بيت بسيط في قرية ريفية، السكون يملأ الأركان، الشمس على وشك الغروب، أم هاشم، تقف أمام بيتها والمفتاح في يدها، وقعت عيناها على نجل شقيقتها، الطفل إسلام صاحب السبع سنوات، وهو يلعب أمام بيته.. نادت عليه وقالت: «تعالى معايا شوية يا حبيبي ومش هنتأخر»، ذهب معها بحسن نية فهي خالته أي في مقام والدته.. يداه الصغيرة ممسكة بيدها وعيناه بريئة، ووجهه فيه ضحكة مطمئنة، دخلا البيت معًا، خطواتها كانت هادئة لكنها متوترة.. طلبت منه أن ينتظرها على المقعد في صالة الشقة، ودخلت المطبخ استلت السكين، والانتقام يملأ قلبها، نظرتها تغيرت، والطفل المسكين يجلس طرف المقعد ينتظر غير مدرك لما يحدث، بهدوء مريب، اقتربت منه وطعنته بالسكين أكثر من مرة، ولم تتركه إلا وهو جثة هامدة.. نعم قتلته.. لكن لماذا أنهت حياته؟، فأي ذنب ارتكبه ذلك الصغير تسلب حياته هكذا وبيد من في حكم أمه؟... تفاصيل مثيرة في السطور التالية. داخل قرية شرهي، التابعة لمحافظة بني سويف، نشأ بطل قصتنا إسلام شحاته.. طفل يبلغ من العمر 7 سنوات، هو الابن الوحيد لأسرته الصغيرة المكونة من أب وأم، طفل تلمح البراءة في عينيه، والدته تنظر إليه وهو يكبر يوما بعد يوم أمام عينيها، تحلم بذلك اليوم الذي سيكبر فيه ويكون صاحب شأن وتراه عريسا، لكنها استيقظت من أحلامها الوردية على كابوس مفزع بعدما عثروا على فلذة كبدها الوحيد مذبوحا وغارقا في دمائه... فماذا حدث؟! انشغلت سحر والدة إسلام في أعمال البيت، بينما والده كان في عمله، فخرج إسلام يلعب أمام بيته، وبينما يجري هنا وهناك كالفراشة الجميلة، كان هناك من ينظر إليه بحقد، وهي خالته التي تدعى أم هاشم، نادت عليه واستدرجته من عالمه الصغير ودخلت به بيتها وبكل قسوة وجحود طعنته بالسكين أكثر من مرة، تناست في تلك اللحظة أنها أم ولديها ابن رضيع لم يكمل عامه الثاني بعد، وأنها خالة هذا الملاك البريء الذي قتلته بدم بارد، أي ذنب ارتكبه حتى يقتل بهذه البشاعة، وهو مازال طفلا لا يعرف للغدر معنى!.. أنهت جريمتها وتركته جثة هامدة غارقا في دمائه، وحملت ابنها وخرجت من البيت.. في تلك اللحظة شعرت سحر باختفاء نجلها، فخرجت تبحث عنه فلم تجده، دب الرعب في قلبها، أحست بأن هناك مكروها أصاب فلذة كبدها، فجأة انقلبت القرية الهادئة رأسًا على عقب، الكل يبحث عن الصغير، السيارات تجوب الشوارع بالميكروفونات تنادي عليه، لكنه فص ملح وداب وكأن الأرض انشقت وابتلعته.. بعد ساعات طويلة من البحث بلا فائدة، وجدوه جثة هامدة داخل بيت خالته، التي اختفيت هي الأخرى. بلاغ حالة من الذهول سيطرت على الكل، شلت الصدمة تفكيرهم، الكل يضرب كفا على كف ويسأل أي ذنب ارتكبه ذلك الملاك لتكون هذه نهايته؟، هل شاهد جريمة بعينيه فخاف المتهم من افتضاح أمره فقتله؟، أم أن قتله جاء انتقاما من والده أو والدته؟!، أسئلة كثيرة محيرة دارت بعقولهم، إجاباتها الواضحة الحاسمة كانت عند رجال المباحث. تلقت مديرية أمن بني سويف، إخطارا من شرطة النجدة، بعثور أهالي قرية شرهي التابعة لمجلس قروي النويرة بمركز إهناسيا، على الطفل إسلام شحاتة، 7 أعوام، جثة هامدة، وبه جرح قطعي في الرقبة.. على الفور انتقل رجال المباحث لمحل الواقعة، وتشكل فريق بحث لكشف غموض الحادث.. وبدأ رجال المباحث تحرياتهم لكشف غموض هذه الجريمة، وسؤال الجيران والأهل عن وجود خلافات بين أسرة الطفل وأحد الأشخاص، لكن الكل شهد أن أسرته بسيطة لم يكن لهم أي عداوات مع أحد، فلجأ رجال المباحث لكاميرات المراقبة والتي رصدت وجود الطفل في محيط بيته متجها لمنزل خالته ممسكا بيدها، ولم يخرج من البيت مرة ثانية، هنا الشبهات حامت ناحية الخالة.. ولكن يبقى السؤال لماذا قتلته؟! تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض عليها أثناء هروبها للمحافظة، وتم اقتيادها للقسم وهناك اعترفت بكل شيء. خلافات أسرية وقفت المتهمة أمام رئيس النيابة تسرد تفاصيل جريمتها، فقالت بصوت مرتعش: «أيوه قتلته عشان في خلافات أسرية بيني ووالدته». صمتت قليلا وكأنها تتذكر تلك اللحظة التي قررت فيها إنهاء حياة المجني عليه، فبدأت تسرد التفاصيل قائلة: «كنت في البيت وجدت أمي سابتلي مفتاح بيتها، وأنا كنت رايحة عندها، شفت إسلام في الشارع، ابن اختي سحر، قلت له تعالى معايا، وفعلًا طلع معايا على البيت، دخلنا أوضة تحت، وقلت له استنى هنا، رُحت سحبت السكينة من المطبخ، ودخلت عليه وضربته ثلاث طعنات في ضهره، لما جري على السلم علشان يطلع، جريت وراه وضربته في دماغه من وراه، وقع على السلم، بعد كده جري ناحية المطبخ، ضربته في رقبته، وقع قدامي، شيلته ورُحت مدخلاه الأوضة اللي تحت، سبت السكينة وخدت ابني والمفتاح، وخرجت ورحت على بيت أمي، لما الناس بدأت تسأل عليه والبلد اتقلبت، خدت فلوس من بيت أمي وخدت ابني وطلعت على بني سويف، وفي الطريق اتقبض عليا». حالة من الحزن سيطرت على أهالي القرية خاصة بعد اعترافات المتهمة، لكن جدة الصغير لم تستوعب أن ابنتها قتلته، وأكدت أنه لا توجد أي خلافات مع والدته التي هي شقيقتها أو والده، بل بالعكس دائما ما كانت تقترض منه الأموال ولم يبخلوا عليها بشيء، أما سحر والدة الطفل كانت في حالة يرثى لها، في عالم آخر لا تشعر بمن حولها، ففي لحظة فقدت ابنها الوحيد وعلى يد شقيقتها التي دائما ما تساعدها، تجلس سحر في غرفة نجلها تحتضن ملابسه لعلها تشتم فيها رائحته، تشرد بخيالها وتتمنى أن تكون في كابوس وتستيقظ منه ونجلها يدخل عليها ويرتمي بين أحضانها، ولكنها تستيقظ على الحقيقة وهو أنه قُتل ولن يعود لها مرة أخرى، في تلك اللحظة تتمنى القصاص العادل وإعدام القاتلة حتى يرتاح قلبها قليلا. تحولت القضية لمحكمة الجنايات وظلت متداولة داخل ساحات المحكمة وبعد 16 شهرا منذ وقوع الجريمة، أسدلت محكمة جنايات بني سويف الستار على تلك الجريمة البشعة وقضت بإعدام المتهمة. اقرأ أيضا: a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4645117/1/%D9%87%D8%B1%D8%A8%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1-%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA%D8%A7-%D8%BA%D8%B1%D9%82%D9%8B%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%B9%D8%A9-%D9%82%D9%85%D9%86-%D8%A7" title="هربا من الحر وماتا غرقًا في الترعة.. "قمن العروس" تودع طفلتين في بني سويف"هربا من الحر وماتا غرقًا في الترعة.. "قمن العروس" تودع طفلتين في بني سويف