كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يعيش حياة الزاهدين وكان يكثر من أداء العبادة وكان يقوم الليل يتعبد فيه حتى تتورم قدماه وعندما تسأله زوجته السيدة عائشة ألم يغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر كان يرد قائلا: أفلا أكون عبدًا شكورًا. ويقول المرحوم صديقى مأمون غريب فى كتابه «المسافرون إلى الله» إن التصوف لا يعنى أن يعيش المتصوف لآخرته ويترك دنياه بل على العكس تمامًا كان هَم المتصوف ألا تأسرهم الدنيا وتصبح كل همهم أو تخدعهم الدنيا وتلهيهم عن ذكر الله بل العمل من أجل يوم الميعاد وعاشوا دنياهم دون أن تنسيهم العمل من أجل ما فيه رضاء الله.. وحتى المتصوفون من الأغنياء لم تصرفهم عن العبادة والطاعة للدين بل جعلوا من أموالهم وسيلة للتقرب أكثر لله وعمل الطاعات والإنفاق من هذه الأموال فى سبيل الله، فهم يملكون الأموال ولكن الأموال لم تكن تملكهم ولا تستعبدهم وكان منهم من يخرج إلى ميادين القتال جهادا فى سبيل الله ودفاعا عن دينهم وابتعدوا عن حرمات الله وشعروا بسعادة غامرة تملؤهم وأحسوا بأنوار الله تملأ قلوبهم وكانوا لا يحملون ضغينة ولا حقدًا ولا حسدًا لأحد وارتفعوا فوق الصغائر وعاملوا الناس بالحسنى.. والتصوف لا يعنى هؤلاء الذين ادعوا أن التصوف قد رفع عنهم أداء التكاليف وأوامر الله فهم بهذا خرجوا عن دائرة الإسلام نفسه فإن أعظم رسل السماء محمد صلى الله عليه وسلم لم يرفع عن نفسه التكاليف فأقام الصلاة وكان يؤدى الزكاة وحج البيت ويعتمر ويقوم الليل ويصوم فى رمضان ولم يدع يومًا أن التكاليف ترفع عن أحد ويطبق قول الله فى كتابه «اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرًا ثم يكون حطاما» فالدنيا هى الدار الفانية.