استهان بالأرواح ولم يقدم العزاء لأسرهم، أول تعليق من أسامة حماد على خطاب الدبيبة (فيديو)    151 شهيدا فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الأحد    تعادل إنتر ونابولي يشعل صراع اللقب ويؤجل الحسم إلى الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي    جنوب أفريقيا تتوج بأمم أفريقيا تحت 20 عامًا على حساب المغرب    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    أسطورة مانشستر يونايتد: صلاح يمتلك شخصية كبيرة..وكنت خائفا من رحيله عن ليفربول    حادث تصادم يعطل الطريق الزراعي بالقليوبية    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    لجنة الحج تعلن عن تيسيرات لحجاج بيت الله الحرام    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    نجل الفنان عبدالرحمن أبو زهرة يشكر السيسي بعد اتصاله بوالده    رجل الأعمال ماهر فودة يحضر العرض الخاص ل"المشروع X" بصحبة خالد صلاح وشريهان أبو الحسن    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    تبدأ ظهرًا.. جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 الترم الثاني في محافظة كفر الشيخ    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    احتفالية الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    لويس مارتان بريفوست يفاجئ الحضور بمعانقته شقيقه البابا لاوون الرابع عشر خلال قداس التنصيب    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    رئيس لبنان: هل السلاح الفلسطيني الموجود بأحد المخيمات على أراضينا قادر على تحرير فلسطين؟    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    «سأقاضيكم وأخطأت إني جيت».. القصة الكاملة لانفعال مصطفى الفقي على مذيع العربية    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    ملخص وأهداف مباراة إشبيلية ضد ريال مدريد في الدوري الإسباني    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    من أجل علاقة مُحرمة مع طفل... كيف أنهت "نورهان" حياة والدتها في بورسعيد؟    الشرطة الألمانية تبحث عن رجل أصاب 5 أشخاص بآلة حادة أمام حانة    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    وزير المالية الكندي: معظم الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة "لا تزال قائمة"    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الإثنين 19 مايو 2025    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    هل الرضاعة الطبيعية تنقص الوزن؟- خبيرة تغذية تجيب    دراسة تقليل التكدس في العيادات الخارجية بالقليوبية    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    محامٍ: المستأجر هو الطرف الأكثر حاجة لصدور القانون الجديد.. وهذا المطلوب من النواب    أمين الفتوى: يجوز للمرأة الحج دون محرم.. لكن بشرط    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    رئيس «تعليم الشيوخ» يقترح خصم 200 جنيه من كل طالب سنويًا لإنشاء مدارس جديدة    الشيوخ يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد حمروش يطلق الرصاص على زينب صدقى
نشر في التحرير يوم 20 - 10 - 2014

عندما تولى الضابط أحمد حمروش قيادة المسرح المصرى، راح يتعامل مع الفن والفنانين بكل عنف، وقرر أن يتخلص من كبار السن فى المسرح القومى، ويقلل من معاش هذا، ومعاش تلك، رغم أن بعضهم كان قد قدّم تاريخًا باهرًا على خشبة المسرح المصرى، واشتكى الفنانون بالفعل من هذا التعسف الذى لحق بهم، وكانت الأقدام الثقيلة تدهس الخبرات والطاقات والتاريخ، تحت شعارات تخفيض التكاليف، وضمن هذه الحملة التى تعرض لها الفنانون.
كانت الفنانة العظيمة زينب صدقى، إذ نالها هذا السيف الظالم الذى شهره الضابط أحمد حمروش، وسلطه على رقبتها، وقطع عنها المعاش، لمجرد أنها قد تجاوزت الستين من عمرها، واعتبرها لا تصلح للوقوف على خشبة المسرح، وزينب صدقى هى الفنانة العظيمة التى ولدت عام 1895، وكانت لها أصول أرستقراطية تركية، وعشقت المسرح بجنون، وبدأت التمثيل عام 1917، وقامت بأدوار لافتة فى مسرحيات أمير الشعراء أحمد شوقى ومنها مسرحية «مجنون ليلى» و«كليوباترا» وقامت بأدوار عديدة فى أفلام البداية فى مصر، ونالت جائزة المسرح فى سنوات تمثيلها الأولى.
ورغم هذا التاريخ المشرف والراقى، والذى لا تكفى هذه السطور لرصده، فإن سيف مدير الفرقة المصرية لم يع ولم يحترم تاريخ هذه الفنانة، وكذلك لم يحترم شيخوختها، وهنا كتب الراحل مصطفى أمين مقالًا بلهجة حادة، ونشر المقال فى صدر الصفحة الأولى من جريدة «أخبار اليوم» الصادرة فى 19 أكتوبر 1957، وكان عنوانه «ادفع جنيها ثمن تذكرة لرواية لن تحضرها»، وبدأه قائلا: «حكم مدير الفرقة المصرية الحكومية بإعدام زينب صدقى! قرر إعدامها جوعًا! أمر بحرمانها من معاشها الذى تتقاضاه وهو 23 جنيهًا فى الشهر، إن زينب صدقى اتصلت ب«أخبار اليوم» وقالت: عندما أموت سيضعون لى لوحة فى الأوبرا كما يفعلون مع أبطال المسرح، إن هذه اللوحة تتكلف خمسمئة جنيه! لا أريد اللوحة! وفّروا ثمن اليافطة وأعطونى ثمنها لآكل».
هذا الكلام الذى يصدر من فنانة كبيرة مثل زينب صدقى، ظهرت فى أفلام عديدة مثل «ست البيت» و«فتاة من فلسطين»، و«أولادى والنائب العام» و«الأحدب» وغيرها من أفلام كثيرة، ترك أثرًا كبيرًا عند مصطفى أمين، وانبرى مدافعًا عن الفن والفنانة أمام هذا التعسف، واستطرد كاتبا: «وكانت الممثلة العظيمة التى ظلت نجمة المسرح المصرى 35 عامًا تتكلم كأنها تبكى! كانت تقول: يا بخت سيد درويش ونجيب الريحانى وعزيز عيد! لو أنهم عاشوا إلى اليوم لفصلهم سى حمروش وحرمهم من المعاش لأنهم عواجيز».
وراح مصطفى أمين يتحدث عن تاريخ زينب صدقى، واسمها الحقيقى مرفت عثمان صدقى، التى كان اسمها يتردد على كل لسان، والتى أسعدت الملايين وأبكتهم فى أدوارها الخالدة، وكانت هذه الأدوار يتحدث بها الفنانون والكتّاب، وكانت تسمى آنذاك «اللادى زينب صدقى»، لأنها كانت تعيش كما يعيش الأثرياء، ولكنها كانت تحب الفقراء وتنتصر لهم، وقد وهبت حياتها ونفسها وتاريخها للفن العظيم، ولم تتزوج سوى بضعة أشهر، وظلت على مدى حياتها المديدة غير متزوجة، وتبنت طفلة ظلت معها حتى رحيلها عام 1993 عن عمر وصل إلى 98 عامًا، وفى إحدى المسرحيات سقطت على خشبة المسرح، وانكسرت قدمها وأصبحت عاجزة عن النشاط الفنى، ومن أجل هذا أحيلت على المعاش، ويكتب مصطفى أمين: «حتى جاء (حمروش) وأمر بالحكم بإعدامها جوعًا وحرمانًا من معاشها!»، وبدلا من الشكوى إلى الحكومة، ومنها فى الوقت نفسه، لجأ أمين إلى جمهور الفنانة العظيمة وطالبه بأن يدفع جنيهًا واحدًا لها، لكى تتغلب على هذه المحنة البشعة، وكتب: «إن (أخبار اليوم) تدعوك إلى أن تدفع هذا الجنيه، إنك تمنع تنفيذ حكم الإعدام الذى أصدره رجل لا يعرف -وهو يمسك قلمه ويوقع هذا القرار- أنه كان يمسك خنجرًا ويغمده فى صدر ممثلة من أعظم ممثلات مصر، وفنانة من أكبر فنانات الشرق العربى، وإنسانة لا تعرف الحقد ولا المرارة ولا الكراهية ولا الغيرة ولا الصغار!»، كانت الكلمات قاسية بحجم قسوة القرار، ويشعر القارئ لكلمات مصطفى أمين أن هناك مسكوتا عنه، أو خلفيات غامضة تجاه إدارة حمروش الضابط للفن والفنانين.
وبعد نشر هذا المقال الذى يشبه البيان، ثارت حمية المصريين، وفى خلال 24 ساعة جمعت «أخبار اليوم» ما يكفى الفنانة لمدة عامين، هذا وقد كانت الحملة ما زالت فى بدايتها، وكان المتبرعون لا يرسلون تبرعاتهم فقط، بل كانوا يرسلون رسائلهم التى تبدى تعاطفا شديدًا مع الفنانة زينب صدقى، ذاكرين أثرها وتاريخها بكل خير، وكان بعض نجوم الفن كذلك قد أرسلوا تبرعاتهم ورسائلهم المتدفقة حبًّا وتقديرًا للفنانة، ومن هؤلاء الفنان فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب وصباح وفاتن حمامة التى كتبت رسالة تقول فيها: «قرأت بقلبى رسالتك، واسمح لى أن أشترى مئة تذكرة لمئة حفلة من الحفلات التى أشهدها، وقصة زينب صدقى هى قصة كل فنانة، فإن فترة لمعان الفنان لا تطول، ولهذا يجب أن يستعد الفنان لهذا اليوم الحزين، يوم تنطفئ الأنوار، ويسدل الستار، ولهذا فإننى أرثى للذين يحسدون الفنان الذى يوفر بعض نتيجة عرقه ودمه وأعصابه ليستعد لهذا اليوم الكئيب»، وفى صباح اليوم ذهب على أمين إلى وزير الإرشاد فتحى رضوان ليعرف رأيه وموقفه فى هذه القضية، فأبلغه الوزير بأنه أوقف صرف المعاش، وكان مضطرًّا إلى ذلك اضطرارًا، لما هدد به ديوان المحاسبات بمحاكمة الموظف بوزارة الإرشاد الذى يصرف لزينب صدقى المعاش!! وهكذا تتكشف المساخر واحدة بعد الأخرى، وكذلك نشرت الصحيفة فى ذلك اليوم رسالة طويلة إلى أحمد حمروش، لا تقل مأساوية عن القرار ذاته، بل يكشف عن تعسف شديد، وبيروقراطية مقيتة، فى أروقة الحكومة التى لا تعرف للفن ولا للفنانين -أحيانا- أى تقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.