«العالم فوق صفيح ساخن».. يظن البعض خطأ أن التطورات الموجودة حالياً تأخذ حالة من الانشغال عند السياسيين والقادة العسكريين فقط إنما حالة القلق والتوتر تنسحب على مساحة أكبر من المواطنين ولاسيما من الأطفال والمراهقين لدرجة أن أصبح لدينا نوع جديد من أنواع القلق اسمه «القلق النووى».. يوضح د. وليد هندى استشارى الصحة النفسية أن القلق النووى هو شعور ينتاب الإنسان بالقلق من مواجهة محرقة نووية محتملة، وصنف الأكثر شيوعا بين الأطفال والمراهقين فى فنلندا عام 1985 وأنه الأكثر شيوعا عند الشباب فى كولومبيا عام 1986، بالإضافة إلى أن الرجال أقل ميلاً للإبلاغ عن القلق النووى فهم أقل شعورا به عن السيدات اللاتى لوحظ من تعليقاتهن على السوشيال ميديا أنهن أكثر تعبيرا عن القلق النووى وخاصة بعد اندلاع حرب إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى أن الرجال أقل انكارا لتهديد الحرب النووية، فى حين أن السيدات أكثر وضوحا فى التعبير عن هذا القلق. وأضاف «هندى» أنه فى عام 2019 أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر استطلاعاً عن 19 ألف شاب وشابة من 16 دولة نصفهم يرجحون استخدام الأسلحة النووية فى العقد المقبل أى خلال 10 سنوات المقبلة، هذا يؤكد أن القلق النووى هو حالة عقلية مسيطرة على الإنسان فى معظم أوقات الحياة، وهذه التقارير جاءت بعد ما شاهدناه من حرب إسرائيل وإيران، هو عامل مفجر لمشاعر القلق النووى الذى ينتاب الإنسان على فترات بسبب وجود إرث ثقافى وأيديولوجى وسيو ديموجرافى ليس قليلا فى موضوع الحروب النووية مثل هيروشيما وناجازاكى وما حدث فى الحرب العالمية من ولادة أطفال مشوهة حتى الآن فى الصين واليابان وكوريا.. وفى 2018 إدارة وكالة هاواى للطوارئ أرسلت رسالة تحذيرية لأهالى هاواى من قدوم صاروخ باليستى سوف يقع، وجدوا أن الأطفال أصيبوا بحالة من الذعر والهلع وبكاء لا إرادى عدة أيام متتالية نتيجة الخوف من اندلاع حرب نووية، وذلك بسبب حساسية الأطفال من هذا النوع من القلق وإصابتهم بخوف مزمن وعدم الاستقرار وخيبة الأمل والظلم بسبب وجود أسلحة وأحداث لا يستوعبها عقلهم، وهذا يدل على أن الآثار المترتبة على الحروب النووية ينسحب على الصحة العقلية وليست النفسية فقط، والأطفال أيضا يصابون بالأرق والكوابيس واضطراب التعلق الزائد بالوالدين والنوم كثيرا وهو النوم الهروبى. اقرأ أيضًا| إيران–إسرائيل.. تصعيد مفتوح فى انتظار نهاية مهلة ترامب |أمريكا.. أول الوعود تتحطم على صخرة ضرب طهران وفى دراسة تشيكية فى عام 2023، أفادت أن40 % من الشباب شعروا بالإحباط النفسى عند الشعور ببوادر حروب نووية سمعوا عنها، بالإضافة إلى 60 % من هذه الدراسة أكدوا أن البشرية تذهب إلى الفناء الذاتى وأننا كلنا أموات وننتظر موعد كل شخص، وكل هذا مؤشر للخوف والقلق النووى والخوف من الحرب، وبالتالى كل هذا لابد من أن يكون له وقفة مع الأهالى بأن يعملوا على تحصين نفسى من القلق النووى عند أولادهم والاهتمام بهم والاستماع لهم وعدم السخرية من مخاوفهم والتعبير عن المشاعر السلبية ومناقشتهم بشكل دائم والابتعاد عن الشائعات والقلق والاضطرابات وعدم تداول صور مجهولة المصدر وعدم المبالغة والتهويل فى الأحداث والاعتماد على الأخبار الموثقة فقط، ودائماً نضع أخبار الحروب جزءا من اليوم وليست بشكل كامل مثل متابعة القنوات الإخبارية طوال اليوم، بل نمارس الحياة بشكل كامل، ونحاول تثبيت أولادنا فى اللعب والرياضة والاندماج فى المجتمع، مثل تجربة عام 1955، إقامة أطفال هيروشيما لقمة السلام يلتزمون فيها بالسلام فى ذكرى الحرب النووية وممارسة الأنشطة الخاصة بالسلام لأن هذا يدعم الإحساس الإيجابى بالحرب النووية وليست السلبية فقط لأنهم يشعرون أنهم يساهمون فى إيجاد حلول سلمية، والاهتمام بالتغذية الجيدة للأطفال.