على مسرح لوميير الكبير المزدحم بمدينة كان الفرنسية؛ تواجد المخرج كريستوفر ماكويرى للحديث عن مسيرته في الكتابة والإخراج، بدءا من فيلم The usual suspects مرورا بفيلم The way of the gunمع النجم بينيسيو ديل تورو؛ وصولا إلى تعاونه مع نجم هوليوود توم كروز في 11 فيلما؛ وخلال الحديث ظهر فجأة نجمه المفضل كروز - مرتديا بذلة قصيرة الأكمام كستنائية - ليخطف الأضواء. حيث يعرض الجزء الثامن والأخير من سلسلة Mission Impossible والذى يحمل اسم The final reckoning ضمن فعاليات الدورة الحالية من مهرجان كان السينمائى. في حين أن كروز يصر على أن المخرج دوما لديه الكلمة الأولى والأخيرة فى العمل الفنى؛ إلا أنه من الواضح مدى نفوذ النجم الهوليوودى على سلسلة أفلام Mission impossibleالتي تُعرض الآن في جزئها الثامن. منذ أن التقيا لأول مرة في فيلم Valkyrie عام 2009؛ بدت الكيمياء الكبيرة التى تجمع بين كريستوفر وكروز؛ واتفاقهما على أن هوليوود بحاجة إلى الازدهار من خلال عدم محاولة شركات الانتاج سحق بعضها البعض فى الصراع على إيرادات شباك التذاكر؛ ولكن أن يدعم الجميع الصناعة التى تعود بالنفع على الجميع. وعن سر علاقتهما كمؤلف ومنتج ونجم؟ قال كروز: "الأمر ليس معقدا.. نحن نحب الأفلام ونحب سرد القصص؛ سلسلة Mission Impossible مُعدة بعناية فائقة؛ ويظهر هذا بوضوح فى جميع جوانب العناصر المادية للفيلم منذ الجزء الأول". وتنضم إلى الجزء الجديد الممثلة أنجيلا باسيت والتى تجسد شخصية رئيسة الولاياتالمتحدة؛ التي تقف على شفا كارثة حقيقية؛ حيث يستولي كيان إلكتروني على ترسانات نووية مختلفة حول العالم. ومن يستطيع إيقاف ذلك الكيان؟ إيثان هانت - توم كروز - بالطبع. فمن أجل تدمير هذا الكيان؛ يضطر هانت للمخاطرة بحياته وجسده والغوص في مياه القطب الشمالي الجليدية ؛ إلى غواصة سوفيتية غارقة تتأرجح على عمق 500 قدم تحت الماء. كان تصوير هذا المشهد في خزانات دوارة إنجازًا تقنيا وفنيا يحسب لكروز وخاصة أنه تجاوز الستين. وعن هذا المشهد؛ قال ماكويرى: عندما تصمم شيئا طموحا كهذا؛ عليك أن تضع خطة محكمة وتستعد بدقة؛ ولا تنس أن تشجع نفسك دوما على أنك قادر على فعلها؛ ما نفعله أنا وتوم هو تطبيق كل ما تعلمناه من الأجزاء السابقة وتنفيذه على هذا الفيلم. الغواصة نظام بيئي مستقل.. تذكروا أنكم تشاهدون توم داخل هذه الغرفة الدوارة شبه المغمورة داخل نموذج الغواصة؛ والتى هى عبارة عن برميل فولاذي قابل للغمر بالكامل؛ والذى يصل قطره إلى 60 قدم و وزنه 1000 طن؛ ويدور بزاوية 360 درجة في خزان سعته 8.5 مليون لتر؛ وتوم وسط كل هذه التفاصيل؛ وقد بنينا نموذجا ووضعنا فيه مجسما بلاستيكيا صغيرا ومجموعة من الطوربيدات؛ وقمنا بتدويره مرة واحدة فتحطم ذلك المجسم البلاستيكي الصغير. عندما تُركب كاميرا ثم تشغل جهاز التصوير؛ ويدور الجهاز لن تكون الكاميرا في مكانها عندما يبدأ توم المشهد؛ ومن أجل خروج ذلك المشهد شديد الصعوبة للنور؛ كانت هناك مجموعة موهوبة من الأشخاص الذين كان عليهم توقع مكان وضع الكاميرا؛ بحيث كانت دائما تلتقط توم؛ هذا في حد ذاته مستوى من الهندسة لا تستطيع تخيله". والأروع من ذلك هو ما اضطر كروز للقيام به خلال مشهد الطائرة ثنائية السطح؛ "أكثر مشاهد الأكشن جنونا في هذا الفيلم"؛ كما قال ماكويري. ليضيف مزيدا من التفاصيل قائلا: "فى هذا المشهد كان توم على جناح الطائرة ثنائية السطح مع وضع الكاميرا بين جناحيها؛ عندما بدأنا بتصميم المشهد توجهنا إلى شركة Wing walkersالذين يقومون بهذا العمل باحترافية؛ وسألونا: "ماذا تريدون أن تفعلوا؟" فقال توم: "أريد أن أكون في حالة انعدام الجاذبية بين جناحي الطائرة". وهؤلاء الأشخاص - الذين يسيطرون على هذا المجال منذ عقود - قالوا: "لا؛ لن يمكنك القيام بذلك"؛ وهو ما لم يقتنع به كروز؛ ثم انتقلنا إلى أشخاص آخرين. وعن تلك المرحلة؛ أضاف كروز: " تصوير مثل هذا المشهد يتعلق بدقة العديد من التفاصيل؛ مثل مواقع وضع الكاميرا والتسلسلات الجوية تحسبا لأى رياح قد تفسد المشهد؛ وبكل تواضع أقول أننى لدى ما يكفى من الخبرة فى ذلك المجال؛ فأنا أقود الطائرات النفاثة وأقود الطائرات الاستعراضية والمروحيات؛ ولهذا كنت على يقين حقا أننا نستطيع القيام بذلك المشهد". عند تصوير المشهد؛ يكون كروز في الطائرة وحيدا تماما؛ ومن المفترض أن هانت يتحكم فى الطائرة؛ ولكن تتعرض لبعض الأضرار؛ وهناك لحظة تكون فيها الكاميرا في وضع جانبي؛ وينظر هانت إلى دعامة طائرته ثنائية السطح المتضررة؛ تبرز الكاميرا حالة تركيز هانت؛ وتظهر هذه اللقطة الجميلة بإضاءة خلفية للشمس. يقول كريستوفر عن ذلك المشهد:"لا يوجد أى طاقم مع كروز في الطائرة وهى على ارتفاع 10,000 قدم فوق الأدغال الأفريقية؛ يضيء توم اللقطة من خلال كيفية وضع الطائرة بالنسبة للشمس؛ إنه بمثابة طاقم كامل في كل لقطة تراها؛ وأنا أتحدث إليه عبر جهاز لاسلكي حيث بالكاد يسمعني؛ وهو يحلق في قمرة قيادة مفتوحة." عندما كان كروز على جناح الطائرة؛ كانت الطريقة الوحيدة للتواصل معه هي من خلال إشارات اليد. وهو ما قال عنه المخرج: "ليس معه جهاز لاسلكى؛ مما يعني أنني يجب أن أطير بجانب توم في طائرتي المروحية؛ ولا يستطيع توم رؤيتي إلا إذا فتحت الباب وخرجت إلى المقعد مع مساعدتي الأولى ماري بولدينج التي تذكرني بربط حزام الأمان؛ عندما تغادر قمرة القيادة في الطائرة؛ يكون الأمر أشبه بالصعود على سطح كوكب آخر؛ حيث تضربك الرياح بسرعة أكثر من 140 ميلا في الساعة؛ فضلا عن شعورك بصعوبة كبيرة فى التقاط أنفاسك؛ فأنت لا تحصل على الأكسجين في الواقع؛ وعندما يخرج توم من قمرة القيادة؛ عليه أن ينهى المشهد فى أقل من 12 دقيقة فحسب". تابع ماكويرى قائلا: "نعلم من التجارب أنه بعد حوالي 12 دقيقة تتسبب الرياح فى إرهاق الجسد بشكل كامل؛ لدرجة أنه يجب التمرين قرابة ساعتين في الجيم حتى تستعيد العضلات نشاطها؛ ولأن توم يسعى للكمال؛ فكان يتجاوز الوقت المحدد حتى يضمن خروج المشهد فى أفضل شكل؛ وكان يضغط على نفسه لدرجة أنه لم يستطع النهوض من الجناح مع نهاية المشهد؛ كان مستلقيا على جناح الطائرة؛ وذراعاه معلقتان على مقدمة الجناح؛ لم نتمكن من معرفة ما إذا كان واعيا أم لا؛ لذلك انتظرنا لنرى ما إذا كان هناك أي مؤشر على أن توم بخير؛ علينا الانتظار لرؤية هذه الإشارة منه وهو مستلق على جناح الطائرة." يتعامل ماكويري مع هذه الأعمال المثيرة المرهقة والخطيرة من خلال التخلص من عامل خطير واحد: وهو خوفه. وهو ما يقول عنه:" الخوف عاطفة مهدرة مثله مثل التوتر والغضب؛ وفي مواقف كهذه قد تودي بحياة أحدهم؛ بعد أن تنهى التصوير وتعود إلى المنزل؛ وقتها يمكنك أن تشعر بالتوتر كما تشاء؛ ولكن وقت العمل سيكون من غير المقبول أن تترك مثل هذه الأحاسيس تؤثر عليك؛ وخاصة وإذا كنت مسئولا عن حياة الممثلين العاملين معك؛ وعندما نجلس أنا وتوم في غرفة المونتاج ونشاهد ما فعلناه؛ نتساءل: "هل سمحوا لنا حقا بفعل هذا؟". اقرأ أيضا: توم كروز يعود في الفصل الأخير من السلسلة الأسطورية «مهمة مستحيلة»