منى ربيع الاسبوع الماضي بدأ مجلس النواب مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم، والذى اثار جدلا واسعًا في الشارع المصري مابين مؤيد ومعارض، لما يتضمن مواده من حساسية شديدة سواء كان لها علاقة بالمالك أو المستأجر، حيث أن المالك يريد تحرير العقود واخلاء الشقق بزعم أن المستأجر لا يعطيه حقوقه كاملة وأن الايجار لا يتناسب حاليا مع سعر الشقة ولا مع غلاء وارتفاع الأسعار الذى تشهده الأسواق، بينما المستأجر يرى انه دفع سابقًا مايتناسب مع قيمة الوحدة المؤجرة وأن ما تضمنه مشروع القانون من اخلاء الشقة بعد خمس سنوات أو زيادة القيمة الايجارية فهو ظلم له لانه سيضعه تحت رحمة المالك، استمرت المناقشات داخل مجلس النواب لمدة ثلاثة أيام على أن يتم استكمالها خلال الأسبوع الجاري، في السطور التالية نستعرض اهم ماجاء في مناقشات مجلس النواب، وكذلك الرد عليها من الملاك والمستأجرين، وأبرز تصريحات الحكومة حول ذلك القانون المهم الذى يمس الشارع المصري بأكمله. على مدار الايام الماضية عقدت اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان ولجنة الإدارة المحلية ولجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، اجتماعات مستمرة لمناقشة مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة، ثلاثة اجتماعات حوار مجتمعي في إطار تنفيذ توجيهات المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، للاستماع للمعنيين بملف الإيجار القديم، وذلك في خطوة الغرض منها تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة. وقد شهدت الجلسات في أول يوم حضور وزير الإسكان، وفي اليوم الثاني حضور وزيرة التنمية المحلية والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، واليوم الثالث عدد من أساتذة القانون، وكان المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، حاضرًا لكل هذه الاجتماعات. خلال الاجتماعات اكد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان؛ أن الدولة المصرية تتعامل مع الإيجار القديم هذا الملف التاريخي بمنظور متوازن يجمع بين الإنصاف القانوني والبعد الإنساني، واضعة في اعتبارها أن آلاف الأسر تقيم في هذه الوحدات منذ عقود، وأن الحفاظ على استقرارهم وأمانهم السكني يمثل التزامًا أصيلًا لا تحيد عنه الدولة. وأضاف الوزير: أن مشروع القانون المعروض لا يستهدف الإخلاء أو الإقصاء، بل يهدف إلى معالجة تشريعية رشيدة لوضع قانوني طال أمده، من خلال تطبيق تدريجي يراعي واقع المستأجرين، ويعيد في الوقت ذاته الاعتبار لحقوق الملاك، في إطار يحقق التوازن المطلوب ويحفظ الاستقرار المجتمعي. وأضاف الشربيني؛ أن الدولة، فور إقرار القانون، ستشرع في تلقي الطلبات الخاصة بالحالات التي تتطلب تسوية أوضاعها، على أن تحلل هذه الطلبات وفق معايير عادلة تراعي البعد الاجتماعي، وعدد أفراد الأسرة، والدخل، والموقع الجغرافي، ثم يلي ذلك وضع ضوابط واضحة بشأن أسس التمليك أو الإيجار وفق ما يُسفر عنه تحليل البيانات. وأوضح، أن توفير الوحدات السكنية سيتم وفق برنامج زمني محدد، يتناسب مع قدرات الدولة واحتياجات المواطنين، مع التأكيد على أن أي إجراء بالإخلاء لن يتم إلا بعد توفير بديل كريم يحفظ كرامة المواطن ويصون أمنه السكني. فيما أكد المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية قائلا في رسالة يبث بها الاطمئنان للجميع: إن الحكومة والنواب لن ينحازوا لطرف على حساب طرف، بشأن العلاقة بين المالك والمستأجر، وأن الانحياز سيكون للعدالة وتحقيق التوازن في العلاقة بين الطرفين أثناء مناقشة قانون الإيجار القديم». برتوكول تعاون فيما أكدت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، أنه بشأن التدابير التي ستوفرها الحكومة للحالات التي سوف يتم إخلاؤها طبقاً للمادتين 5 و7 من مشروع قانون الإيجار القديم، فسوف تقوم وزارة التنمية المحلية بحصر الأراضي التي تصلح لإقامة عمارات سكنية وتنظيم برتوكول للتعاون مع وزارة الإسكان والمرافق ليتولى صندوق الإسكان الاجتماعي الاستفادة من تلك الأراضي في إقامة مشروعات سكنية جديدة يمكن الاستفادة منها عند تطبيق القانون بعد مناقشته. كما أوضحت الدكتورة منال عوض؛ أن وزارة التنمية المحلية سوف تعد دراسة لبيان الآثر الاجتماعي المترتب على إخلاء المساكن طبقًا لنص المادة الخامسة من مشروع القانون وذلك بعد الاستماع إلى كل الآراء والأرقام والدراسات التي تطرح في جلسات الاستماع سواء من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والمركز القومي للبحوث الاجتماعي والجنائية والمجلس القومي لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات والجهات المعنية بالدولة حتى يكون تحت نظر مجلس النواب خلال مناقشة مواد مشروع القانون. التعبئة والإحصاء وأكد عبد الحميد شرف الدين، مستشار رئيس الجهاز المركزي لجهاز التعبئة العامة والإحصاء؛ أن هناك حصًار بالوحدات الخاضعة لقانون الإيجار الفديم بموجب تعداد الجهاز الأخير في 2017،بواقع 3ملايين وحدة و19 ألف وحدة سكنية للسكن وغير السكن ومصنفة وفقا للحضر والريف. وأوضح ممثل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قائلا:الجهاز يجري الحصر كل 10 سنوات، ويتم بموجب المرور على كل وحدات الدولة، ويشمل الحيازة للوحدات واستخدامها، مشددا على أن إجمالي عدد الوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم يقدر بنحو 7%من اجمالى عدد الوحدات السكنية، حيث يوجد حوالي 42 مليون وحدة سكنية ما بين تمليك وايجار قديم وايجار جديد . ووصل إجمالي عدد وحدات الإيجار القديم في الحضر 2792224 ووصل الإجمالي في الريف إلى 227438 ووصل إجمالي الريف والحضر 3019662 كان هذا ابرز ما تم من مناقشات داخل مجلس النواب حول ذلك المشروع المهم، ليؤكد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي أنه يتابع كل ما يثار عن مشروع قانون الإيجار القديم الذي أرسلته الحكومة لمجلس النواب. حيث اكد في كلمته خلال مؤتمر صحفى أن الدولة لن تنحاز لطرف ضد الآخر، وحريصون على التوازن بين الشق القانوني ومراعاة الظروف الاجتماعية للمستهلكين.» وأضاف مدبولى انه يود التأكيد على أن الحكومة فتحت هذا الملف بناء على حُكم المحكمة الدستورية، وسعت إلى وضع إطار يحقق التوازن بين شق قانوني يكفل صيانة وحماية الملكية الخاصة للملاك، وفي نفس الوقت مراعاة البعد الاجتماعي للمستأجرين، وبمنتهى الشفافية نحن نتعرض لملف شديد التعقيد ترجع قوانينه إلى أكثر من 60 سنة ماضية». ولفت رئيس الحكومة إلى مُتابعته لهذا الملف مع وزير شون المجالس النيابية والقانونية والتواصل السياسي، مُجددًا التأكيد على أن الهدف هو الخروج بقانون مُتوازن بقدر الإمكان يُحقق مصالح مختلف الأطراف. الملاك فور انتهاء المناقشات في البرلمان تواصلنا مع الدكتور أحمد البحيري المستشار القانوني لجمعية المضارين من قانون الإيجار القديم والذى أكد لاخبار الحوادث قائلا: إنه انطلاقًا من حرص جمعية حقوق المضارين من قانون الإيجار القديم على تحقيق العدالة ورفع الظلم التاريخي الواقع على ملاك العقارات الخاضعة لقوانين الإيجار الاستثنائية، وإيمانًا منها بضرورة إيجاد حلول جذرية ومتوازنة لهذه القضية التي طال أمدها، فإن الجمعية تثمن وتتابع باهتمام بالغ الخطوة التي اتخذتها الحكومة الموقرة بتقديم مشروع قانون يهدف إلى معالجة هذا الملف الشائك، ويأتي هذا المشروع استجابةً للحكم التاريخي الصادر عن المحكمة الدستورية العليا بتاريخ التاسع من نوفمبر 2024، والذي ألزم المشرع بالتدخل، وحدد نهاية دور الانعقاد الحالي للمجلس التشريعي كأجل أقصى لتوفيق الأوضاع وإصدار تشريع قبل نفاذ الحكم. وأضاف؛ أن الجمعية ترى أن مشروع القانون المقدم من الحكومة يمثل خطوة إيجابية إلى الأمام، وتُقر بأن له جوانب إيجابية وأخرى تتطلب المراجعة، وإن كانت الإيجابيات، في مجملها، تفوق السلبيات المبدئية. واكد أن الجوانب الإيجابية في مشروع القانون تتمثل في عدة نقاط، اولا: يُعد التوجه نحو إلغاء قوانين الإيجار القديم بشكل تدريجي خلال فترة انتقالية محددة، لتعود بعدها جميع العلاقات الإيجارية إلى مظلة القانون المدني، إنجازًا مهمًا يُعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي. ثانيا: تمثل زيادة القيمة الإيجارية للوحدات الخاضعة لهذه القوانين خطوة ضرورية نحو تصحيح الأوضاع الاقتصادية للملاك. ثالثا: إن تضمين مشروع القانون آلية لتوفير سكن بديل للفئات غير القادرة يُعد توجهًا اجتماعيًا محمودًا يستحق الإشادة. واكد البحيرى أنه مثلما توجد ايجابيات فهناك ايضا سلبيات لمشروع القانون وهي: اولا: إن الفترة الانتقالية المقترحة في مشروع القانون، والمحددة بخمس سنوات، تُعتبر طويلة نسبياً، مما قد يُطيل أمد معاناة الملاك. ثانيا:القيم الإيجارية الأولية المقترحة، على الرغم من زيادتها، لا تزال بعيدة عن القيم السوقية العادلة للعقارات والوحدات المماثلة. وأضاف؛ ان الجمعية اصدرت عدة توصيات حرصًا على تحقيق التوازن المنشود والعدالة لجميع الأطراف مثل تقليص الفترة الانتقالية المقترحة من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات كحد أقصى، لتعجيل إنهاء هذا الوضع الاستثنائي. كذلك إعادة النظر في القيم الإيجارية الابتدائية المقترحة لجميع الوحدات (السكنية وغير السكنية) لتقترب بشكل أكبر من القيم السوقية السائدة، وذلك بدلاً من الزيادة المقترحة والمحددة (ب 20 ضعفاً فقط للسكني، مع وضع حد أدنى للقيمة الإيجارية لا يقل عن «1000 جنيه مصري للمدن والأحياء، و500 جنيه مصري للقرى». ايضا توحيد المعاملة القانونية لعقود الإيجار الخاصة بالأشخاص الطبيعيين لغير الغرض السكني، لتلحق بنظيرتها الخاصة بالأشخاص الاعتباريين، بحيث تنتهي جميع هذه العقود بحلول عام 2027. وأخيرا التأكيد على تفعيل المادة الثامنة من مشروع القانون بشكل فوري، اعتبارًا من اليوم التالي لصدور القانون ونشره في الجريدة الرسمية. وانهى البحيرى حديثه قائلا: إن جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، تجدد شكرها للحكومة على استجابتها، لتهيب بالسادة أعضاء المجلس التشريعي الموقر، وبالحكومة الرشيدة، الأخذ بهذه التوصيات بعين الاعتبار، بما يسهم في صياغة قانون عادل ومنصف ينهي عقوداً من الظلم، ويحقق التوازن المطلوب بين حقوق الملاك والاعتبارات الاجتماعية للمستأجرين، وصولاً إلى استقرار مجتمعي واقتصادي يعود بالنفع على الوطن والمواطنين. المستأجرون وعلى الجانب الآخر أكد أيمن عصام المستشار القانون لمستأجري الايجار القديم؛ أن مستأجري الايجار القديم دفعوا «خلو» أثناء شراء الوحدات التي يعيشون فيها الان وبعضهم سدد ثمن بنائها للملاك، متسائلا: «كيف تتم زيادة القيمة الايجارية عليهم مرة أخرى بعد دفعهم «خلو». وأضاف عصام؛ أن قانون 10 لسنة 2022 صدر للإيجار التجاري الاعتباري وليس للسكني، مؤكدا أن القانون يمنح الحق لملاك الشقق المغلقة برفع دعاوي قضائية على مستأجريها لإخلائها وتسليمها. وان المستأجرين دفعوا أموالا خلال بداية الايجار خلو وكل ما تم دفعه سابقا له قيمة كبيرة حاليا. اقرأ أيضا: خلال اجتماع لجنتي الإسكان والمحليات.. مطالبات بتأجيل قانون الإيجار القديم