميع مدى محبة الشعب له ولنضاله، رحم الله زعيم الأمة سعد زغلول باشا وخليفته الزعيم الوطنى مصطفى النحاس باشا.
■ أحمد بهاء الدين مع زوجته فى المنزل
◄ الذكرى 29 لرحيل «بهاء» الفكر والقلم
وُلد أستاذنا فارس القلم الرصين الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين في 11 نوفمبر 1927 بالإسكندرية، لم يعش حياته مثل أقرانه، لأنه كان الولد الوحيد على خمس بنات، القراءة كانت تسليته الوحيدة فتشبع بالمعرفة، درس القانون بجامعة فؤاد الأول التى تخرج فيها عام 1946..
عمل بالقضاء لكنه كان يراسل الصحف التي تنشر مقالاته فتحول لكاتب ينافس الكبار، وكان أصغر رئيس تحرير عندما أسندت له روزاليوسف رئاسة «صباح الخير»، وشغل بعدها الكثير من المناصب العليا بدار الهلال والأهرام وأخبار اليوم والأخبار وآخر ساعة وروزاليوسف ومجلة العربي الكويتية، وكان على مسافة من السلطة رغم إعجابه بفكر عبد الناصر القومى واختلافه مع بعض سياساته لكنه دافع عنه بعد رحيله، ورغم قربه من السادات وكتابة بعض خطاباته، ظل حريصاً على حرية الصحافة، وخاض معارك مع دراويش الماركسية، ودخل فى معركة مع العملاق عباس محمود العقاد حول عداوته للمرأة.. واليوم نحيى الذكرى 29 لغيابه عنا فى 24 أغسطس 1996، وبعيداً عن السياسة نعيد نشر مقال «الأنوثة.. والرجولة» الذي يقول فيه : «تلقيت رسالة طريفة من فتى وفتاة قالا إنهما خطيبان ولكن شيئاً يهدد حياتهما الزوجية المقبلة، هى تدخن وهو لم يذق طعم السيجارة! هى تعتقد أن التدخين ليس كالخمر التى تُذهِب بالعقل، وهو يرى أن التدخين ينافى الأنوثة، ولا يطيق أن يجلس معها فُتخرج علبة السجائر وتوزع على الحاضرين ثم تشعل سيجارتها، وطلبا منى فى الرسالة أن أؤيد أحدهما، فاخترت أن أنضم إليها لعدم وجود صلة بين التدخين والأنوثة أو الرجولة، الأنوثة كانت فيما مضى هى الشعر الطويل والثياب الواسعة والجسد البدين، واليوم نرى الأنوثة متوافرة فى الشعر القصير والثوب البسيط والجسم الرشيق ! كانت الأنوثة التى تُرضى الرجل هى أنوثة البنت التى تسبل أهدابها حياءً وتتلمس حمرة الخجل، تجلس بين الناس صامتة لا تعرف شيئاً.
وأصبحت الأنوثة التى تجذب أنظار الرجال أنوثة المرأة الناضجة التى تعرف وتفهم وتتكلم، وكانت المرأة تعتقد أن من الأنوثة أن تكون غامضة، لكن العصر الحديث جعل هذه الصفات مُبتذلة لا تمت للأنوثة بصلة، فالغموض معناه فى الواقع أن عقل المرأة جاهل ونفسها مُعقدة وروحها غارقة فى الظلام، وتعنى أن المرأة لا تعرف ماذا تريد، فتعلن أنها تكره فى حين أنها تحب، وتصد وقلبها مُقبل، وأصبحت أنوثة المرأة المستنيرة تقوم على الصدق والبساطة، تعرف ما تريد وتطلبه فى شجاعة، تضع يدها فى يد الرجل، وتشترك معه فى رفع الجدار الذى يفصل بينهما، كانت الأنوثة قديماً تبدو للناس حساً معقداً فى جو من الغموض.. وأصبحت الأنوثة المُحببة هى التى تقدم نفسها فى صدق وبساطة، وكما تغير معنى الأنوثة تغير معنى الرجولة التى كانت فيما مضى تعنى أن يكون الرجل مفتول العضلات عريض المنكبين يصرع عشرة رجال بضربة واحدة كما فى أفلام رعاة البقر، والمجتمع الآن تتفوق فيه صفات العقل والعلم والثقافة والخلق، ويبرز فيه المهندس والطبيب والعالم، ولم يعد مظهر الرجولة فى القدرة على العدوان، ومن معانى الرجولة فى الزواج أن تخاف الزوجة رجلها وترتعد منه ! كانت النصيحة أن يذبح لها القطة ليلة الزفاف فترتعد وتخشاه طول العمر!.. أما الآن.. فالرجولة أن يحترم الرجل زوجته ولا يخاف من نمو شخصيتها، بعد أن كانت الرجولة هى أن يعاقب وينتقم وأن يكون أنانياً، أصبحت الرجولة أن يصفح ويتجاوز فيما لا يتعارض مع مبادئه! وكان الرجل قديماً إذا تركته زوجته طاردها بحكم الطاعة وأرغمها على أن تعيش معه فى خدمته، وكان هذا فى عين المجتمع رجولة، لأنه استعمل قوته وأرغمها على البقاء فى حوزته، والمجتمع المتحضر الآن لا ينظر لهذا التصرف على أنه رجولة، بل يرى الرجولة فى أن تقوم علاقته الزوجية على أساس الاختيار، وأن تكون الزوجة باقية بملء حريتها، فإن رأى أقل سحابة تعكر سعادتهما، أو تُغريها بالانفصال سرحها بإحسان.
أحمد بهاء الدين
◄ «روزاليوسف» - أغسطس 1955
■ كنوز: نرجو ألا يُفهم من المقال أن أحمد بهاء الدين كان يشجع التدخين، أو يجعل المرأة تتمرد على زوجها وتناقض مبادئه، كاتبنا الكبير كان يريد أن يوضح المتغيرات الاجتماعية بين أفكار الماضى وزمن الخمسينيات، ليؤكد على تغير مفهوم الأنوثة ومفهوم الرجولة بأسلوب منطقى بسيط.
■ أم المصريين مع زوجها سعد باشا زغلول
◄ المرأة والحرية في مقال لزعيم الأمة
ليست فكرة الاستقلال جديدة فى مصر، هى قديمة يتأجج فى قلوب المصريين الشوق إلى تحقيقها كلما بدت بارقة أمل فيه، وتخبو تارة كلما استطاعت القوة أن تخمد أنفاس الحق، ولقد كان الوقت الحاضر أنسب فرصة لتحقيق هذه الفكرة.
■ أفتخر بأن أكون على رأس أمة شاغرة مفكرة، ذات آمال قوية فى الاستقلال التام، وإنى أعاهدكم عهدًا لا أحيد عنه أننى أموت فى السعى إلى استقلالكم، فإن فزت به فذاك، وإلا تركت لكم تتميم ما بدأت فيه.
■ نحن نحب الحرية، ولكننا نحب أكثر منها أن تُستعمل فى موضعها.. كل أمر يقف فى طريق حريتنا لا يصح أن نقبله مطلقًا، مهما كان مصدره عاليًا، ومهما كان الآمر به.. كل تقييد للحرية لابد أن يكون له مبرر من قواعد الحرية نفسها، وإلا كان ظلماً.
■ الصحافة حرة تقول فى حدود القانون ما تشاء وتنتقد ما تريد، فليس من الرأى أن نسألها لم تنتقدنا، بل الواجب أن نسأل أنفسنا لم نفعل ما تنتقدنا عليه؟.
■ ليست الأمة المصرية اليوم كالأمة المصرية فيما مضى، وإنما هى أمة اتحدت أفرادها وجماعاتها، اتحد مسلموها وقبطها على أن يكونوا يداً واحدة، وأن يكونوا أحرارًا لا يطيعون إلا ضمائرهم.
■ إنني من أنصار تحرير المرأة، ومن المقتنعين به، لأنه بغير هذا التحرير لا نستطيع بلوغ غايتنا، ويقينى هذا ليس وليد اليوم، بل هو قديم العهد.
■ إننا محتاجون إلى العلم والعلماء، ولكن لا خير فى العالم إذا لم يكن وطنيًا يعمل لاستقلال بلاده، واعلموا أننا ما تقلدنا ذلك الشرف إلا لنقودكم إلى الاستقلال التام.
◄ سعد زغلول
«الهلال» -1 نوفمبر1936
■ عبد السلام النابلسي يقرأ الفنجان لفاتن حمامة
◄ نوادر «النابلسي» في ذكرى ميلاده
وُلد الفنان الكوميدى عبد السلام النابلسى فى 23 أغسطس 1899 بمدينة طرابلس بلبنان، وهو من عائلة فلسطينية من مدينة نابلس، جاء للقاهرة للدراسة بالأزهر لكنه عمل بالصحافة فى عدة صحف ومجلات قبل أن يتجه للسينما التى تميز فيها بأسلوبه الخاص، وأطلق عليه يوسف وهبى لقب «الكونت دى نابلسى» الذى نضيء له اليوم 126 شمعة مقابل ما قدمه لنا من ضحكاتٍ ما زالت تسعدنا.. فعندما غامر ودخل مجال الإنتاج السينمائى أحس بخيبات الأمل التى كانت تصيب المنتجين بالمرارة والخسارة عندما تخرج الشيكات من جيوبهم، وفى يوم واحد وقع عبد السلام ما يزيد على 10 شيكات وأحس أن رصيده فى البنك أصُيب بالأنيميا، فقرر ألا يوقع شيكات لمدة أسبوع، وأبلغه عامل الاستديو أن معجبة تقف بالخارج تريد أن يوقع لها على الأوتوجراف، فصرخ فيه «قل لها النابلسى مات، أوتوجراف إيه اللى أوقعه ويتضح بعدين أنه شيك متخفى» !!.. وقدم إليه أحد أصدقائه فتاة من الوجوه الجديدة ليسند إليها دوراً فى إنتاجه الأول وأخذ عبد السلام يختبرها فى التمثيل، فوجدها باردة العاطفة لا تعرف كيف تتفاعل مع الموقف، وقال لصديقه: «انت جايب لى واحدة عاملة زى التليفون بتاعى لما تنقطع عنه الحرارة» !.. وفى أول يوم بدأ فيه عبد السلام النابلسى تصوير أول فيلم من إنتاجه، كان كل من يدخل البلاتوه يتناول شيئاً على حساب النابلسي، وفى آخر النهار ذهب العامل يطالبه بمبلغ 270 قرشاً ثمن الطلبات ولكن النابلسى عمل «ودن من طين وأخرى من عجين»، فأخذ العامل يلح مما جعل النابلسى يصيح فى البلاتوه «اللى اسمه طلبات يرد عليه بقى ويريحنا»!
ومنذ أن نشر بالصحف والمجلات عن مغامرة النابلسي الأولى فى دخول مجال الإنتاج السينمائى والوجوه الجديدة من الفتيات يحاولن مقابلته حتى ضاق بهن، وذات صباح خرج من بيته مستقلاً سيارته وفى الطريق وقفت «عنزة» أمام السيارة وأبت ألا تتحرك وهو يرهبها ببوق السيارة ونزل ليصرخ فيها «ماعنديش دور معزة والله» !.. استقبل عبد السلام النابلسي مندوب إحدى المجلات فى استراحة من التصوير بالاستديو : وقال له «تشرب قهوة ولا كازوزة»، فقال الزائر «اشرب كازوزة»، ومرت نصف ساعة ولم تأتِ الكازوزة، فقال الزائر قبل أن ينصرف «صدق من قال لى إنك بخيل يا أستاذ»، فبادره النابلسى «انت مرضيتش تشرب قهوة فطلبت لك كازوزة واتارى البوفيه مفيهوش كازوزة»!.
«الكواكب» - 15 يوليو 1958


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.