مثّلت كتب العالم الآخر لدى المصريين القدماء مرآة لعقيدتهم العميقة في البعث والخلود، ومن بين أبرز هذه الكتب، يأتي "الإمي دوات"، الذي يوثق رحلة الإله "رع" خلال ساعات الليل الاثني عشر في العالم السفلي. في هذا التقرير، نسلط الضوء على مشهد فني مميز من الصف العلوي للساعة الخامسة من كتاب "الإمي دوات"، المصور على جدران مقبرة الملك أمنحتب الثاني في وادي الملوك، حيث تمر مركب الشمس عبر كهف الظلام في إطار درامي رمزي غني بالمعاني الدينية والفنية. في الصف العلوي من الساعة الخامسة من كتاب "الإمي دوات"، نشاهد مركب الشمس وهي تتابع رحلتها الليلية عبر كهف الظلام المعروف باسم "ككو"، والذي يُنسب إلى المعبود "أوزير". هذا الكهف يُعد من المحطات المفصلية في رحلة الشمس، حيث يُمثل أحد مفاتيح التحول من الموت إلى البعث. يحرس هذا الكهف الإله أنوبيس، رب التحنيط وحارس البوابات، ويُطلق على الكهف اسم "الصدر"، في إشارة رمزية إلى رحم الأرض الذي يُعاد فيه تكوين الحياة. فوق الكهف، نرى الإلهتين "إيزة" و"نبت حوت" في هيئة حدأتين (نوع من الطيور)، تجلسان على قمة ربوة رملية، ترمزان إلى الحماية الأمومية والدعم الإلهي خلال التحول الليلي المقدّس. من أسفل الربوة، يظهر الجعران "خبري"، رمز التحول والخلق، صاعدًا في مشهد يفيض بالقوة والتجدد، حيث يتجه نحو الصف الأوسط من المشهد، حيث يقع كهف "سكر"، وهو تصوير رمزي واضح ل جبانة سقارة الشهيرة، والتي كانت مسرحًا للبعث والاتحاد مع أوزير. يعبر "خبري" من خلال كهف "سكر" لاستكمال الرحلة المقدسة نحو الشروق، بعد أن اتحد بالفعل بجسد "أوزير" داخل غرفة الظلام، وهي ذروة مشهد التحول والبعث. يُجسد هذا المشهد في مقبرة الملك أمنحتب الثاني بوادي الملوك إحدى أروع تمثيلات العقيدة المصرية القديمة حول دورة الحياة والموت والبعث، كما يُعد جزءًا من كتاب "ما هو موجود بالعالم الآخر" أو المعروف باسم "مجاة إمي دوات". اقرأ أيضاً.. أصل الحكاية| «الموسيقى في مصر القديمة».. أنغام الحضارة وروح التاريخ