باعت مجوهرات قطعة وراء قطعة، وبحثت عن أي شيئ آخر تبيعه فلم تجد إلا سيارتها "الكرايزلر" والتي باعتها بنصف ثمنها، وفي النهاية قامت ببيع المقبرة التي بنتها كي تدفن فيها. حيث كانت لاتملك سوى أثاث غرفتين بإحدى العمارات بشارع عبد الخالق ثروت، ومجموعة من الصور واللوحات التي التقطها لها المصورين وهي بملابس أدوارها الخالدة.. كليوباترا.. ناتاشا.. ليلى العامرية.. غادة الكاميليا.. السطور التالية تروي مأساة الفنانة زينب صدقي بحسب مانشرتها مجلة آخر ساعة 1954. حيث قالت أثناء أحد اللقاءات بها، بأنها تريد أن يصل كلامها إلى قلوب الناس، وبصوت يشوبه حزن دفين قالت: لقد ذهبت كالمعتاد في أول يوم من الشهر لتصرف معاشها من خزانة الفرقة المصرية للمسرح، فنظر الصراف إلى الكشف ثم نظر اليها ووجهه يحمل أسى قائلا: انا آسف يامدام زينب.. معاشك انقطع. وتستكمل زينب صدقي وبصوت يشوبه ألم وغصة قائلة: لقد قطعوا معاشها الضئيل الذي لم يكن يزيد عن 23 جنيها بجرة قلم، ولم يتفضلوا حتى بكتابة خطاب يخبروها من خلاله بأنه قد تم قطع المعاش بدلا من أن يحرجوها بين زملائه وزميلاتها، والصراف أيضا. وتستطرد قائلة: كان من الممكن أن يوفروا عليها هذه الصدمة بخطاب لايكلف الفرقة أكثر من عشرة مليمات. وماكان من زينب صدقي إلا أن قالت للصراف، يابني اللي بيوصل العيش اللي فوق وهي تشير بأصبعها السبابة إلى السماء.. واللي بيقطع العيش هو اللي فوق.. سيبك من الناس اللي تحت، وانصرفت تجر أذيال الخزي والحزن، يجول بخاطرها ماقدمت من فن طوال فترة حياتها. وتتعجب، ماذنبها لكي تحال إلى المعاش، إن كبار الممثلين والممثلات في العالم مثل سارة برنار، اشتغلت بساق واحدة، وهربر مارشال كان يظهر في أواخر أيامه على المسرح بساق خشبية، وليونيل باريمور كان كسيحا وظل يمثل على الشاشة أدواره الخالدة وهو جالس على كرسي متحرك بعجلتين. وانهت حديثها قائلة: إن الكرسي الذي يجلس عليه مدير الفرقة بل والمكتب أيضا وربما القلم الذي وقع به أمر قطع معاشي كل هذا اشترته الفرقة من عرقها ودماءها هي وزملائه.