نقدر بالتأكيد تحرك دول مؤثرة مثل فرنسا وكندا وربما بريطانيا، للاعتراف رسميا بفلسطين كدولة مستقلة، ونرجو أن تنضم باقى الدول التى لم تعترف حتى الآن إلى هذا التحرك الجاد لتطبيق حل الدولتين بالفعل وليس بالبيانات فقط. نقدر ذلك ونقر بأهميته، لكن الأهم الآن هو ضرورة وضع حد للجنون الإسرائيلى وإجبار مجرمى الحرب بقيادة نتنياهو على إنهاء حرب الإبادة وحصار التجويع والامتثال للشرعية الدولية التى تقوم إسرائيل بانتهاكها على مدى سنوات دون محاسبة وبلا عقوبات حتى الآن. الأمر لم يعد يتحمل المزيد من المراوغات أو الصمت على جرائم إسرائيل، شعوب العالم كله تدرك ذلك ومازالت حكومات عديدة تخضع لابتزاز صهيونى أو لضغوط أمريكية، وتتجنب ما لا يمكن تجنبه وهو التعامل مع إسرائيل كدولة مارقة وفرض العقوبات الرادعة التى تجبرها على احترام القوانين والقرارات الدولية، وإلا فإن ما تبقى من نظام دولى سوف يذهب أدراج الرياح لتسود الفوضى فى العالم كله. لم يعد هناك مجال للجدل حول حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل، ولا حول مسئوليتها عن تجويع مليونى فلسطينى فى غزة، ولا عن إقرارها العلنى بالتطهير العرقى الذى تقوم به ومخطط التهجير القسرى للفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية، الكل يدرك ذلك وأولهم القوى الكبرى التى تملك الصورة الكاملة لجرائم إسرائيل من أجهزة مخابراتها وقواعدها العسكرية المنتشرة فى المنطقة وأقمارها الصناعية التى لا تغيب عن سماء المنطقة، وأحيانا من شراكة سياسية وعسكرية معلنة فيما ترتكبه إسرائيل. لم يعد ممكنا التغاضى عن كل ذلك. مجرمو الحرب الذين يقودون الكيان الصهيونى لا يتركون فرصة- ولو ضئيلة- لمن تعودوا على مر السنين أن يحموهم من العقاب وأن يساعدوهم فى جرائمهم، الموقف الآن يختلف، والمخاطر أكبر من أن يتم احتواؤها ببيانات تنديد.. أو بمحاولات تبرير لم يعد يصدقها حتى من أطلقوها!! بل ويرفضها الآن معظم الإسرائيليين الذين يدركون عمق المستنقع الذى يقودهم إليه نتنياهو فى حربه الأخيرة من أجل البقاء. العقوبات الرادعة والفورية وحدها هى المطلوبة الآن. من يرسل سلاحًا لإسرائيل هو شريك لها فى حرب الإبادة، وكذلك من يدعمها سياسيًا واقتصاديًا، ومن يحول الفيتو الممنوح له من سلاح لحماية العالم إلى سلاح لحماية مجرمى الحرب الإسرائيليين ودعمهم ليستمروا فى جرائمهم!!.. ما تفعله إسرائيل يفوق ما ارتكبته النازية فى بشاعته، والقادم أسوأ إذا لم تفرض عليها العقوبات. الفيتو، الأمريكى لم يمنع العالم من فرض الحصار على النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا حتى سقط. الخطر الآن أكبر، والخيار الآن بين عدالة تنصف فلسطين أو سقوط نهائى لنظام دولى بأكمله. الدولة المارقة معزولة عن العالم كله، ومن يدعمها هو شريك فى جرائم حرب لا يمكن الدفاع عنها ولم يعد ممكنا الآن التغاضى عن الحقيقة الأساسية فى هذا الصراع.. هناك احتلال صهيونى عنصرى يرتكب أبشع الجرائم ولا بديل عن إنهائه. وهناك شعب فلسطينى صامد على أرضه لا بد أن ينال حريته واستقلاله ودولته الحرة.. ولا مجال للصمت أو التواطؤ ولا طريق إلا العقوبات الرادعة التى تستطيع وحدها أن تمنع الكارثة.