أثارت أزمة فروع محلات «بلبن وكنافة وبسبوسة وكرم الشام وغيرها» جدلًا واسعًا خلال الأيام الماضية، بعد صدور قرار من مجلس الوزراء بغلق وتشميع الفروع استنادًا إلى تقرير الهيئة القومية لسلامة الغذاء، الذي أكد وجود بكتيريا ممرضة فى جميع الفروع قد تُشكل خطرًا على صحة المواطنين.. ثم جاء تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي عبر تكليفه بعقد اجتماع عاجل مع الجهات المختصة، لبحث سبل إعادة فتح المحلات شريطة الالتزام الكامل بمعايير السلامة الصحية. ◄ البكتيريا الممرضة لها عدة أنواع وسببها «فضلات آدمية أو حيوانية» ◄ الألوان «محرمة دوليا» لارتباطها بالسرطانات هذه الأزمة أثارت حالة من التضارب فى آراء المواطنين بين مؤيد ومعارض، كما أثارت فى نفس الوقت عدة قضايا فى ملف الغذاء والصحة نرى أنها الأولى بالمناقشة مع الخبراء والمتخصصين، كما ترصد الأضرار الصحية التى قد تنتج عن الإفراط فى تناول هذه الأطعمة. ◄ البكتيريا الممرضة فى البداية تلقت الدكتورة شيرين على زكى، وكيلة النقابة العامة للأطباء البيطريين ورئيسة لجنة سلامة الغذاء سابقًا، النظر إلى أبرز ما شغل المواطنين فى هذه القضية، وهو مفهوم «البكتيريا الممرِضة»، يوضح أن هذا المفهوم لا يقتصر على نوعٍ واحد من البكتيريا، بل يشمل العديد من الأنواع، بدءًا من السالمونيلا ومرورًا بالإيكولاى، موضحة أن وجود هذه الأنواع فى الطعام يُعد كارثة صحية، لأنها تُشير إلى احتمال تلوث الغذاء بفضلات آدمية أو حيوانية، كما تشمل أيضا بكتيريا البروسيلا، التى تُنقل عبر الألبان ومشتقاتها غير المبسترة، وتسبب العقم وآلام شديدة فى الجسم، وقد يستغرق علاجها سنوات طويلة، بل وقد تعود الإصابة بها مجددًا، وتضيف أن من بين أخطر الأنواع أيضًا ما يُعرف ب «التسمم السجقى» أو «الممبارى»، وهو نوع من البكتيريا يؤدى إلى شلل فى العضلات الرخوة وقد يؤدى فى النهاية إلى الوفاة. وتوضح الدكتورة شيرين أن سبب وجود هذه البكتيريا فى جميع الفروع يعود إلى أن جميع المنتجات يتم استقبالها من مصدر مركزى واحد، وتحديدًا من نفس المصنع، وهو ما ورد فى بيان الهيئة القومية لسلامة الغذاء، التى قامت بسحب عينات من هذا المصدر، وتبين وجود البكتيريا الممرضة فيه. ◄ ألوان محرّمة دوليا وتشير إلى أن ما تقوم به هذه المحلات من خلطات متنوعة تحتوى على الصلصات والدهون النباتية والسكريات والألوان الصناعية يُمثل كارثة صحية أخرى، إذ تؤدى إلى أمراض خطيرة، أبرزها السمنة المبكرة لدى المراهقين، ومرض السكرى، بل قد تُسبب الإدمان لدى الأطفال، وتفسر ذلك بأن تناول كميات كبيرة من السكر عالى التركيز يُحفز إفراز هرمونات ترتبط بالمخ، مما يُدخل الجسم فى حالة دائمة من الرغبة والطلب لتلك المواد. أما فيما يتعلق بالألوان الصناعية، فتؤكد على مدى خطورتها، فما ورد فى تقرير الهيئة من استخدام بعض أنواع الألوان المحرمة دوليًا، التى تم حظر استخدامها بسبب آثارها الصحية السلبية والتى قد تكون من الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطانات، وفرط الحركة لدى الأطفال، والحساسية المفرطة التى قد تصل إلى الوفاة لدى بعض الحالات التى تعانى من تحسسٍ شديد منها. وتوضح أن هناك بعض الألوان الأخرى تكون معتمدة من الاتحاد الأوروبى وتحمل رمز «E» فى بدايتها، وقد تكون مسموحًا بها فى بعض الدول، بينما تُمنع فى دول أخرى، مثل صبغة الكركمين الحمراء، التى يُستخلص أصلها من الحشرات، وتحديدًا الخنافس، وتدخل للأسف فى العديد من المنتجات الغذائية. وفي ختام حديثها، أشادت الطبيبة بقرار السيد رئيس الجمهورية بفتح تحقيق عاجل مع الجهات المختصة، لإلزام تلك المحلات بتطبيق معايير الصحة والسلامة، كما ناشدت الجهات المعنية تكثيف الحملات الرقابية على جميع المنشآت الغذائية، للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين. ◄ أمراض خطيرة من جانبها، تحذر الدكتورة آمال مختار، أستاذ باحث الصحة العامة والطب الوقائى وطب المجتمع بالمركز القومى للبحوث، من الإفراط فى تناول الحلوى الجاهزة، خاصة بين الأطفال والمراهقين، لاحتوائها على كميات كبيرة من السكر المكرر والدهون غير الصحية، إضافة إلى المواد الحافظة والنكهات الصناعية، التى تؤدى لزيادة الوزن والسمنة دون أن توفر أى قيمة غذائية حقيقية، كما أن الإفراط فى تناول السكر يُجهد البنكرياس، ما يرفع من خطر الإصابة بمرض السكرى من النوع الثانى. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحلوى المصنعة لا تحتوى على الفيتامينات والمعادن الأساسية، ما يُضعف جهاز المناعة ويجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى والأمراض، ولا ننسى تسوس الأسنان، إذ يُعد السكر الغذاء الأساسي للبكتيريا المسببة للتسوس، خصوصًا عند غياب العناية الجيدة بنظافة الفم. ◄ الدهون المهدرجة وتؤكد أن الدهون المهدرجة من أكثر المكونات خطورة فى صناعة الأغذية الجاهزة، وتُستخدم لإطالة عمر المنتج وتحسين طعمه وقوامه، وتشير الدراسات إلى أن استهلاك الدهون المهدرجة يؤدى إلى ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL) فى الدم، وخفض الكوليسترول الجيد (HDL)، مما يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين، كما تُساهم فى حدوث التهابات مزمنة فى الجسم وتزيد احتمالية الإصابة بالسكتات الدماغية والسكرى. لذلك، قام العديد من الدول بحظر أو تقنين استخدام هذه الدهون، إلا أن بعض المنتجات الرخيصة ما تزال تحتوى عليها، مما يستدعى الانتباه إلى مكونات الأغذية قبل شرائها. ◄ خطورة محسِّن الكيك وتحذر الدكتورة آمال من خطورة محسِّن الكيك الذى يُستخدم بشكل دائم فى المحلات أو قد تلجأ له ربة المنزل أيضا، حيث إنه يحتوى على مادة برومات البوتاسيوم، وهى مادة كيميائية تُستخدم لتحسين ملمس العجين وإعطائه بياضًا أكثر. ورغم ما تمنحه هذه المادة من مظهر جذاب للخبز والكيك، فإنها تُعد مسرطنة محتملة وقد ارتبطت فى دراسات علمية بزيادة خطر سرطان الكلى وظهور أنواع خطيرة من البكتيريا تسبب التسمم. ومُحسِّن الكيك الذى يحتوى على مادة برومات البوتاسيوم يُباع تحت أسماء مختلفة، وغالبًا ما يُشار إليه بأسماء عامة مثل «مُحسِّن كيك، مُحسِّن خبز، مُحسِّن دقيق»، دون تحديد مكونات المنتج على العبوة، وفى بعض الأحيان يباع كمزيج يحتوى على برومات البوتاسيوم، إلى جانب مواد أخرى مثل كلوريد الصوديوم وكلوريد الأمونيوم، وهذه المواد تم حظر استخدامها فى العديد من دول العالم، نظرًا لما تشكله من تهديد مباشر للصحة العامة. والأخطر من ذلك أن بعض ربات البيوت يقمن باستخدام هذا المنتج فى إعداد المخبوزات المنزلية دون إدراك لمخاطره، مما يضاعف الضرر خاصة عند استخدامه بشكل متكرر فى بيئة لا تخضع للفحص أو التحليل، لذا تنصح باستخدام بدائل تقليدية وآمنة، مثل البيكنج بودر، كما يُفضل قراءة مكونات المحسنات المستخدمة بعناية، والتأكد من خلوها من برومات البوتاسيوم. ◄ الالتزام بالمعايير الصحية وفي ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، اجتمع نائب رئيس الوزراء وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار مع رئيس هيئة سلامة الغذاء الدكتور طارق الهوبى، لبحث آليات وضوابط الرقابة على المنتجات الغذائية والمنشآت المعنية بتداولها، والتعامل سريعا مع ما يثار من موضوعات تهم الرأى العام المصرى، واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة حفاظاً على صحة المواطنين. ويوضح الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمى لوزير الصحة والسكان، أن نائب رئيس الوزراء وزير الصحة، يؤكد على استمرار الحملات الرقابية التى تقوم بها وزارة الصحة والسكان، بالتنسيق مع هيئة سلامة الغذاء، على منشآت تداول المنتجات الغذائية فى جميع المحافظات، للتأكد من تطبيق الاشتراطات الصحية، فى الأغذية المتداولة، حفاظا على الصحة العامة. ووجه الدكتور خالد عبدالغفار، باستئناف نشاط جميع أفرع سلاسل المنشآت الغذائية التى تم إغلاقها فور التأكد من مطابقتها للمواصفات والشروط الصحية المعلنة من قبل هيئة سلامة الغذاء والاشتراطات الأخرى مع الجهات الأخرى ذات الصلة. وتقوم وزارة الصحة والسكان من خلال قطاع الطب الوقائى برصد أية حالات اشتباه ناتجة عن التسمم الغذائى على مستوى كافة محافظات الجمهورية عن طريق جميع المنشآت الصحية، كما يتم أيضاً رصد أية أحداث صحية تتعلق بسلامة الغذاء من خلال برنامج الترصد المبنى على الحدث الذى يستهدف تجميع كافة البيانات من خلال وسائل التواصل المجتمعى المختلفة حيث تم رصد (1004) حالات اشتباه تسمم غذائى من مصادر أغذية مختلفة من جميع المحافظات خلال الربع الاول من هذا العام . كما تقوم الوزارة من خلال المعهد القومى للتغذية بإجراء تقييم لنسب تناول السكريات ووضع الإجراءات اللازمة لتقليل تلك النسب لتتماشى مع النسب العالمية فى إطار الحفاظ على صحة المواطنين والوقاية من الأمراض. ◄ مخالفات بالجملة وبالنسبة لما يثار بشأن سلسلة محلات بلبن والمحلات التابعة لها قامت الفرق الرقابية المعنية خلال الأيام الماضية بتنفيذ حملات تفتيش ميدانية موسعة على المصانع ومحلات بيع وتداول المنتجات الغذائية التابعة لسلاسل (بلبن، كرم الشام، كنافة وبسبوسة، وهمى، عم شلتت)، وتم تنفيذ (232) مرورًا رقابيًا على فروع ومصانع السلسلة بمختلف المواقع، وتبين وجود كميات من المواد الغذائية مجهولة المصدر وكميات أخرى منتهية الصلاحية، كما تبين وجود (122) منشأه غير مرخصة، وتم سحب (437) عيّنة من تلك السلسلة تبين أن نسبة منها غير مطابقة للمواصفات القياسية المصرية واللوائح الفنية الملزمة، وتم إعدام (697) كيلو من أغذية متنوعة و(70) لتر مشروبات وعصائر متنوعة لتغيرها فى الخواص الطبيعية، كما تم تحرير (387) محضرا لأسباب تتعلق بنقص فى الاشتراطات الصحية أو عدم حمل شهادات صحية مع المشتغلين بالأغذية، مما ترتب عليه اتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالإيقاف المؤقت للنشاط لحين تلافى المخالفات الصحية والإدارية وذلك من خلال هيئة سلامة الغذاء والجهات الإدارية المعنية بالمحليات فى مختلف المحافظات.