عباس شراقي: تجارب توربينات سد النهضة غير مكتملة    انتخابات مجلس النواب 2025| الأحزاب على خط النار.. متابعة دقيقة وغرف عمليات مفتوحة    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    فائدة تصل ل 21.25%.. تفاصيل أعلى شهادات البنك الأهلي المصري    بعد 43 يوما عجافا، الكونجرس الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    مجلس النواب الأمريكي ينهي أطول إغلاق حكومي في التاريخ    بيان الفجر، زحف للسحب الرعدية الآن على هذه الأماكن مصحوبة بضربات البرق والرعد    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    بسنت النبراوي تتألق على السجادة الحمراء في افتتاح الدورة ال46 من مهرجان القاهرة السينمائي    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    مؤتمر المناخ COP30.. العالم يجتمع في قلب «الأمازون» لإنقاذ كوكب الأرض    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    «لو أنت ذكي ولمّاح».. اعثر على الشبح في 6 ثوانِ    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    بعد ظهور السلوكيات المرفوضة فى المتحف الكبير.. كيف تحمى دول العالم متاحفها؟    نقابة الموسيقيين تنفى إقامة عزاء للمطرب الراحل إسماعيل الليثى    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 الآن في السودان ببداية تعاملات الخميس 13 نوفمبر 2025    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    سحب منخفضة ومتوسطة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    بدء نوة المكنسة بالإسكندرية.. أمطار متوسطة ورعدية تضرب عدة مناطق    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    محمد صبحي يطالب أدمن صفحته بإحياء ذكرى زواجه ال52    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنات ريت |أطباء مخ وأعصاب: لا توجد إحصائيات رسمية بعدد المرضى وليس له علاج دوائى حتى الآن

طفلة واحدة تقريبًا من كل 10 آلاف إلى 12 ألف أنثى حول العالم مصابة ب«متلازمة ريت»، التى تُعد من أندر الاضطرابات الجينية العصبية، فى المقابل لا تكاد تكون غير مُسجَّلة بين الذكور، فيما ينتج المرض عن طريق خلل مفاجئ فى الجين «MECP2» المسئول عن تطور الدماغ، دون أسبابٍ بيئية معروفة. ولا يرتبط بمنطقة جغرافية محددة.
تبدأ قصة المتلازمة بميلاد طفلة تنمو بشكل طبيعى خلال الأشهر الستة الأولى، وتفقد تدريجيًا مهارات التواصل والحركة بين عمر 6 أشهر و4 سنوات، وتظهر علامات مأساوية كفقدان القدرة على الكلام والمشى، وحَركات يد متكررة تشبه فرك الأصابع أو التصفيق، يصاحبها صغر فى حجم الرأس واضطرابات خطيرة فى التنفس والهضم مع التقدم فى العمر، تواجه معظم المصابات تشوهاتٍ فى العمود الفقرى ونوبات صرع، وقد تهدد مشاكل القلب حياتها، مما يفرض رعاية طبية دائمة ودعمًا أسريًا متواصلًا لمواجهة هذا التحدى غير المُعلن.
هذا التحقيق يرصد بعض الحالات المُصابة داخل مصر، من خلال قصص تفيض بمعاناة ووجع فتيات صغيرات يفترسهن المرض، ورحلة علاج صعبة ومُكلفة وفوق طاقة الأسر المتوسطة، كما نستطلع آراء الأطباء حول طبيعة المرض وأسبابه وطرق علاجه.
اقرأ أيضًا | سكري الأطفال.. كل ما تريدين معرفته في سؤال وجواب
حقيقة المرض
أكد د.هشام فايق، عميد معهد الوراثة البشرية بالمركز القومى للبحوث، أن الدولة تُولى اهتماماً كبيراً بالأمراض الوراثية والبحث عن حلول فورية لتوفير علاج مناسب لها، مشيراً فى تصريحات خاصة ل «الأخبار» إلى أن هناك تعاوناً مشتركاً بين وزارة الصحة ومعهد الوراثة البشرية للتخطيط لتنظيم حملة للقضاء على الأمراض الوراثية ومنها: «متلازمة ريت» التى تُعد مرضاً وراثياً جينياً ناتجاً عن خلل فى جين MECP2، وهو مرض يصيب الإناث بشكل رئيسي. ويتميز هذا المرض بتراجع فى القدرات الذهنية، وخلل فى الحركة، وحركات نمطية لليد.. وخلل فى الجهاز العصبى اللاإرادى، وصرع، وسلوكيات شبيهة بالتوحد بين 6 و18 شهرًا، ويتراوح معدل انتشاره بين 1:10٫000 إلى 15٫000.1.. تحدث غالبية الحالات بسبب طفرات فى جين MECP2.
4 مراحل رئيسية
وأشار عميد معهد الوراثة البشرية إلى أن «متلازمة ريت» تتميز بأربع مراحل رئيسية.. منها: المرحلة الأولى حيث تظهر أعراض مُبكرة على الفتيات، وتشبه النمو المبكر الطبيعى نسبيًا تكون من خلال علامات وأعراض تأخر بسيط فى الحركة ويسهل إغفالها خلال هذه المرحلة أما المرحلة الثانية فتتميز بتراجع سريع فى القدرات الذهنية والحركية، حيث يفقد الأطفال المصابون العديد من المهارات المُكتسبة، وتبدأ هذه المرحلة بين عمر 6 و18 شهرًا، ويمكن أن تستمر لبضعة أشهر إلى بضع سنوات.
أما المرحلة الثالثة فهى مرحلة شبه الثبات أو المرحلة التى يستقر النمط الظاهرى فيها، ويمكن أن يبقى دون تغيير لعدة سنوات إلى عقود. وأخيرًا، فى المرحلة الرابعة، يحدث تدهور حركى متأخر.
وكشف د.هشام فايق عن أن معهد الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم يقوم بإجراء التحليل الوراثى الجزيئى لجين MECP2 للأطفال المترددين على المعهد، لكن علاج متلازمة ريت حاليًا يقتصر فقط على علاج الأعراض فقط، مثل: علاج الصرع والإمساك وارتجاع المرىء ومشاكل التغذية كل حالة على حدة.
وأوضح عميد معهد الوارثة البشرية أنه لا يوجد علاج مٌحدد حتى الآن لمرضى «متلازمة ريت»، لكن فى دراسات كثيرة لعلاجاتٍ جينية جديدة فى الآفاق ما زالت تحت التجربة.
تشخيص المرض
تقول الدكتورة ولاء النجار، استشارى مخ وأعصاب الأطفال بمستشفى أبو الريش اليابانى، وإحدى الأطباء القلائل المتخصصين فى تشخيص أعراض «متلازمة ريت»: بدأنا تشخيص المرض فى مصر منذ سنوات، وهو مرتبط بالجينات الوراثية، لكنه ناتج عن طفرة جينية نادرة، لذلك تكراره فى العائلة أمر صعب، ونادر الحدوث.. وتضيف: لا توجد إحصائية رسمية لأعداد المصابين، لكن وفقًا لما هو مُوثق فى جروب متلازمة ريت، لا يقل عدد الحالات فى مصر عن 100 طفلة.. وعن العلاج تقول: «هناك أدوية يتم إنتاجها حاليًا فى أمريكا، لكن لم تثبت فاعليتها الكاملة فى الشفاء التام، بل تساعد فقط فى إبطاء تدهور الحالة. وتكلفة الدواء قد تتجاوز مليوناً و700 ألف جنيه شهريًا، ولم يتم استيراده إلى مصر حتى الآن.. وتؤكد: لم تُسجل حتى الآن أى حالة شفاء تام أو عودة الطفلة إلى حالتها الطبيعية السابقة. كما لا توجد أبحاث طبية مُعتمدة فى مصر حول هذا المرض، ولا مراكز بحثية متخصصة فى دراسته، فيما يعتمد التشخيص فقط على أطباء المخ والأعصاب وأطباء الوراثة، من خلال ملاحظة الأعراض وتحليل الجينات.
مجموعة من الأعراض
من جانبها أكدت د. مها ندا استشارى مخ وأعصاب الأطفال بكلية طب عين شمس، أن مرض «متلازمة ريت» هو مجموعة من الأعراض التى تنشأ بسبب خلل جينى يسمى MECB2 وهو اضطراب عصبى جينى نادر يصيب الإناث.. ويصيب الأولاد الذكور نادراً، لكنه فى هذه الحالة يكون أشد فتكاً من الإصابة به لدى الفتيات وأضافت د. مها ندا: أن أعراض «متلازمة ريت» لدى الفتيات تبدأ بين 6 و18 شهرًا، التى تتشكل فى تراجع فى التواصل والكلام واللغة والحركة أو التعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى فقدان التحكم فى حركات اليدين وتظهر حركات لا إرادية، ولا يوجد علاج دوائى للمرض سوى العلاج الجينى الذى هو الآن فى المرحلة الثانية من التجارب التى لم تُستكمل بعد ويتم انتاجه فقط فى أمريكا.
وأكدت د. مها ندا استشارى مخ وأعصاب الأطفال أن أشعة الرنين على المخ لم توضح بصورة قاطعة طبيعة المرض، حيث تعكس صور الأشعة أن خلايا المخ سليمة، لكن حجم المخ لدى المرضى يكون أصغر قليلاً من الحجم الطبيعى.
«كارن».. ضحكة يلتهمها المرض
كل يوم بصحى على نفس الحلم... بنتى بتجرى نحوى وتنادينى «ماما»... وكل يوم بصحى على نفس الحقيقة: هى لسه جنبِي... بس عمرها ما هتعرف تمشى ولا تنطق الكلمة دى تاني.
بهذه الكلمات تتحدث ندى السيد اللبان من مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية عن ابنتها «كارن» التى تصفها بقلبها الثانى، وتتذكر كيف عاشت معها لحظات من السعادة قبل أن يلتهمها المرض.
تحكى بحرقة وقلب يعتصره الألم: «كارن كانت تضحك وتغنى وتتراقص كأغصان الشجر، وفجأة... اختفى كل شيء. بدأنا من ضعف وزن وقصر قامة، واتقال احتمال، نقص فى هرمون النمو..عملنا رنين مخ وطلع سليم، لكن الأسئلة ما خلصتش.. دخلنا فى دوامة تحاليل التمثيل الغذائي.. وتشخيص مبدئى قالوا «احتمال توحد»..عملنا تحليل MECP2 علشان نستبعد «متلازمة ريت»... وطلع سلبي!
وأضافت: عملنا تحليل موسّع للجينات، وطلع فيه طفرة فى جين MECP2.. يعنى «كارن» عندها «متلازمة ريت»، ومن يومها ما بقيتش بس بدور على تشخيص.. بقيت بدور على سلاح.. وعلاج جينى تحت التطوير.
تستكمل والدة «كارن»: إحنا لسه فى أول الطريق، اختفت الضحكة، تحوّلت إلى صمت رهيب، اختفت حركاتها، كأن شيئًا بداخلها انطفأ. كارن عمرها 3 سنوات ونصف السنة، كانت فى شهورها الأولى تضحك وتتحرك وتحاول النطق.. ثم توقفت فجأة عن كل شيء.
تنهمر دموع الأم وهى تقول: شفت فى عيون بنتى «كارن» وجعًا ما حدش يقدر يشرحه، شفتها وهى بتحاول تقول «تعبانة يا ماما» ومش قادرة، جسمها بيرتجف من التشنجات، ونفسها بيتقطع، قلبها وقف مرتين من شدّة التشنجات. شفت أكلها اللى بيقف فى حلقها، شفت إيديها اللى مش قادرة تمسك بيها، ورجليها اللى مش قادرة تمشى عليها... لكن أصعب حاجة، إنها محبوسة جو نفسها، مش قادرة تحكى، مش قادرة تعبر، ووجعها ساكن جواها.
واختتمت الأم كلامها : كلما نظرت إليها أشعر بها كأنها تقول: «أنا هنا يا ماما، حاسّة بكل حاجة، سامعة صوتك، بحب حضنك... بس جسمى مش بيسمع كلامي. نفسى بيقطعنى، وبنسى أتنفس. بطنى توجعنى، ورجليّ مش ثابتين. أنا مش ضعيفة يا ماما، أنا محبوسة فى جسمي... أنا محتاجة فرصة، محتاجة علاج، محتاجة حد يسمعنى وينقذني.»
فريدة.. «لسه بتحب وتحس وتتكلم بعينيها»
فى حى المعادى الهادئ تعيش «فريدة»، زهرة فى الخامسة من عمرها، كانت تملأ البيت بالحياة، تقول والدتها أسماء أحمد: فريدة كانت طبيعية، بتضحك، بتلعب، بتنادينى «ماما» بصوت يخلّى قلبى يرقص.. لكن بعد سن السنتين بدأت تتغير.. الكلام قل، ثم اختفى. النظرة بقت تايهة، إيديها بقت تقيلة، بطنها بتوجعها، ونوبات التشنج زاد عددها. مشينا بدكاترة ومعامل وأشعة.. لحد ما عرفنا إنها مصابة ب»متلازمة ريت».. وتكمل الأم : فريدة فقدت الكلام والحركة.. لكن ما فقدتش نورها. بتتكلم بعينيها، بتحب، وبتحس. كل يوم معركة جديدة. علاج طبيعى، علاج مائى، جلسات تخاطب.. أنا عمرى ما هقف، أنا سندها، وهى أملي.
«لوسيندا».. «عيون بتحكى وجع وأمل»
ومن مدينة العبور بمحافظة القليوبية، كانت لوسيندا ملء السمع والبصر، تملأ الدنيا ضجيجًا وبهجة، صوتها كان ينبوعًا من الحنان والرقة، ومع مرور الوقت ووصول عمرها 7 سنوات، عمّ الصمت المكان، وتحوّلت البسمة إلى حزن دفين.. تقول والدتها أمينة السعيد «مقدمة برامج»، بصوت مكلل بالحزن الشديد: «بنتى اللى نورت حياتى وقالت «ماما» بدرى وفرحت قلبي. لكن قلبى كان حاسس إن فى حاجة غلط. كانت متأخرة فى المشى، قالوا لى عادي.. لكن ما كانش عادي».
وتستكمل الأم : لفّيت ودوّرت، لحد ما جت الصدمة: لوسيندا عندها «متلازمة ريت». وهى عندها سنتان ونصف السنة بدأت تنهار قدامي.. سكتت، بطّلت تستخدم إيديها، وجات نوبات الكهرباء (التشنجات) وخدت منها الباقي.
وتتابع أم لوسيندا قائلة: نومها قليل، ألمها كتير، حتى الإخراج الطبيعى بقى صراع يومي. ومع كل ده، لوسيندا بطلة.. بتنزل علاج كل يوم، بتتعب بس مكملة..أنا بقيت أفهمها من نظرة عينيها.. عيون بتحكى وجع وأمل. وعدى ليها؟ عمرى ما هسيبك لوحدك يا بطلة.. وهنكمل الرحلة سوا.
«جومانا».. القلب الصافى
«جومانا»، فتاة فى عمر الزهور تعيش فى القاهرة، ودّعت الطفولة منذ سنوات، استمرت حياتها بصورة طبيعية، لم تظهر أعراض المتلازمة بوضوح إلا فى الثالثة من عمرها، ثم اختفت تدريجيًا.. حتى باغتها المرض مجددًا بعنف، وهى فى عمر الثامنة عشرة.
تقول والدتها: «جومانا» الآن لا تستطيع الكلام أو التعبير عن احتياجاتها. تعانى من تشنجات قوية، حركات لا إرادية، انقطاع فى التنفس، وتيبس مستمر فى العضلات. أى مرض بسيط يُدخلها المستشفى. حياتها معلّقة بأدوية دائمة، وأى نقص بسيط فيها يُعرضها للخطر.
مكة: «بتخنق ومش قادرة أتكلم»
تقول سهيلة خالد والدة «مكة»: تخيل بنتك تكون جعانة ومش قادرة تقولك، عطشانة ومش قادرة تطلب ميه، بتتخنق قدامك حرفيًا.. وإنت واقف عاجز.. مكة عندها «متلازمة ريت»، المرض اللى بيحبس البنات جوا أجسامهم.. شايفين، حاسين، لكن مش قادرين يتكلموا أو يتحركوا أو حتى يطلبوا حضن.
وتضيف: مكة عمرها الآن ثلاث سنوات ونصف السنة، وُلدت طبيعية، ضحكت، لعبت، قالت «ماما»، ومشيت.. لكن فجأة، كل حاجة اختفت لسانها سكت، إيديها وقفت، جسمها بقى ضدها..النهاردة بتعانى من تشنجات مؤلمة، ونوبات كتم نفس، وصعوبة فى البلع، وعدم توازن. كل يوم تحدي. كل يوم وجع.. بس مكة بتحارب.. بصمت، بصبر، بقوة فوق طاقة الأطفال. وأنا معاها.. من أول يوم، وهأفضل معاها لآخر نفس.
«زينة»: «نفسى صوتى يوصل»
إيناس أحمد، والدة «زينة» اغرورقت عيناها بالدموع وهى تقول: «إحنا من القاهرة.. و»زينة» روح قلبى عمرها 15 عاماً، كانت أحلى حاجة حصلت لى، بنتى الجميلة الرقيقة. بس بعد سنة ونصف السنة، بدأت ما تنتبهش لاسمها، ما تمسكش ألعاب، كل حاجة تقع من إيديها، وتمسك إيديها ببعض وتشبّكهم. وكانت لسه ما مشيتش.» «جرينا بيها على الدكاترة، وسمعت الكلمة الصعبة: بنتك عندها «متلازمة ريت» . مرض جينى نادر، مش وراثى، بيحصل لطفلة من كل 10.000 بنت.. لفّيت جوه وبره مصر. بدأنا علاج طبيعى وتخاطب وتنمية مهارات، وبعد سنين، جات نوبات الصرع. وانحناء فى العمود الفقرى.. وكانت صدمة تانية.. أنا بصرخ من جوايا عشان صوتى يوصل. نفسى أى جهة تتبنّى الموضوع، فى علاج جينى فى أمريكا ونتايجه واعدة.. يارب اشفِ «زينة» وكل البنات اللى زيها.»
«بريهان.. نفسى ألعب»
أنا «بريهان».. أنا مش غريبة.. أنا كنت بتكلم.. كنت بلعب.. بس دلوقتى مش قادرة. أنا لسه جوايا بنت بتحب، بتخاف، بتحلم، بس مش قادرة تحكيلكم.
تحكى والدتها مدام سامية قائلة: «بريهان» عمرها الآن 13 عاماً نقيم بحلمية الزيتون بالقاهرة، كانت زهرة قلبى جنة بيتنا، أول فرحتنا. لكنها دلوقتى بتعيش فى جحيم يومي.. تعب، وحرمان من أبسط الحقوق.. نفسها تلعب، تعبر، تضحك، تنام مرتاحة.. بس مرض ريت خد منها كل ده.. حياتنا واقفة على 3 حروف: (ر ى ت).
«أسيل.. شموعى بتنطفى»
فى طنطا تنطفئ شموع « أسيل الصباغ» واحدة تلو الأخرى.. كل شمعة تمثل مهارة كانت تملكها، وفقدتها.
تقول والدتها: «بنتى بطلة عندها 4 سنوات، كانت زهرة فى بستان وردى، حلوة الحلوات وجميلة الجميلات، فى عمر سنة ونصف السنة بدأت تظهر عليها بعض الأعراض بتحارب كل يوم، بتتحدى الألم والتعب، وأنا فخورة بيها جدًا».
وتابعت: «احنا من طنطا ودخلنا رحلة صعبة، بس كل حركة صغيرة بنتعلمها مع بعض بتقربنا من الحلم.. «أسيل» كانت بتضحك، بتنطق، بتلعب بإيديها.. فجأة بدأت تفقد الكلام، الحركة، التوازن، السيطرة على إيديها، وتدخل فى عالم صامت صعب».. «الطريق مش سهل، فيه تعب ودموع، وفيه لحظات إحباط، لكن أسيل دايمًا بتثبت لى إن الإرادة أقوى من أى مرض.. إن قلبها واعى بس جسمها مش بيساعدها».. وتستكمل والدة «أسيل»: للأسف مفيش علاج نهائى للمرض فى مصر، لكن فى دول تانية بدأوا تجارب علاج جينى جديدة، بتفتح باب أمل كبير لبنات ريت وأمريكا وافقت على أول دواء اسمه Daybue (علاج الشرب) سنة 2023.. وتضيف والدة «أسيل»: «بنات «متلازمة ريت « أبطال بيعيشوا مع ألم صامت وتحديات يومية كبيرة.. وبيحتاجوا دعم المجتمع كله، سواء بالدعاء، أو بالمساعدة، أو حتى بنشر الوعي.
جميلة: «المرض قالى مش همشى»
فى إحدى ضواحى القاهرة.. فى زاوية الغرفة، تجلس الطفلة جميلة، عيناها تتبعان أمها فى صمت، يداها ترتجفان بلا معنى، وابتسامة شاحبة تُصارع دمعة مُعلقة فى المقلتين.. لا تصرخ، لا تتكلم.. فقط تنظر.. تقول والدتها، الطبيبة آية عبد الرحمن، إخصائية العلاج الطبيعى: جميلة كانت بتلعب وتضحك، زى أى طفلة.. لكن فجأة، زارها مرض غريب، تسلل لجسمها الصغير وقالها انه مش هيمشي... هو مرض جينى نادر، ملهوش علاج دوائى نهائي. فيه علاج جينى فى أمريكا بس تكلفته بتوصل لمليون جنيه وأكثر شهريًا!..فى مصر، بنتعامل مع الأعراض فقط. بنشتغل على جلسات علاج طبيعى، تكامل حسى، تخاطب.. وده بيستمر مدى الحياة..المرض مش وراثى، ممكن يحصل بسبب طفرة أثناء الحمل.. غالبًا بيصيب البنات، ونادرًا الذكور، وبيظهر من سن 6 شهور لسنة ونصف السنة.
«مايرا».. تعبت من الحقن
قصة مايرا عماد مختلفة شوية تحكيها والدتها ابتسام الطحاوى قائلة: «إحنا من مدينة الإسماعيلية.. بدأت أعراض المرض تظهر على «مايرا» من عمر سنتين ونصف السنة.. لاحظت حركتها بقت تقيلة شوية ونظرات عينيها بتكون غريبة كأنها عايزة تقول حاجة لكن مش قادرة.. جريت بيها على كل الأطباء.. عملت فحوصات كاملة لكن فى النهاية طلع عند مايرا مرض متلازمة ريت.. والآن عايشين صراعاً يومياً مع الأدوية كمسكنات فقط.. وقدرت مايرا أنها تروح مركز رعاية وأنا معاها لأننى معلمة، فالحمد لله متأقلمين مع مرضها والعلاج المائى نجح معاها وبتقدر تسبح وبيحسن حركتها.. وبالنسبة للتعليم أنا بعلمها من خلال التواصل بالإشارة بالعين وشاريين جهاز tobii.. قادرة تعبر من خلال التواصل من خلال الصور لكن غالبية المصابين بمرض متلازمة ريت محتاجين كراسى متحركة ومشايات وحليب مكمل غذائى وجلسات علاج طبيعى، وأدوية وحفاضات بشكل مستمر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.