حكاية أثر| دموع الخلود على تابوت «جد حر».. مشهد أسطوري يجسد حزن الإلهتين إيزيس ونفتيس

في أحد أركان المتحف المصري، وبين كنوزه المحفوظة بعناية، يبرز مشهد فني فريد من نوعه على تابوت حجري قديم، يروي لحظة إنسانية مؤثرة من طقوس الحداد عند المصريين القدماء.
المشهد يُجسّد الأختين الإلهيتين "إيسة" (إيزيس) و"نبت حوت" (نفتيس) وهما في حالة من العويل والنحيب على فقدان الإله "أوزير"، يشدّان شعريهما تعبيرًا عن الحزن العميق. المشهد منحوت ببراعة على تابوت القزم "جد حر"، ليحمل لنا من خلال رموزه وصوره قصة أسطورية تجسّد أعمق مشاعر الفقد والخلود.
طقوس العزاء عند المصريين القدماء
اتسمت الطقوس الجنائزية في مصر القديمة بثرائها الرمزي والديني، وكان للعويل والنحيب دور محوري في التعبير عن الحزن، لا سيما من قِبل الإلهتين "إيسة" و"نبت حوت"، الشقيقتين اللتين مثلتا رمزيًا روح الرعاية والحماية للميت.
تفاصيل المشهد على تابوت "جد حر"
من أبرز المنحوتات المعروضة بالمتحف المصري مشهد دقيق محفور على تابوت حجري خاص بالقزم "جد حر"، أحد الشخصيات البارزة في العهد الفرعوني. يظهر المشهد الإلهتين "إيسة" و"نبت حوت" وهما تمارسان طقس العزاء التقليدي بشدّ الشعر، وهي عادة مصرية قديمة للتعبير عن الحزن الشديد، وتظهران في وقفة درامية تعبّر عن الألم والفقد.
الأبعاد الرمزية للمشهد
هذا المشهد لا يُعدّ تصويرًا لحزن بشري فحسب، بل يحمل أبعادًا دينية عميقة، حيث يُعبّر عن الأسطورة الشهيرة لموت "أوزير" وبكاء شقيقتيه عليه. ويُعد هذا الطقس من أبرز طقوس البعث، إذ كان يُعتقد أن نحيب الإلهتين يُعيد الحياة لأوزير ويضمن استمرار دورة الحياة والخصوبة.
الموقع الفني على التابوت
اقرأ أيضا | العثور على سهام جنكيز خان بمتحف في سيبيريا
نُقش هذا المشهد على أحد جوانب تابوت "جد حر"، بتقنيات فنية دقيقة أظهرت التفاصيل التعبيرية في الوجوه والأيدي والشعر. وهذا يُبرز قدرة الفنان المصري القديم على توثيق المشاعر الإنسانية بلغة الرموز والأسطورة.
القزم "جد حر": شخصية خاصة برمزية فريدة
رغم قصر قامته، احتل "جد حر" مكانة مميزة، حيث تشير التوابيت واللقى الأثرية إلى أنه كان ذا مكانة دينية أو طبية خاصة، وربما اختير هذا المشهد تحديدًا على تابوته لتأكيد ارتباطه بالمعتقدات المرتبطة بالبعث والحماية في العالم الآخر.
المشهد الجنائزي المنحوت على تابوت "جد حر" هو أكثر من مجرد عمل فني؛ إنه وثيقة بصرية تنقل إلينا فلسفة المصريين القدماء في الحزن والبعث والخلود، وتُعيد إحياء لحظة أسطورية خالدة في ذاكرة الحضارة.
اقرأ أيضا | تعرف على القطع الأثرية المميزة التي تم اختيارها لهذا الشهر