جريمة غسيل أموال، نسمع عنها كثيرا، لكن الكثير منا لا يعلم ما هي تلك الجريمة وعقوبتها؟، سألنا المختصين فأجابوا بوضوح؛ غسل الأموال هو تجهيز العائدات الإجرامية لإخفاء مصدرها غير المشروع، من خلال مشاريع مشروعة، وقالوا ايضًا إنها جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، فجريمة غسل الأموال هي عملية تحويل أو إخفاء الأموال أو الأصول المتحصلة من جرائم أصلية، وذلك من خلال عدة طرق بهدف تمويه أو إخفاء مصدر هذه الأموال أو طبيعتها أو مكانها أو صاحبها، وذلك بغرض جعلها تبدو وكأنها أموال مشروعة أو تم الحصول عليها بطرق قانونية، وهذه الجريمة تتحقق عندما يقوم الشخص بتحويل أو نقل الأموال المتحصلة من جريمة بهدف إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو صاحبها، أو تغيير حقيقته أو منع اكتشاف الجريمة الأصلية، واكتساب أو حيازة أو استخدام الأموال المتحصلة من جريمة، سواء كان ذلك من خلال إدارتها، أو حفظها، أو استبدالها، أو إيداعها، أو ضمانها، أو استثمارها، أو التلاعب في قيمتها، أو إخفاء طبيعتها الحقيقية أو مصدرها أو مكانها، الأموال التي يتم غسلها يمكن أن تكون ناتجة عن جرائم مثل التهريب، أو تجارة المخدرات، أو الفساد، أو غيرها من الأنشطة غير المشروعة، الهدف الرئيسي من جريمة غسل الأموال هو إخفاء الأصل غير المشروع للأموال وتحويلها إلى أموال تبدو قانونية. وتسعى القوانين المصرية من خلال مكافحة غسل الأموال إلى حماية النظام المالي في البلاد من الأنشطة غير القانونية، وضمان أن تكون الأموال المتداولة في الاقتصاد ناتجة عن أنشطة قانونية. وفي هذا الشأن تكثف وزارة الداخلية جهودها، وتشن حملات متعددة، فخلال الشهور الأخيرة، لاحقت وزارة الداخلية، ما يقرب من 52 فردًا ضالعًا في غسل أموال بلغت قيمتها الإجمالية نحو مليار و500 مليون جنيه، وذلك من خلال 13 عملية أمنية متواصلة كان هدفها مكافحة غسل الأموال الناجمة عن أنشطة إجرامية مثل الإتجار بالمخدرات، الأسلحة، العملات الأجنبية، والتنقيب غير المشروع عن الذهب، وجميعها تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد المتورطين في هذه الجرائم. أبرز القضايا التي واجهتها الداخلية ونجحت في ضبط المتهمين فيها، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد مجموعة من الأفراد المتورطين في غسل الأموال الناتجة عن أنشطة غير قانونية، أبرزها اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه شخصين، غسلا 75 مليون جنيه من الإتجار بالمواد المخدرة في القاهرة، عبر تأسيس الأنشطة التجارية وشراء العقارات والسيارات، القضية الثانية، هي غسل 100 مليون جنيه من الإتجار بالنقد الأجنبي في الدقهلية، وتم ضبط المتهم فيها، بمحافظة الدقهلية، لتورطه في غسل الأموال الناتجة عن الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي، ومحاولة إخفاء مصدر الأموال عبر شراء السيارات، الجريمة الثالثة، غسل 70 مليون جنيه من الإتجار بالنقد الأجنبي من 7 أشخاص يحملون جنسيات عدة دول (3 منهم يحملون جنسيات متعددة)، وتم توجيه اتهامات بغسل الأموال المتحصلة من الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي، من خلال تأسيس الشركات وشراء السيارات والوحدات السكنية، وأيضا جريمة غسل 50 مليون جنيه من الإتجار بالنقد الأجنبي بالإسكندرية، كما تم ضبط شخص غسل 100 مليون جنيه من الإتجار بالمواد المخدرة في الشرقية، وأيضا غسل 70 مليون جنيه من الإتجار بالمواد المخدرة في أسيوط، وتم ضبط 3 متهمين، بأسيوط، لغسلهم الأموال المتحصلة من الإتجار بالمواد المخدرة، عبر تأسيس الأنشطة التجارية وشراء العقارات والأراضى الزراعية، وفي الإسكندرية أيضا تم مصادرة 120 مليون جنيه من جراء الإتجار بالعملات الأجنبية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم. ولم تتوقف جرائم غسل الأموال وفي المقابل تتوالى الضربات القوية من وزارة الداخلية وحصارهم والقبض عليهم ومصادرة أموالهم غير المشروعة؛ حيث تمت مصادرة 80 مليون جنيه حصيلة الإتجار بالنقد الأجنبي في القاهرة، وأيضا مصادرة 357 مليون جنيه من 6 متهمين لهم معلومات جنائية حصيلة الاتجار في تجارة السلاح، وذلك عبر تأسيس الأنشطة التجارية وشراء الأراضي والعقارات، أيضا مصادرة 200 مليون جنيه، متحصلة من التنقيب غير المشروع عن خام الذهب، عبر تأسيس الشركات وشراء العقارات، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المتهمين. العقوبة وآثارها قال اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية السابق، والمحاضر بأكاديمية الشرطة: تعد جريمة غسل الأموال من أخطر الجرائم الاقتصادية التي تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة، بغرض التلاعب بها من خلال التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو تحويلها أو حتى التلاعب في قيمتها، وتتحقق هذه الجريمة عندما تكون الأموال متحصلة من أنشطة إجرامية مثل تجارة المخدرات، الاتجار بالبشر، الإرهاب، النصب، الرشوة، اختلاس المال العام، والتزوير. وأضاف الشرقاوي؛ تمر عملية غسل الأموال بثلاث مراحل رئيسية: «الإيداع»، «التمويه»، و»الدمج»، حيث يتم تحويل الأموال غير المشروعة إلى أموال يمكن التعامل بها في السوق الشرعي دون الكشف عن مصدرها غير المشروع. وأوضح، أنه يقسم غسل الأموال إلى نوعين رئيسيين؛ الأول يتعلق بتحويل متحصلات العمل غير المشروع إلى أنشطة مشروعة بهدف إضفاء الشرعية عليها، أما النوع الثاني فهو يتعلق بالإنفاق غير المشروع على مال مشروع، مثل تمويل الإرهاب وشراء الأسلحة. واشار الشرقاوي، غسل الأموال يشكل تهديدًا خطيرًا على الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي إلى زيادة التصنيف العالمي لدولة ما كدولة عالية المخاطر فيما يتعلق بغسل الأموال، وتؤثر هذه الجرائم سلبًا على التجارة الخارجية، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية، وتدهور سمعة الاقتصاد بشكل عام. وكشف اللواء رأفت؛ أنه في إطار سعي الدولة المصرية لمكافحة هذه الجرائم، قامت وزارة الداخلية بإنشاء «قطاع جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة» للتصدي لهذه الجرائم العابرة للحدود، بما في ذلك مكافحة غسل الأموال، جرائم الاختلاس، الرشوة، والتهريب، وأحدثت الوزارة أيضاً تغييرات مهمة في هيكل عمل الأجهزة الأمنية لمواكبة تطورات العالم الرقمي. وأشار إلى أن وزارة الداخلية، ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، نظمت مؤتمرها التاسع لمكافحة غسل الأموال الناجمة عن الإتجار في المخدرات، الذي عُقد في الفترة من 13 إلى 15 أبريل 2025، تناول المؤتمر التحديات التي تواجه مكافحة غسل الأموال في ظل التحول الرقمي واستخدام المنصات الرقمية في المعاملات المالية. ونوه إلى أن القوانين المصرية المتعلقة بغسل الأموال، مثل القانون رقم 80 لسنة 2002 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 2003 و2020، تضمن عقوبات رادعة تتراوح بين السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، إضافة إلى غرامات تعادل مثلي الأموال المحصلة من الجريمة، مع مصادرة الأموال المضبوطة. كما يعاقب كل من يرتكب هذه الجريمة بالسجن والغرامة وفقاً للقانون، وتتم مصادرة الأموال المترتبة على هذه الأنشطة. وأوضح اللواء رأفت الشرقاوي؛ أنه على المستوى الاقتصادي تؤدي جرائم غسل الأموال إلى انخفاض معدل الدخل القومي، وارتفاع معدلات التضخم، وتدهور قيمة العملة الوطنية، فضلاً عن العجز في ميزان المدفوعات. اجتماعيًا، تؤدي هذه الجرائم إلى صعود فئات اجتماعية غير مؤهلة بسبب أموال غير مشروعة، مما يعزز الفساد في المجتمع ويزيد من الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. وقال إن البنك المركزي يتبنى مجموعة من الإجراءات الوقائية لمكافحة غسل الأموال، مثل منع فتح الحسابات باسماء صورية أو مجهولة، وتحديد سقف المبالغ المسموح بها للمسافرين أو العائدين إلى البلاد، وفرض رقابة شديدة على التحويلات المالية، وختم كلامه، حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه، وسدد على طريقها خطاها، وجنبها شر الفتن والمشاكل. اقرأ أيضا: ضبط قضايا اتجار في العملة ب 5 ملايين جنيه