تعد دور النشر المصرية من أهم الروافد فى العالم منذ القرن التاسع عشر، حيث تقدم أبرز الكتب على ساحة القراءة سواء أكانت أعمالًا إبداعية أوفكرية، كما أسهمت فى إثراء المكتبة العربية، برزت أسماء مهمة فى تاريخ النشر العربى مثل: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ودار الهلال، ودار المعارف، ومكتبة مصر، وكان لدور النشر الخاصة حضور كبير منذ عقود. يعتبر المصريون الأكثر قراءة ونشرًا فى الوطن العربى لكن بعض الأعمال تستقبل بالرفض من دور النشر، رغم جودتها فى بعض الأحيان، لذلك توجهنا بالسؤال إلى عدد من المعنيين فى دور النشر الكبرى عن معايير الموافقة على نشر الكتب، ويطرح عدد من الناشرين والمحررين فى السطور التالية رؤيتهم. فى البداية تقول الناشرة نرمين رشاد: حين يرسل المؤلف كتابه إلى دار عن طريق البريد الإلكترونى، تفحصه لجنة مكونة من خبراء وأدباء ونقاد بارزين فى شتى المجالات، بعدما تقرأ العمل تكتب تقريرًا عن جودته، وتوضح هل هو جدير بالنشر؟ وتتابع «نرمين» حديثها قائلة: إذا كان النص متعلقًا ب «التابوهات»على حسب توظيفه وجيد فى مجالى الإبداع والفكر نوافق عليه، ونرفضه إذا كان المؤلف قد شكك فى عقيدة دينية أو حاول إشعال فتنة طائفية، أو كتب كتابًا عن شخص من أجل تصفية حسابات خاصة، ويهدف إلى إهانته، تضيف «نرمين»: وبشأن الجوائز، نقدم الأعمال المتطابقة مع شروط الجائزة، وإذا لاقى العمل ترحيبًا ايجابيًا من القراء والنقاد نرشحه أيضًا. وتقول المحررة والأديبة أميمة صبحى: نبحث دومًا عن الأدب المختلف الذى يضيف إلى المكتبة العربية جديدًا، ويساعد القارئ على اكتشاف أماكن غير مطروقة فى نفسه، والعالم على حد السواء، كما نميل دومًا إلى نشر الكتب الفكرية والنقدية والفلسفية، فحين نجد كتابًا جادًا يناقش قضية من زوايا غير مألوفة، نسعد بخوض تجربة النشر معه. وتضيف «أميمة «: يجرى اختيار الأعمال الأدبية حيث يتقدم المؤلف بالعمل إلى الدار وتقوم هيئة التحرير بالاطلاع عليه ثم تقديم تقرير داخلى إلى مدير النشر، ومناقشة إذا كان العمل مناسبًا لمعاييرنا أم لا؟ ثم إبداء الرأى للكاتب والبدء فى العمل فى حال أنه سينضم إلى مؤلفى الدار، وتقدم الدار الكتب للجوائز حسب شروطها، فنبحث عن الملائم ونقوم بتقديمه بالاتفاق مع المؤلف وموافقته، ومعظم الجوائز تسمح للمؤلفين بالتقدم بأنفسهم دون العودة إلى دار النشر، وفى هذه الحالة نقوم بإخطار المؤلف بشروط بالجائزة، وإذا كان يود الاشتراك فيها نرسل إليه «الرابط الإلكترونى» ليبدأ فى إجراءات التسجيل، ونحن نقدم بأنفسنا الكتب المناسبة للجائزة إذا كان يتحتم علينا ذلك، أو يقوم هو بكل إجراءات التقدم إلى الجوائز . بينما تحدث المحرر والأديب على قطب قائلا: نراهن دائمًا على جودة النص، لا على الأسماء، ونؤمن بأن الإبداع الحقيقى يستحق فرصته، سواء جاء من مؤلف معروف أو موهبة تنشر للمرة الأولى، ونمنح الأولوية للنصوص الأصيلة، التى تمسّ الجوهر، وتملك رؤية فنية ناضجة، بعيدًا عن اعتبارات السوق أو «التريندات»، ورهاننا الدائم أن تبرز الدار أصواتًا أدبية تستحق، حتى لو كانت فى الظل طويلاً، وأن تترك هذه الأصوات أثرًا حقيقيًا فى الأدب العربى، وفى مجال الترجمة، نحن حريصون على نقل ثقافات جديدة ومؤثرة، نصوص تحمل رؤى إنسانية عميقة، وتفتح نوافذ مختلفة أمام القارئ العربى، بعيدًا عن التكرار والمألوف، نعتز أيضًا بخياراتنا فى النشر النوعى، من القصة القصيرة إلى الكتب الفكرية والنقدية وكتب الأطفال، التى شكّلت أحد أنجح مساراتنا، نختار بعناية ما يضيف إلى القارئ، ويصنع فرقًا فى الوعى والذائقة، وعند الترشح للجوائز، رهاننا ثابت: النص الفنى الصادق، الذى يُحدث تغييرًا فى الشكل والتجربة، ويترك أثرًا لا يُنسى، لا نبحث عن المجاملة أو اللحظة العارضة، بل عن الأدب الذى يبقى، ويصمد، ويصنع المعنى. ويقول الأديب عماد العادلى : فيما يخص آلية اختيار الأعمال فإن النشر يمر بعدة مراحل.. تبدأ باستقباله، ثم تقييمه من خلال لجنة خاصة بالفرز لتحديد مدى صلاحيته للعرض على لجنة القراءة الخاصة بالدار، وفى حال الموافقة يجرى عقد جلسات تحريرية مع أحد محررى الدار للوصول بالعمل إلى شكل مُرض، وقابل للعرض على القارئ، أما المعايير فليست أكثر من جودة العمل المُتقدم، وصلاحيته للفئة العُمرية المُقدم لها، فضلًا عن مناسبته لرؤية الدار التسويقية التى تفترض ضمنًا أن العمل المُجاز به عناصر تُسهل من مهمة ترويجه، دون إغفال القيمة بالطبع.