وقع الكلمة كثيرا ما يكون أشد تأثيرا من دانات المدافع وفرقعة الصواريخ حتى أصبح القصف الإعلامى على الشاشات أشرس من لعلعة البارود فى جبهات القتال على خط النار بغزة يستخدم العدو الصهيونى سلاح المصطلحات المراوغة ليحاول التخفيف من أثر خسائره الفادحة على أيدى المقاومة الفلسطينية فمثلا حين يعلن الإعلام الإسرائيلى عن «حادث أمنى صعب» اعلم أن العدو منى بخسائر بشرية مروعة التلاعب بالمصطلحات واضح هنا فالحادث الأمنى قد يطلق على حوادث السير أو حرائق المصانع وانهيار المنازل ومشاجرات الشوارع، أما خسائر العمليات العسكرية فلا يمكن أن تكون أبدا حادثا أمنيا صعبا. وكما فعل ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا حين حشد اللغة الإنجليزية وأرسلها للميدان خلال الحرب العالمية الثانية، يفعل نتنياهو نفس الشىء مستخدما حرب المصطلحات للتخفيف من تأثير قتلاه فى غزة على معنويات الداخل وكى لا تتناقض حصيلة الخسائر مع ادعائه تدمير 75% من كتائب حماس. ويطلق علماء اللغة على هذا التلاعب ب» تعقيم العنف» (سانتيزيشين اوف فايولنس) أى إخفاء حجم الخسائر أو تقليصها عبر سردية» حادث أمنى صعب» فيما يعنى أن أضراره ثانوية. كما أصبح أى انتقاد للصهيونية معاداة للسامية وأى منكر للهولوكوست كمنكر للتلمود. ولا يقتصر التضليل الصهيونى على مصطلحات الحرب، بل يوظف بقوة فى المفاوضات الجارية لوقف العدوان وتبادل الأسري، فتطالب إسرائيل ب»الهدوء المستدام» وترفض مصطلح «وقف إطلاق النار». فالتعبير الأول لا يعنى بخبث شديد وقف الاعتداءات أما الثانى فينهيه تماما. وتمارس إسرائيل اللعب بالمصطلحات معتمدة على كتاب» مشروع إسرائيل. معجم لغوى شامل .2009» تأليف د.فرانك لونتز أستاذ علم استخدام المصطلحات للإقناع وخبير تجميل الجرائم الصهيونية، أفرد فيه فصلا للمصطلحات المتعلقة بالصراع العربى الإسرائيلي، مقدما كتابه لمساعدة كل «من يحارب فى الجبهات الأمامية على خط النار الإعلامى دفاعا عن إسرائيل وكسب المزيد من الدعم والتأثير لصالحها». خلى لونتز ينفعكم. تصبحون على حادث أمنى أصعب.