في ظل التحديات التنموية التي يواجهها المجتمع المصري، ودعوة القيادة السياسية إلى أن تتبوء الجامعات المصرية مقعدها، كبيوت للخبرة، ما يؤهل الخطط التنموية أن تؤتي ثمارها المنشودة. وتسعى الجامعات المصرية إلى تعزيز دورها في خدمة المجتمع وتنمية البيئة، من خلال وصياغة الخطط والاستراتيجيات، وتبني المبادرات، ومن بينها تلك التي تركز على استثمار الطاقات والإمكانات المتاحة داخل الجامعات. واتساقاً مع ذلك، فقد تبنى المجلس الأعلى لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة سياسة جديدة تضع الجامعات في مقدمة المشهد الاقتصادي والاجتماعي من خلال تمكينها من لعب دور ريادي في السوق، وجاء هذا التوجه في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى الاستفادة من خبرات العلماء، جنباً إلى جنب مع تعزيز قدرات الطلاب والخريجين على مواجهة تحديات سوق العمل، وتحقيق التحول من الدور التقليدي للجامعات كمصدر للمعرفة إلى مراكز حيوية تساهم بشكل مباشر في التنمية الاقتصادية. وكانت دعوة المجلس على أهمية أن تتبنى الجامعات برامج ومبادرات تركز الاستفادة من خبرات علمائها مع التشجيع على ريادة الأعمال، وتوفير بيئة ملائمة لدعم المشاريع الناشئة، وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا. وقد تجلى ذلك بشكل واضح في توجهات جامعة الفيوم، إذ يتبنى قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة الفيوم رؤية مستقبلية تستند إلى استثمار خبرات أعضاء هيئة التدريس ومشروعات التخرج الخاصة بالطلاب، لخدمة القضايا المجتمعية وتوفير بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال ، في إطار هذا التوجه القومي والأجندة الوطنية لتطوير التعليم العالي. في هذا السياق أعلن قطاع خدمة المجتمع بجامعة الفيوم عن مبادرة «رواد الأعمال» كأحد أنشطة مركز متابعة الخريجين بالجامعة، تلك التي من خلالها يستطيع الطالب أو الخريج أن يجد الدعم فني، التقني، والتسويقي بشكل مجاني لتطوير المشروع الخاص به، كما يستطيع تنظيم معرض خاص بالمنتجات والوصول لشريحة أكبر من العملاء. ومن جانب آخر جاءت المنصة الاعلامية FUCampusPulse التي دشنها القطاع، كخطوة نحو تعزيز التواصل والانفتاح على المجتمع الخارجي، كمرآة حرة لكل فكرة ومجال مفتوح للتعبير والإبداع والمشاركة الفعالة، وهي بمثابة فرصة لمشروعات التخرج، المتميزة للعرض أمام المهتمين من المجتمع الخارجي. وفي ضوء دعوة القيادة السياسة إن الجامعات ليست مجرد مؤسسات تعليمية، بل هي قوى فاعلة في المجتمع، تساهم بشكل مباشر في معالجة قضاياه المختلفة، فقد سعت جامعة الفيوم على استثمار الطاقات البشرية، ممثلة في علمائها «على مختلف التخصصات»، ليعبر عن التزام الجامعة بتحويل قدراتها وخبراتها إلى أدوات فاعلة في خدمة المجتمع، حيث جاءت مبادرة خبراء الجامعة Pro Mind التي أطلقها مركز رصد ودراسة المشكلات المجتمعية في إطار سعي جامعة الفيوم لتكريس دورها المجتمعي وتعزيز الحضور العلمي والبحثي لأعضائها المتميزين، التي تعد بمثابة المنصة الإلكترونية الرسمية لخبراء جامعة الفيوم، التي من خلالها يمكن التعرف على علمائها وخبرائها في كافة التخصصات، ما يتيح الفرصة لتسهيل التواصل مع الجهات المعنية بصناعة القرار والمشاركة وتقديم الاستشارات في حل المشكلات المجتمعية محليًا ودوليًا، كما إنها تفتح آفاق جديدة للتعاون البحثي والاستشاري داخل مصر وخارجها وتدعم دور الجامعات كمحرك فاعل في التنمية المستدامة وخدمة المجتمع. لا شك إن تلك الخطوات الجادة من جامعة الفيوم نحو تمكين طلابها والسادة أعضاء هيئة التدريس من المشاركة في تنفيذ خطط الدولة التنموية بجانب دورهم الأكاديمي، والأنشطة التوعية والتثقيف المجتمعي تعد بمثابة استجابة سريعة تستحق الاشادة. حفظ الله مصر، وحفظ جامعات مصر. كاتب المقال.. كاتب ومحلل وأستاذ نظم المعلومات الجغرافية