كتبت: دينا يحيى الأدغم في ظل تصاعد الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نيودلهي لوقف اعتمادها على الخام الروسي، تتجه الصين لشراء مزيد من النفط الخام الروسي، والذي كان عادة مخصصًا للهند، وذلك بعد أن قلّصت نيودلهي مشترياتها تحت ضغط أمريكي متزايد. وبحلول منتصف أغسطس، كانت شركات التكرير الصينية قد ضمنت ما لا يقل عن 15 شحنة للتسليم في أكتوبر ونوفمبر، تتراوح كل منها بين 700 ألف إلى مليون برميل. اقرأ أيضًا| البنتاجون يُطلق خطة لفك احتكار الصين لموارد استراتيجية حيوية| تعرف عليها الصين تستحوذ على الشحنات الموجهة للهند بحسب تقرير لموقع Firstpost، ضمنت شركات التكرير الصينية بحلول منتصف أغسطس ما لا يقل عن 15 شحنة من الخام الروسي للتسليم في شهري أكتوبر ونوفمبر، تتراوح حمولة كل منها بين 700 ألف إلى مليون برميل، هذه الشحنات تأتي غالبًا من مسارات مثل القطب الشمالي والبحر الأسود، وهي مناطق كانت في السابق تخدم الطلب الهندي بالأساس، ما يكشف عن إعادة توجيه واضحة في خريطة تجارة النفط الروسي. ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كانت الهند المستورد الأكبر ل النفط الروسي وبدأت في تقليص مشترياتها بشكل ملحوظ، ويُرجع المُحللون ذلك إلى التهديدات الأمريكية بفرض تعريفات ثانوية على الدول التي تواصل شراء الخام الروسي، ويُقدَّر حجم الخفض الهندي بما يتراوح بين 600 و700 ألف برميل يوميًا. النفط الروسي الأرخص يغري بكين تشير الأرقام إلى أن الهند استوردت خلال عام 2024 نحو 88 مليون طن من الخام الروسي، بقيمة تقارب 53 مليار دولار، وفي المقابل، استوردت الصين حوالي 109 ملايين طن بقيمة 62.6 مليار دولار، ما يعكس مكانة البلدين كأكبر زبائن لموسكو في سوق النفط. وهناك واحدة من أبرز العوامل التي شجعت بكين على التوسع في وارداتها هي الميزة السعرية، إذ يباع النفط الروسي بأقل من 3 دولارات للبرميل مقارنةً بدرجات الخام القادمة من غرب آسيا، الأمر الذي يمنح المصافي الصينية وفورات إضافية ويعزز تنافسيتها في السوق. اقرأ أيضًا| ترامب يهدد بقطع نفوذ روسيا النفطي.. هل بدأ العد التنازلي الحقيقي؟ هل تستطيع الصين تعويض تراجع الهند؟ ورغم هذه الطفرة في الطلب الصيني، يرى مُحللون أن بكين غير قادرة على استيعاب كامل الكميات التي كانت تستوردها الهند سابقًا، إذ تستورد الصين حاليًا نحو 1.2 مليون برميل يوميًا من الخام الروسي المحمول بحرًا، مقارنةً بمعدل 1.7 مليون برميل يوميًا كانت الهند تستهلكه، ويعني ذلك أن روسيا قد تواجه فجوة في الإيرادات إذا لم تُعوض الأسواق الأخرى هذا النقص. وفي تحول لافت على خريطة التوازنات الآسيوية، أعلنت كل من الهندوالصين عن خطوات متقدمة لإعادة بناء الثقة واستئناف العلاقات التي شهدت سنوات من التوتر على خلفية النزاع الحدودي في الهيمالايا، ويأتي هذا التقارب، بحسب ما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، في ظل هزة جيوسياسية أحدثتها سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خصوصا بعد فرضه الرسوم الجمركية القاسية على صادرات الهند. استئناف الرحلات والزيارات الدبلوماسية وزار وزير الخارجية الصيني، وانج يي، نيودلهي مُؤخرًا والتقى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إلى جانب وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار ومستشار الأمن القومي أجيت دوفال. ووفقاً لوكالة Associated Press، فقد تم الاتفاق على استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين وإعادة إصدار تأشيرات للصحفيين، إضافة إلى استئناف أنشطة التبادل التجاري والثقافي. ومن المرتقب أن يقوم مودي بزيارة رسمية إلى بكين في أكتوبر المقبل، في أول زيارة له منذ عام 2018، وقد تتزامن مع انعقاد قمة منظمة شنجهاي للتعاون. ملف الحدود.. من التصعيد إلى التهدئة ظل النزاع الحدودي المزمن بين نيودلهيوبكين حجر عثرة في علاقاتهما، لكن المباحثات الأخيرة تضمنت التوصل إلى تفاهمات حول خفض التوتر وسحب القوات بشكل تدريجي من بعض النقاط المتنازع عليها. وأشارت الصحف الأمريكية إلى أن الجانبين يدرسان تشكيل آلية خبراء لتسريع مفاوضات ترسيم الحدود، وهو ما قد يفتح الباب أمام حلول جزئية أو "انتصارات صغيرة" كما وصفها محللون. ويشكل البعد الإقتصادي المحرك الأبرز للتقارب الجديد، وكشفت صحيفة Economic Times الهندية، أن بكين رفعت قيودًا كانت مفروضة على تصدير المغناطيسات الأرضية النادرة والأسمدة وآلات حفر الأنفاق إلى السوق الهندية، في خطوة تعكس رغبة الصين في تطبيع التبادل التجاري. لكن ما يدفع هذا التحول بشكل رئيسي هو سياسات ترامب الحمائية، فقد فرضت واشنطن الرسوم الجمركية بنسبة 25% على الواردات الهندية، ارتفعت لاحقًا إلى 50% بسبب استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي. ووصفت صحيفة The Washington Post، ذلك بأنه أكبر أزمة في العلاقات الأمريكية-الهندية منذ عقود. وبينما كانت الهند تعتمد على شراكة استراتيجية وثيقة مع الولاياتالمتحدة في مواجهة النفوذ الصيني، فإن هذه الإجراءات دفعتها إلى تنويع خياراتها الدبلوماسية والاقتراب أكثر من كل من بكين وموسكو. ويشير التقرير إلى أن الضغوط الأمريكية تُمارَس بشكل انتقائي؛ فبينما تتعرض الهند لحملة تصعيدية من الرسوم الجمركية والتهديدات الاقتصادية، لم يضع ترامب الصين في قائمة الاستهداف المباشر، ربما لإبقاء قنوات التفاوض مفتوحة بشأن ملفات أكبر مثل التجارة الثنائية والمعادن النادرة.