وسط ترقب مشوب بالحذر، ينتظر العالم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، بعد أن سلّمت حركة حماس ردّها على المبادرة الأمريكية إلى مصر وقطر وتضمنت الردود إشارات إيجابية بشأن الترتيبات الميدانية والإنسانية تمهيدًا لمرحلة مفاوضات أوسع قد تفتح الباب أمام تسوية تُنهى الأزمة. وبين تعقيدات المشهد الميدانى وتشابك الحسابات السياسية، يبقى موقف مصر من القضية الفلسطينية ثابتًا ولا يتغير، فى إطار مسئوليتها القومية والتاريخية والأخلاقية، ولم يكن مترددًا أو متأرجحًا، بل واضحًا، قويًا، ومتماسكًا: لا للتهجير، لا لتصفية القضية، لا لحلول قسرية تُفرض على الفلسطينيين. لم تتحرك مصر بدافع الانفعال، بل من منطلق رؤية استراتيجية تعتبر أن القضية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى، وأعلنت مصر منذ الساعات الأولى للعدوان رفضها القاطع لأى مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم خصوصًا إلى سيناء، وأكدت أن أى حل يجب أن يكون على أرض فلسطين، لا على حساب دول الجوار. الرئيس عبدالفتاح السيسى كان حاسمًا فى كل تصريحاته: مصر لن تقبل تصفية القضية الفلسطينية، ولن تسمح بفرض أمر واقع يتجاوز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وهذا ليس خطابًا دبلوماسيًا بل تعبير عن قناعة مصرية راسخة بأن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967وعاصمتها القدسالشرقية هى الحل الوحيد العادل والممكن. تحركت القاهرة على كل الجبهات: سياسيًا عبر رسائل وتحركات فاعلة فى المحافل الدولية، من واشنطن إلى موسكو، ومن بروكسل إلى بكين، حيث حملت مصر تحذيرات صريحة بأن استمرار المجازر دون تدخل دولى سيقود إلى انفجار إقليمى واسع، وإنسانيًا ظلت معابر مصر مفتوحة رغم القصف، واستقبلت الجرحى، وسهلت عبور المساعدات، وأطلقت مبادرات لدعم إعادة إعمار غزة، إلا أن تم إغلاقها من جانب إسرائيل. لم تكن مصر يومًا وسيطًا محايدًا، بل طرفًا منحازًا للحق والعدالة، يقف بجانب الشعب الفلسطينى ويدافع عن حقوقه المشروعة، ولم تتخل عن دورها رغم الضغوط والتشكيك والمزايدات، لأنها تدرك أن القضية الفلسطينية ليست ساحة للمناورات السياسية، بل قضية أمة بأكملها. تحملت مصر أعباءً سياسية وأمنية واقتصادية هائلة من أجل الحفاظ على فلسطين فى قلب المشهد الإقليمى والدولى، وما زالت تنبه العالم إلى أن سقوط غزة لن يكون شأنًا محليًا، بل زلزالًا إقليميًا يهدد استقرار الشرق الأوسط بالكامل. لا تنتظر مصر ثناءً أو مكافأة، فهى تؤمن بأن ما تفعله نابع من ضمير وطنى وعربى لا يتغير، لأن فلسطين بالنسبة لمصر ليست عبئًا سياسيًا، بل واجب مقدس لا يسقط بالتقادم. وتظل مصر كما كانت دومًا، السند الحقيقى للفلسطينيين، تدفع الثمن دون أن تتراجع، وتظل ثابتة على مواقفها، لأن الحق لا يُقايض والعدل لا يُؤجل، والقضية الفلسطينية ستبقى فى وجدان الأمة مهما طال الزمن.