طارق الطاهر فقدت الحركة الثقافية والفنية قامة كبيرة برحيل د. يحيى عزمى أستاذ الإخراج فى أكاديمية الفنون، وأحد مؤسسى فن الإخراج فى مصر والوطن العربى؛ هذه الشخصية الثرية التى بدأت حياتها بحلم التعلم فى الخارج، واستطاع أن يكون أحد المبعوثين، ليحصل على الماجستير والدكتوراه من المعهد الحكومى المركزى للسينما فى موسكو، ليعود إلى مصر، ليشارك بجهد موفور فى تخريج دفعات من أكاديمية الفنون، أصبحوا الآن «أساتذة» يشار لهم بالبنان. يمتلك يحيى عزمى من الثقافة وإتقان اللغات الأجنبية، وعلى رأسها الإنجليزية والروسية، ما جعله جسرا للتواصل بين أحدث ما يصدر عنهم، لينقله بمحبة لتلاميذه فى محاضراته، التى كانت بالنسبة لهم «معرفة» جديدة، وهو ما عبر عنه هؤلاء التلاميذ من مختلف الأجيال، من خلال ما دونوه على صفحاتهم الخاصة على الفيس بوك، فبكلمات قليلة موجزة عميقة فى دلالتها، كتبت د. ثناء هاشم أستاذ السيناريو بالمعهد العالى للسينما: «يحيى عزمى أحد أهم أساتذة المعهد العالى للسينما، وأكثرهم ثقافة وقيمة عبر تاريخه. عرفت د. يحيى عزمى قبل ان أراه، من شخصيتين عزيزتين على قلبى، الأول الراحل العظيم د. فوزى فهمى، الذى ربطتنى به صداقة كبيرة استمرت لأكثر من ربع قرن، فتح لى خلالها «أبواب ذكرياته»، ساردا حكايات عن أسماء شاركته حلم تكوين أنفسهم وتعليمها فى الخارج، لينقلوا خبراتهم التى صقلتها السنوات لتلاميذهم ووطنهم، وكان دائما ما يرد ضمن هذه الأسماء «المؤسسة» التى بنت وساهمت فى تطوير أكاديمية الفنون، اسم د. يحيى عزمى، أما الشخصية الثانية التى حببتنى فى هذا الرجل قبل أن أراه، فهى العزيزة الغالية الأستاذة الدكتورة غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون، التى التقيت بها منذ أكثر من 15 عاما، وأصبحت تمثل لى انعكاسا لقيم كبيرة فى العطاء، وإثبات الذات، متسلحة بحب جارف لمن يتعاملون معها، ولمَ لا وهى تلميذة وزوجة د. يحيى عزمى، بما يمثله من قيم يندر وجودها فى هذا الزمن؟ لذا لم أندهش من كثرة محبيه على اختلاف أطيافهم- الذين تدفقوا فى ليلة العزاء، ليساندوا غادة وابنتيها فى هذا المصاب الأليم لهم ولنا». رحم الله الفقيد رحمة واسعة، بحق ما قدمه لوطنه من علم وتلاميذ أصبحوا الآن «أساتذة».