أعترف بأننى مشاهد مزيف، لا أستمتع بالأعمال الدرامية وأنا أتفرج عليها، أضع نفسى «مطرح» المؤلف، وأمارس ألعاب الحذف والإضافة، أتخيل أبعاد الشخصيات، وطريقة عمل الصدمات، وتشابك الأحداث، ولا أغفر لكاتب خطأ بسيط يرتكبه، ولو كان الخطأ جسيما، ألعنه فى السر والعلن. لا أستطيع أن أنفى عن نفسى تهمة التعالى على المؤلف - أثناء الفرجة على عمله - وأنا أستحضره أمامي، وأقرص أذنه حتى يتجنب الوقوع فى غياهب نحت الأفكار، والحوارات «الأكلاشيه»، والشخصيات المكررة، والصراعات المفقوسة، والخلطة الجاهزة. لكن عبد الرحيم كمال سرق حقى كمؤلف موازى بمسلسله «قهوة المحطة»، وهو ينصب نفسه المؤلف الأوحد للفكرة، والصراع، وأبعاد الشخصيات، تعامل معى باستعلاء وجنون وهو يأتى على لسان أبطاله بجمل حوارية مسحورة، تنزل بى من كرسي القاضي، إلى مقعد المتفرج الساذج الذى لا يفعل شيئا إلا التصفيق كلما سمع جملة واحدة منها. تعبت يدى من التصفيق يا أستاذ عبد الرحيم، وتعب صدري من حبس أنفاسي وأنا أتأمل المشاهد المغزولة بفلسفة صوفية قادرة على أن تعيد أمواج المشاعر الهاربة إلى ضفاف الروح، وتعب الجيران من ارتفاع صوت التلفزيون حتى لا تفوتنى كلمة من الحوار. وسواء كان السيد «مؤمن الصاوي» نبيا لم يوحى إليه، أو وليا من أولياء الله، أو عبدا صالحا يرى أن عدل الله أكبر من ظلم الظروف، وأن الإنسانية هى السلوك الوحيد الذى ينتظره الرب من عباده، أو كان السيد مؤمن الصاوى كائنا لم يخلق بعد، ومات قبل أن يولد، ومن حوله أوجدوه ليعترفوا بذنوبهم التى أرغمتهم الحياة على ارتكابها، فى كلا الحالتين «مؤمن» سيد، ومن أهل المدد، وأهل قنا - وأنا منهم - إذا شعروا بالمتعة، وامتلأت قلوبهم بالفرحة قالوا: مدد.. يا سيدى عبد الرحيم مدد!