حذّر علماء من أن تغليف الأطعمة قد يزيد من تعرض الإنسان لمواد كيميائية مرتبطة بالإصابة ب السرطان، مؤكدين أن الخيارات المزعومة بأنها "صديقة للبيئة" لا تُعد أكثر أمانًا كما يُشاع. لعدة سنوات، نبّه خبراء الصحة إلى أن المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة البلاستيك الحديث قد تتسرب إلى الطعام، مما يسبب سلسلة من المشاكل الصحية الخطيرة، مثل السرطان، العقم، التشوهات الخلقية، تأخر النمو لدى الأطفال، أمراض الكلى، ومرض السكري من النوع الثاني. وفي مراجعة علمية جديدة نُشرت في مجلة Nature Medicine، حذر علماء من مؤسسة منتدى تغليف الأغذية في سويسرا من أن الاتجاه العالمي نحو جعل التغليف أكثر استدامة قد يؤدي فعليًا إلى تفاقم المشكلة. فقد أشاروا إلى أن إعادة تدوير البلاستيك والورق لا يزيل المواد الضارة بل يركزها، مما يسمح بتسرب المواد الكيميائية الخطرة إلى الأغذية. اقرأ أيضًا | «نبت حوت» الربة الحامية ورمز الحماية والخصوبة في المعتقدات المصرية القديمة مخاطر التغليف المعاد تدويره أوضح الباحثون أن إعادة تدوير البلاستيك بشكل متكرر يؤدي إلى تراكم المواد السامة، التي يمكن أن تتسرب إلى الطعام سواء خلال التخزين أو التسخين، كما هو الحال في الوجبات الجاهزة. وسلّط التقرير الضوء على خطر المنتجات البلاستيكية السوداء، مثل أدوات المطبخ، التي قد تحتوي على مواد كيميائية سامة مصدرها نفايات بلاستيكية معاد تدويرها بشكل غير قانوني. وتشير إحدى الدراسات الحديثة إلى أن 85% من الملاعق وأدوات الوجبات الجاهزة المصنوعة من البلاستيك الأسود تحتوي على مواد مقاومة للحرائق ترتبط بمشاكل صحية جسيمة. المواد الكيميائية المثيرة للقلق من بين المواد التي أثارت قلق الباحثين ما يُعرف باسم PFAS (المواد الكيميائية الأبدية)، وهي مجموعة من المركبات الصناعية لا يتحلل معظمها في البيئة أو الجسم، وقد رُبطت بأنواع مختلفة من السرطان، الربو، مشاكل الخصوبة، السمنة، العيوب الخلقية، السكري، وحتى التوحد. كما أشار التقرير إلى خطورة مواد أخرى، مثل: BPA (بيسفينول A): مادة تدخل في صناعة عبوات الطعام والمشروبات. الفثالات (Phthalates): تُستخدم لتليين البلاستيك وقد تتسرب إلى الطعام بسهولة. الأطعمة فائقة المعالجة وتغليفها السام لفت الباحثون إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) تشكل مصدر قلق خاص، نظرًا لاعتمادها على المواد الصناعية مثل الملونات، المحليات، والمواد الحافظة، والتي يتم حفظها لفترات طويلة داخل عبوات بلاستيكية. تشمل الأمثلة على هذه الأطعمة: الوجبات الجاهزة المثلجات (الآيس كريم) صلصة الطماطم وأوضح التقرير أن تسخين هذه المنتجات داخل عبواتها، كما في أطباق الميكروويف، يزيد من هجرة المواد الكيميائية إلى الطعام، كما أن عمليات التصنيع الصناعية الضخمة لهذه الأطعمة تعرضها أيضًا لمزيد من التلوث البلاستيكي. دعوة إلى تدخل حكومي عاجل قالت جين مونكي، المؤلفة الرئيسية للتقرير، إن الأدلة الحالية كافية لتحرك الحكومات للحد من استهلاك هذه المواد الخطرة. وأضافت:"الأطعمة فائقة المعالجة اليوم لذيذة وسهلة التحضير، لكنها تحتوي على كميات كبيرة من المواد الكيميائية الاصطناعية والبلاستيك الدقيق من مصادر متعددة، نحن نعتقد أن التأثيرات الصحية لهذا النوع من التلوث الغذائي لم تُدرس أو تُقدّر بما فيه الكفاية حتى الآن." بريطانيا في الصدارة من حيث استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة تُعد المملكة المتحدة من أسوأ الدول الأوروبية في استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة، حيث تُشكّل هذه الأطعمة ما يُقدّر بنحو 57% من النظام الغذائي الوطني، وهو رقم مقلق يعكس مدى انتشار هذه المواد الضارة في النظام الغذائي اليومي. توصيات الخبراء لتقليل التعرض في ختام تقريرهم، أوصى العلماء بضرورة التحول التدريجي نحو تغليف أكثر أمانًا، بعيدًا عن المواد المعروفة بتسربها الكيميائي، مثل: الورق والكرتون البلاستيك بأنواعه المعادن المطلية وأكدوا أن تطوير مواد تعبئة غذائية جديدة أقل ضررًا يعد خطوة أساسية لحماية صحة المستهلكين.