محمد إسماعيل رغم حالة الركود التي عاشتها صناعة الموسيقى العربية في السنوات الأخيرة بسبب ظروف اقتصادية وتسويقية وإنتاجية متعددة، جاء صيف 2025 ليعيد بعض الأمل لهذه الصناعة بطرح عدد من كبار نجوم الغناء ألبومات جديدة أعادت معها روح المنافسة والحديث عن قيمة الألبوم الكامل كعمل فني متكامل وليس مجرد تجميع أغنيات منفردة. فقد طرح الهضبة عمرو دياب ألبومه "ابتدينا" الذي ضم أغنيات متنوعة بين الرومانسي والدرامي والإيقاعي، ونجح في تصدر تريندات الاستماع خاصة بأغنيته "خطفوني" التي شاركته فيها ابنته جنى، إلى جانب أغنية "يالا" مع نجله عبدالله، مؤكدا حضوره الفني المستمر وقدرته على تقديم الجديد رغم عمره الفني الطويل. كما طرح الفنان رامي جمال ألبومه "محسبتهاش" مطلع يوليو بتعاون كبير مع شعراء وملحنين كبار، إضافة إلى دويتو مع نوردو بعنوان "زي الخطاف"، ودويتو آخر مع حمزة نمرة بعنوان "قبلت التحدي"، فضلا عن تلحينه عددا من أغاني الألبوم بنفسه. وطرحت المطربة السورية أصالة نصري ألبومها باللهجة المصرية بعنوان "ضريبة البعد"، إضافة لتحضيرات محمد منير لألبومه الجديد، وعودة العراقي كاظم الساهر بألبوم ضخم يضم أغاني عراقية وخليجية مرتقبة بشغف كبير. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، "هل الانتعاشة الغنائية الصيفية عودة قوية لصناعة الألبومات؟، أم مجرد اختبار من المطربين لقدرتهم على التواجد بألبومات كاملة لا أغنيات منفردة؟". في البداية يرى الناقد محمد شميس أن ألبومات صيف 2025 حملت قدرا كبيرا من التنوع والتجديد الذي أعاد الجمهور للاستماع بتركيز، وأكثر ما يميز ألبومات الصيف الحالي هو وعي الفنانين بأهمية تقديم ألوان موسيقية متنوعة داخل الألبوم، حتى لا يشعر الجمهور بالملل، فنجد مثلا في ألبوم عمرو دياب مزيجا بين الرومانسي والإيقاعي والدرامي مع حرصه الدائم على تقديم كلمات بسيطة تمس الناس بشكل مباشر. ويضيف شميس: "أما رامي جمال فقد أثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد مطرب بل ملحن أيضا قادر على قراءة السوق جيدا، وهو ما ظهر في أغانيه الجديدة التي مزج فيها بين الإحساس الدرامي والكلمات القريبة من مشاعر الشباب، ورغم جودة هذه الألبومات فنيا إلا أن تسويقها ما زال يعتمد بشكل أساسي على قوة اسم الفنان وشعبيته دون وجود خطة دعائية حقيقية لكل أغنية على حدة، وهي نقطة ضعف كبيرة في سوق اليوم الذي يحتاج استراتيجيات تسويق رقمية دقيقة جدا". ويختم شميس حديثه مؤكدا أن ألبومات الصيف أعادت لنا روح الاستماع الكامل للأعمال الموسيقية بعد فترة طويلة من الاكتفاء بالأغاني المنفردة، لكنها في نفس الوقت أكدت أن زمن طرح الألبوم دون خطة ترويج ذكية قد أنتهى. الناقد أمجد جمال يرى أن صيف 2025 أثبت أن الجمهور العربي ما زال لديه شغف للاستماع إلى ألبوم كامل إذا توفرت فيه شروط الجودة والتنوع، موضحا أن ألبوم عمرو دياب الجديد أعاد فكرة الألبوم كعمل فني متكامل، لأن كل أغنية فيه لها شكلها وتوزيعها المختلف، حتى وإن جمعتهم روح واحدة، وكذلك ألبوم رامي جمال نجح في تقديم محتوى مميز بتجربة الدويتوهات غير التقليدية. ويضيف أمجد أنه من الناحية الفنية نلاحظ أن المطربين الكبار أصبحوا أكثر حرصا على اختيار كلمات متنوعة ومواضيع غير مكررة داخل ألبوماتهم، وهو ما يمنح الجمهور تجربة استماع غنية ويجعله يشعر أنه أمام عمل يستحق التقدير والاقتناء حتى في زمن الأغاني الرقمية، محذرا من ضعف الخطط التسويقية، فأكبر مشكلة تواجه هذه الألبومات حاليا أن معظمها يطرح دون ترويج كاف لكل أغنية على حدة، سواء عبر تصوير كليبات متعددة أو التعاون مع شركات إعلانات ومنصات لبناء حملات تسويق قوية، خاصة أن السوق مزدحم جدا، والأغنية التي لا تروج لها جيدا تختفي بسرعة مهما كانت جودتها. ويختتم أمجد حديثه أن صيف 2025 أعاد الأمل في عودة قوة الألبوم كمنتج فني متكامل، لكنه في نفس الوقت كشف الحاجة الملحة لوجود فرق تسويق محترفة تدير هذه الأعمال حتى تصل لكل المستمعين بشكل حقيقي. أما الناقد عبدالرحمن طاحون فيرى أن ألبومات صيف 2025 تمثل انتعاشة حقيقية لصناعة الموسيقى العربية، لكنها محفوفة بمخاطر كبيرة إذا لم تتم إدارتها بشكل سليم، فوجود ألبومات جديدة لنجوم كبار مثل عمرو دياب ورامي جمال والسورية أصالة ومحمد منير وكاظم الساهر في موسم واحد، يعني أن هناك عودة قوية للسوق بعد فترة ركود طويلة، والجمهور كان متعطشا لأعمال كبيرة بهذه القيمة الفنية. ويضيف طاحون أن أكثر ما أعجبه في هذا الصيف أن معظم الفنانين اجتهدوا في اختيار كلماتهم وألحانهم وتوزيعاتهم ولم يعتمدوا على نجاح أسمائهم فقط، حتى عمرو دياب رغم نجوميته الطاغية حرص على تقديم تعاونات جديدة ومختلفة، محذرا من غياب الترويج الذكي، فالجمهور الحالي يستهلك الأغنية بسرعة، لكنه يمل بسرعة أيضا، وإذا لم يكن لدى الفنان خطة تسويق لكل أغنية فسيمر الألبوم رغم جودته دون أثر طويل، وهو ما حدث مع ألبومات كثيرة في السنوات الماضية. ويضيف طاحون أن المخاطرة الأكبر حاليا تكون بالنسبة للمطربين الشباب، فالفنان الكبير لديه قاعدة جماهيرية تضمن له الحد الأدنى من النجاح، أما المطرب الشاب إذا طرح ألبوما دون استراتيجية تسويقية قوية فلن يحقق له أي إضافة، وقد يضيع مجهود سنة كاملة في أيام قليلة. ويختتم طاحون حديثه أن صيف هذا العام أعاد الثقة لصناعة الموسيقى، وأكد أن الجمهور ما زال يقدر الألبوم الكامل بشرط أن يقدم له فنا حقيقيا وترويجا ذكيا يحترم عقله وذوقه. اقرأ أيضا: ظاهرة ألبومات ال15 أغنية .. مغامرة فنية فى زمن ال «السينجل»