تحل اليوم الذكرى السادسة لرحيل الفنان الكبير فاروق الفيشاوي، أحد أبرز أعمدة الفن المصري والعربي، الذي غادر دنيانا في مثل هذا اليوم من عام 2019. وبرحيله، خسر الوسط الفني رمزًا من رموزه الكبيرة، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا حافلًا بالأعمال الخالدة، وسيرة إنسانية ملهمة، لم يكن فاروق الفيشاوي مجرد ممثل، بل كان حالة فنية فريدة أثرت وجدان الجمهور لعقود، وتميز بحضوره الطاغي وصدق أدائه، سواء في السينما أو الدراما أو المسرح. من هو فاروق الفيشاوي؟ وُلد الفنان الكبير فاروق الفيشاوي في 5 فبرايرعام 1952، بقرية صغيرة هادئة في محافظة المنوفية، وسط بيئة أسرية ميسورة الحال، وكان أصغر أبناء عائلته، نشأ محاطًا بالحب والاهتمام، وأظهر منذ صغره علامات التميز والطموح، والتحق أولًا بكلية الآداب، ثم درس الطب لفترة، لكنه سرعان ما استجاب لنداء شغفه الحقيقي بالفن، الذي جذبه بقوة ليشق طريقه في عالم التمثيل، ورغم تغييره لمسار حياته، إلا أن اختياره لم يكن عبثيًا، فقد امتلك موهبة فريدة، وحضورًا طاغيًا على الشاشة، جعله نجمًا لامعًا في سماء الفن العربي. انطلقت المسيرة الفنية للفنان فاروق الفيشاوي من خلال مشاركته المتميزة في مسلسل "أبنائي الأعزاء شكرًا"، حيث لفت الأنظار إلى حضوره وأدائه الطبيعي، ثم تألق بشكل لافت في مسلسل "ليلة القبض على فاطمة"، الذي شكلت محطة مهمة في صعود نجمه، ومنذ ذلك الحين، واصل تألقه في الدراما التلفزيونية، مقدمًا أدوارًا بارزة في أعمال شهيرة مثل: "علي الزيبق"، "غوايش"، "ليالي الحلمية"، و"أولاد آدم"، التي رسخت مكانته كأحد نجوم الصف الأول. أعمال فاروق الفيشاوي أما على الشاشة الكبيرة، فكانت له بصمة لا تُنسى، إذ شارك في أكثر من 130 فيلمًا تنوعت بين الاجتماعي والسياسي والرومانسي، من أبرزها: "المشبوه"، "كتيبة الإعدام"، "الجراج"، "سوق المتعة"، "كشف المستور"، "فتاة من إسرائيل"، و"حنفي الأبهة". ترك من خلالها إرثًا سينمائيًا زاخرًا يخلّد اسمه في ذاكرة الفن العربي. كان فاروق الفيشاوي فنانًا عاشقا لفنه، لا يعرف التراجع أمام التحديات، ولا يخشى المواجهة، وقد تجلى ذلك بوضوح في واحد من أكثر مواقفه شجاعة، عندما أعلن، بكل هدوء وصلابة، عن إصابته بمرض السرطان خلال كلمته في مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2018، لم يكن الإعلان عاديًا، بل جاء بروح مقاتل لا يقهر، إذ قال حينها بثقة وإصرار: "سأتعامل معه كأنه صداع... وسأهزمه"، كلمات قليلة لكنها عبرت عن حجم القوة والإرادة التي تحلى بها، وظلت محفورة في ذاكرة جمهوره ومحبيه كدليل على شجاعته الاستثنائية. اقرأ أيضا| عادل عوض: زعل بسيط وراء قرار محمد رياض اعتزال المهرجان| خاص وفاة فاروق الفيشاوي رحل فاروق الفيشاوي في هدوء، كما يرحل الكبار دائمًا، لكن صمته لم يطفئ حضوره، فقد ترك خلفه إرثًا فنيًا غنيًا لا ينسى، وسيرة إنسانية خالدة من العطاء والصدق، ومواقفه النبيلة وأدواره المميزة وضعته في مصاف الفنانين الذين لا يغيبون عن الذاكرة، مهما مرالزمن. وفي ذكرى رحيله، لا تزال أعماله تشهد على موهبة استثنائية وفنان لم يعرف يومًا الانكسار، بل واجه الحياة والموت بثبات نادر، ولا يزال جمهوره يحتفي بأعماله، يفتقد صوته وطلته، ويستحضر فنه كجزء لا يتجزأ من ذاكرة الفن المصري والعربي.