تداول 14 ألف طن و667 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    محافظ الدقهلية يشهد توقيع بروتوكول لتأهيل محطة الصرف الصحي بنبروه باستثمارات تتجاوز المليار جنيه    رابط مباراة العراق ضد الإمارات مباشر Iraq vs UAE Emirates    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    محمد صبحي: كل الشكر والامتنان لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي    التحريات تكشف سبب مقتل مهندس الكيمياء النووية بالإسكندرية    السيسي يوجه بالاهتمام بالشباب ونشر ثقافة الرياضة في مختلف اللعبات    عمرو محمود ياسين يطالب بمواجهة فوضى السوشيال ميديا: المجتمع تحول إلى جلسة نميمة كبرى وخوض في الأعراض    نانسي سلام: الاستدامة والتصدير طريق صناعة الملابس الجاهزة للمنافسة عالميا    رئيس جامعة المنصورة يستعرض تجربتها كنموذج منتج    «المصدر» تنشر قانون الإجراءات الجنائية الجديد بعد تصديق الرئيس    الإقبال الكثيف وراء نفاد تذاكر المصريين بالمتحف المصري الكبير    ساعية البريد: حين تحمل النساء هم تغيير العالم    لقاء الشرع بترامب في البيت الأبيض الأول منذ 80 عاما.. وباراك يكشف تفاصيل الاجتماع    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الطماطم ب8 جنيهات.. أسعار الخضراوات والفاكهة بسوق العبور اليوم الخميس    الأهلي يعول على محمد شريف لقيادة الهجوم أمام شبيبة القبائل    البورصة المصرية تعلن بدء التداول على أسهم شركة توسع للتخصيم في سوق    قرار حكومي بإنشاء كلية البنات الأزهرية في مطروح    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    تعزيز العلاقات الثنائية يتصدر.. بيان مشترك لوزيري خارجية مصر وتركيا    فرق من القسام والصليب الأحمر تدخل إلى حي الزيتون شرق غزة للبحث عن جثث إسرائيليين    رئيس الطائفة الإنجيلية يشيد بجهود محافظ أسيوط فى تطوير مسار العائلة المقدسة    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    سقوط 5 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار بالمطرية    إحالة عاطل للجنايات بتهمة سرقة المواطنين بأسلوب الخطف وحيازة سلاح أبيض بالزيتون    هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب منطقة قبرص    إسقاط الجنسية عن شخص لالتحاقه بالخدمة العسكرية بدولة أجنبية    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    المناهج المستوردة كشفت الكارثة…المنظومة التعليمية تنهار والمعلمون يأسوا من الإصلاح فى زمن الانقلاب    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    طاجن الكوسة بالبشاميل والدجاج| وجبة غنية تجمع النكهة الشرقية والمذاق الكريمي    الكهرباء: مستمرون في التنسيق مع البيئة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة    «التحديات النفسية والاجتماعية لظاهرة التنمر في ظل الرقمنة».. ندوة بآداب بنها    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان دعمهما القوي للشعب الفلسطيني وتخفيف معاناة قطاع غزة    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    تعليم الأقصر تبحث الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسى الأول.. صور    زوج يقتل زوجته بعد شهرين من الزواج بكفر الشيخ    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    الداخلية تكشف الحقيقة الكاملة لفيديو "البلطجي وسرقة الكاميرات" في الدقهلية.. القصة بدأت بخلاف على الميراث!    بشير التابعي: شكوى الزمالك ضد زيزو "شخصية".. وطاهر لا يستحق الانضمام للمنتخب    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    اليوم.. نصف نهائي الملحق الإفريقي المؤهل لكأس العالم 2026    دوري المحترفين، 5 مباريات اليوم في الجولة ال 12    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام عفيفى يكتب: بين شظايا الحرب وخريطة الإنقاذ
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 02 - 05 - 2025

فى السياسة كما الجغرافيا، لا تُختار الجيرة ولكن تُصنع المصائر ولعل العلاقة بين مصر والسودان تمثل واحدة من أعمق نماذج الجوار فى تاريخ المنطقة: علاقة تتجاوز المشتركات اللغوية والعرقية إلى تداخل استراتيجى يشبه التلاصق البنيوى بين الجسد والظل من هنا، لا يمكن أن نتعامل مع لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى والفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذى جرى منذ أيام فى قصر الاتحادية، بوصفه لقاء دبلوماسيا فى زمن الحرب، بل باعتباره حلقة متقدمة فى معركة إنقاذ جيوسياسى ممتدة، تديرها مصر بحكمة وتوازن ووعى عميق بحجم اللحظة.
المعادلة ليست من نوع «دولة داعمة وأخرى مدعومة»، بل من نوع «شعبان فى قارب واحد يحاولان النجاة من غرق جماعي». حين تستقبل مصر على أراضيها أكثر من 1.2 مليون سودانى خلال عام واحد فقط، فهى لا تمارس دور الدولة المضيفة، بل تنخرط فى دفاع عملى عن عمقها الاستراتيجى وحين تفتح مدارسها ومشافيها وحدودها، رغم أزمتها الاقتصادية، فهى لا تقدم خدمات إغاثية، بل تضخ فى شرايين الجوار الحياة التى تضمن استمرار نبضها هى أولاً.
لكن اللقاء الأخير لم يكن عن الإغاثة فقط، بل عن التحول من الدفاع إلى البناء، من رد الفعل إلى الفعل، ومن الاستيعاب الطارئ إلى التخطيط الاستراتيجى العميق.
إعادة إعمار السودان
الحديث عن التعاون فى الربط الكهربائى والسكك الحديدية والزراعة والصحة والتعدين لم يكن حديث مشروعات اقتصادية تقليدية، بل خارطة استقرار مبنية على قناعة أن استعادة السودان ليست فقط مهمة داخلية سودانية، بل ضرورة إقليمية تمس الأمن القومى المصرى من أقصاه إلى أقصاه، هذه القطاعات التى تم الاتفاق على تعميق التعاون فيها تُقرأ فى ضوء معادلتين:
الأولى: معادلة التفكك/التكامل فإما أن يُعاد بناء السودان بوصفه دولة مركزية قادرة، متصلة بمحيطها الحيوى من الشمال، أو أن ينهار كليًا ليصبح بؤرة نزاع طويلة الأمد على حدود مصر الجنوبية.
الثانية: معادلة التدخل/ الاحتواء فإما أن تقود مصر الإطار السياسى والاقتصادى لإنقاذ السودان بمشروع واقعى ينطلق من احتياجات الناس، أو أن تترك فراغًا تملؤه قوى خارجية تسعى لاستخدام السودان كساحة صراع بديل.
خطاب القاهرة ومنطق الدولة
ما يميز الموقف المصري، كما عكسه هذا اللقاء، هو أنه لا يقوم على دعم طرف ضد طرف فمصر لم تسعَ، لا عبر الإعلام ولا عبر الاجتماعات المغلقة، إلى تأجيج الصراع لصالح حلف دون آخر بل راهنت على الجيش السودانى بوصفه العمود الفقرى للدولة، وليس كقوة عسكرية فى صراع نفوذ والفرق بين النظرتين جوهري.
حين تحدث الرئيس السيسى مع البرهان عن «ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم للسكان فى مناطق الحرب»، فإنه يضع الإنسان السودانى فى بؤرة الاهتمام، لا موقع السلاح ولا حصة السلطة وحين تطرقا معًا إلى الأوضاع فى حوض النيل والقرن الإفريقي، فإن الموقف المصرى يعلن دون مواربة أن أمن السودان المائى هو خط دفاع أول عن الأمن المائى لمصر.
مصر لا تملك خيار التردد
العالم قد يغضّ الطرف، يعبّر عن «القلق»، يرسل بيانات ويجمع مؤتمرات، ثم يرحل لكن مصر تعيش الأزمة يومًا بيوم، ولا تملك ترف المراقبة من بعيد إذ أن كل طلقة تُطلق فى الخرطوم، وكل قرية تنهار فى دارفور، وكل لاجئ يعبر النيل، هى فى عمق التأثير المباشر على الدولة المصرية، مصر لا تنقذ السودان من أجل السودان فقط بل من أجل الإقليم كله
ولذلك، فإن دعم مصر للسودان لم يكن موقفًا لحظيًا ولا مناورة دبلوماسية إنه جزء من استراتيجية عميقة تدرك أن النهوض بالسودان هو استثمار طويل المدى فى استقرار مصر نفسها وهذا ما يغيب عن أعين الكثيرين، الذين ما زالوا يتعاملون مع الأزمة فقط كملف إنسانى أو سياسى يمكن احتواؤه ببعض الضغوط والوعود.
وفى هذه اللحظة التاريخية، حيث تتصارع إرادات الخارج على الجغرافيا السودانية، تقف القاهرة لتقول: لن نسمح بانهيار شقيقتنا، لا من أجلها فقط، بل من أجل كل من يفهم معنى الأمن الحقيقي.
السودان ليس عبئًا على مصر، بل فرصة لإعادة بناء مشروع تكاملى فقدته المنطقة لعقود وإذا كانت القاهرة قد دفعت ثمن السلام فى غزة، فإنها الآن تدفع ثمن الأمل فى الخرطوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.