كشف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الستار عن فصل جديد من حرب الرسوم الجمركية، مُستهدفًا هذه المرة عملاق التكنولوجيا «آبل» والاتحاد الأوروبي بأكمله. بتغريدات مفاجئة، وأرقام صادمة، ووعيد بالضرائب.. عاد دونالد ترامب إلى عادته القديمة، وهي «فرض الضغط من بوابة الاقتصاد»، لكن خلف هذه التهديدات تكمن معركة أعقد بكثير، فيها التكنولوجيا والسياسة والهيمنة الاقتصادية على طاولة واحدة.. والرهان: «من ينكسر أولًا؟». اقرأ أيضًا| ترامب يطلق خطة جديدة لتسريع بناء المفاعلات النووية في أمريكا.. تفاصيل ترامب يهدد آبل والاتحاد الأوروبي في تصعيد مفاجئ، هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية ضخمة على منتجات شركة آبل والسلع الأوروبية، مُتوعدًا بضرائب تصل إلى 25% على هواتف آيفون و50% على واردات أوروبا بالكامل، وفقًا بما أفادت به صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. وجاءت هذه التهديدات في تغريدات نشرها صباح السبت، مما أحدث اضطرابًا فوريًا في الأسواق المالية، مع تراجع طفيف في مؤشرات بورصة وول ستريت الأمريكية. قبل الثامنة صباحًا من السبت، أطلق ترامب وابلًا من التغريدات هاجم فيها تيم كوك، رئيس شركة آبل، واتهم الاتحاد الأوروبي بالتعنت، وقال إن على آبل نقل إنتاجها إلى الولاياتالمتحدة أو مواجهة الضرائب، مؤكدًا أن "الدبلوماسيين الأوروبيين صعبو المراس، ومحادثاتهم لا تؤدي إلى شيء". بدءًا من 1 يونيو.. قرار جمركي صادم أعلن ترامب، نيته فرض تعريفات بنسبة 50% على السلع الأوروبية بدءًا من 1 يونيو، مُهددًا بتوسيع الرسوم الجمركية لتشمل شركة سامسونج وشركات أخرى، وفي حديثه لاحقًا من المكتب البيضاوي، بدا واثقًا من أن الاتحاد الأوروبي سيعود لطاولة المفاوضات تحت الضغط. رغم التهديدات، لم تنهَر الأسواق الأمريكية، أغلق مؤشر بورصة ستاندرد آند بورز 500 الأمريكية منخفضًا بأقل من 1%، فيما رأى محللو البنك البريطاني العالمي "باركليز"، أن الأمر أقرب إلى تكتيك تفاوضي منه إلى تنفيذ فعلي. «كاتلر»: الأسوأ لم يأتِ بعد قالت المفاوضة الأمريكية السابقة في مكتب الممثل التجاري الأمريكي، ويندي كاتلر، إن تهديدات ترامب حول الرسوم الجمركية الحالية قد تزيد الوضع سوءًا قبل أن يحدث أي انفراج، مرجّحة أن الاتحاد الأوروبي لن يخضع بسهولة للضغط الأمريكي. وأوضح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، أن الهدف من تغريدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب هو دفع الأوروبيين للتفاوض الجاد، لكنه أشار إلى مشكلة هيكلية في الاتحاد الأوروبي، حيث تفاوض بروكسل باسم 27 دولة قد لا تتفق حتى فيما بينها. اقرأ أيضًا| وراء الكواليس| لماذا يعتبر «راسل فوجت» واحد من أهم صناع القرار في الحكومة الأمريكية؟ تحذيرات اقتصادية من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي حذّر خبراء البنك البريطاني العالمي"باركليز" من أن فرض الرسوم الجمركية سيؤدي إلى ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي، وربما يضعه على حافة الركود خلال عام، خاصة إذا ردّت أوروبا بإجراءات انتقامية. وفي معرض حديثه، ضخّم ترامب حجم العجز التجاري مع أوروبا، وتجاهل فائض الولاياتالمتحدة في تجارة الخدمات معها، كما قدّم تفسيرًا تاريخيًا خاطئًا عن نشأة الاتحاد الأوروبي، زاعمًا أنه تأسس لاستغلال أمريكا تجاريًا. كما اقترح ترامب على شركة آبل نقل إنتاجها لأمريكا، مع إمكانية منح "تأجيل قصير" إذا بَنَت الشركات الأوروبية مصانع داخل البلاد (الولاياتالمتحدة)، لكن محللين أكدوا أن تعديل سلاسل التوريد العالمية ليس بالأمر السهل، ويستغرق سنوات. وقبل مكالمة حاسمة بين كبار المفاوضين، أطلق ترامب تغريدته المفاجئة، مما أربك الدبلوماسيين الأوروبيين، وكان الاتحاد يحاول استغلال فترة التهدئة لتقديم عروض تشمل خفض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الصناعية والزراعية. أشارت صحيفة «وانطن بوست» الأمريكية، إلى أي أن اتفاق تجاري مع أوروبا يتطلب إجماع 27 دولة (دول الاتحاد الأوروبي)، مما يجعل المفاوضات معقدة وبطيئة، ورغم أن ترامب منح مهلة ال 90 يومًا، لكنها قد لا تكفي بالنظر إلى البيروقراطية الأوروبية المعقّدة. فيما اتُهم الأوروبيين (من قِيل ترامب) بأنهم يطالبون بالمزايا خلال شراكاتهم مع الولاياتالمتحدة دون تقديم تنازلات حقيقية، وهو ما يزيد صعوبة التفاوض، ويعكس رغبة واشنطن في صفقات "أحادية الاتجاه". أوروبا تلوّح بالرد المؤلم أما إذا مضى ترامب في فرض الرسوم الجمركية بنسبة 50%، ستكون ضربة قوية للحلفاء الأوروبيين بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الذين ما زالوا يُواجهون ضغوطًا من ملف الصين، فيما قد يتضمّن الردّ الأوروبي استهداف شراء الطائرات أو قطع غيار السيارات الأمريكية. وفي أبريل، فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 20% ثم علّقها جزئيًا، بينما أبقى على رسوم الصلب والألمنيوم، واستغل الاتحاد الأوروبي المهلة لتقديم مزيج من التنازلات والتهديدات الانتقامية، على أمل التوصل إلى اتفاق قبل التصعيد. حيث أعدّ الاتحاد الأوروبي، قائمة بمنتجات أمريكية تفوق قيمتها 100 مليار دولار قد تخضع ل الرسوم الجمركية، لكنه أجّل التنفيذ انتظارًا لنتائج المحادثات، وهدّد مُؤخرًا بالتصعيد إذا انهارت المفاوضات، في خطوة قد تغيّر نغمة الصراع بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي برمته. اقرأ أيضًا| «نيويورك تايمز» تحلل موقع دونالد ترامب وسط ثلاثية قابلة للانفجار آمال هشة وصفقة مستحيلة رغم كل التوتر، تحدّث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مؤخرًا مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، واصفًا إياها بأنها "رائعة"، كما أن تبادل الرسائل أعاد الأمل، لكن العقبات الهيكلية والسياسية ما زالت قائمة... وعرض الأوروبيون شراء مزيد من الطاقة الأمريكية، والتعاون في الذكاء الاصطناعي، ومُواجهة فائض الإنتاج في الصلب، وحتى فرض رسوم "صفر مقابل صفر"، لكن، حتى الآن، يبدو التقدم بطيئًا ومترددًا، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. خطر يهدد 97% من صادرات أوروبا حذّرالمفوض الأوروبي لشؤون التجارة، ماروس سيفكوفيتش، من أن غالبية صادرات الاتحاد الأوروبي قد تخضع ل الرسوم الجمركية إذا استمرت التحقيقات التجارية الأمريكية، وفي المقابل، يمكن لأوروبا استهداف الخدمات الأمريكية – وهي نقطة الضعف الكبرى لشركات التكنولوجيا. ورغم أن أوروبا ستتضرر من هذا التصعيد، إلا أنها تمتلك أدوات قوية، لكن الانقسام بين دولها (ال 27) حول الردّ المناسب بشان الرسوم الجمركية في سياسة ترامب، يعرقل اتخاذ موقف موحد داخل الاتحاد الأوروبي، ما قد يمنح إدارة ترامب مزيدًا من النفوذ في المعركة القادمة.. اقرأ أيضًا| الغاز مقابل الغذاء والسلاح.. مقايضة تجارية بين واشنطنوبروكسل.. فما القصة؟