الهدف هو تحقيق التوازن بين مصالح الملاك والمستأجرين، وتعويض الملاك عن حقوقهم المهدرة وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر. حين سألوا جحا: أين تقع أذنك؟ التف بيده اليمنى حول رأسه ليشير إلى أذنه اليسرى، مع أن أذنه اليمنى كانت هى الأقرب دون لف ودوران أو عناء. هذه الصورة تفرض نفسها عند محاولة استيعاب المقترحات المعروضة على مجلس النواب لتعديل قانون الإيجارات القديمة التزامًا بحكم المحكمة الدستورية القاضى بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية للمساكن المبنية قبل عام 1996 وإنهاء العقود الممتدة ل 59 عامًا. مفهوم من تلقاء نفسه أن الهدف هو تحقيق التوازن بين مصالح الملاك والمستأجرين، وتعويض الملاك عن حقوقهم المهدرة وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل لا يمثل افتئاتًا على مصالح أى منهما. إن أهم مظالم يعانى منها الملاك تتلخص فى أربع نقاط: 1- ضآلة الإيجارات القديمة بشكل لا يتناسب مع تطور الحالة الاقتصادية ولا نسب التضخم الأمر الذى يشكل عبئًا على الملاك. 2- استدامة انتفاع أبناء وأحفاد المستأجرين بمساكن الأهل وحرمان الملاك من الانتفاع بأملاكهم فالقانون القديم منح المستأجرين وضع الملاك وكأنهم ورثوا المساكن المستأجرة 3- الشقق المغلقة والتى تعتبر ثروة عقارية مهدرة بسبب عدم الانتفاع بها 4- عدم صيانة المبانى المؤجرة بسبب تبادل إلقاء المسئولية بين المالك الذى لا يجد عائدًا يكفيه ويمكنه من إصلاح أعطال البناء وشعوره بأن المستأجر يستفيد بإقامته فى المنزل ومن ثم عليه صيانته. فى حين أن المستأجر يرى أنه يقيم فى منزل لا يملكه فيجب ألا ينفق على صيانته. هذه المظالم كان يمكن حلها بتعديلات تشريعية بسيطة لا تهدد حياة مئات الآلاف من الأسر. حسنًا فعلت المقترحات برفع قيم الإيجارات القديمة لكن السؤال الدائر هل تتكافأ هذه الزيادة مع موقع المبنى وعمره وحالته الهندسية ومستواه المعمارى؟ وهل تعتبر زيادة القيمة الإيجارية إلى عشرين مثل بحد أدنى ألف جنيه فى المدن والأحياء قابلة للتطبيق فى كافة الأحياء والمدن على حد سواء، وهل تتناسب مع مستوى دخول السكان فى كل منطقة ومع معدلات التضخم؟ هل سيتحمل سكان الأحياء الفقيرة هذه الزيادة المفاجئة فى الإيجارات؟ فى ظنى أنه بالإمكان رفع القيم الإيجارية مع أخذ مستوى الأحياء ومستوى معيشة سكانه بعين الاعتبار وتخفيض الحد الأدنى إلى النصف. من ناحية أخرى، لم أفهم الحكمة من مقترح تدخل الدولة فى العلاقة بين المالك والمستأجر، فبعد أن تعد السكان بالطرد والتشريد نتيجة تحديد مدة الإيجار بخمس سنوات، تتحمل عبء توفير سكن بديل لغير القادرين، (وغير القادرين هنا قد تعنى بعد الزيادة المقترحة الفقير ومتوسط الحال والثرى نسبيًا)، ثم تقوم بتمويل السكن البديل من صندوق يتم تمويله من الملاك!! هذا الأمر سيؤدى فى النهاية إلى إفراغ مساكن وسط المدينة من سكانها الأصليين ونقلهم إلى الأطراف. أتصور تلافيًا لذلك يمكن مد فترة السكنى إلى سبع أو عشر سنوات نظرًا لصعوبة الانتقال وإيجاد سكن بديل بالإيجار بعد تحول السوق العقارى إلى التمليك أو الإيجار الجديد. خاصة والتعديلات الجديدة تمحو الفارق بين نظام الإيجار القديم والإيجار الجديد بعد أن أصبح كلاهما محدد المدة، وقيمته الإيجارية ترتفع بنسبة متساوية سنويًا. ومع الإخلاء الفورى للشقق المغلقة قد يجد الملاك نوعًا من التعويض المادى المنشود فضلًا عن رفع القيمة الإيجارية. أخيرًا لا ينبغى تجاهل البعدين الاجتماعى والإنسانى فمتوسط أعمار مستأجرى ما قبل 1996 هو العقود الخامسة والسادسة والسابعة من العمر وهم فى أشد الحاجة لزيادة دخولهم لا تقليصها لتحمل أعباء المعيشة.