الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن قواعد وإجراءات تصويت المصريين المقيمين بالخارج بانتخابات الشيوخ    أهم أخبار الكويت اليوم.. ولي العهد يستقبل وزير الخارجية الأردني    أهم أخبار السعودية اليوم الأربعاء.. ولي العهد يهنئ رئيس الأرجنتين بذكرى استقلال بلاده    جولة موسعة بمنطقة "القنطرة غرب الصناعية" لمتابعة المشروعات والمصانع الجارى إنشائها    عضو بالبرلمان الأوروبى: نعانى للحصول على إعفاء فورى من "رسوم ترامب"    مدبولى: الرئيس السيسى وجه بتشكيل لجنة للوقوف على أسباب حريق "سنترال رمسيس"    نتنياهو: أؤيد رفع العقوبات على إيران حال وقف جميع أنشطتها النووية    الكوليرا تفتك بالسودان.. 85,531 مصاب و 2,145 حالة وفاة نقص فى المستلزمات الطبية والأدوية    القسم الثاني - أيمن عبد العزيز مدربا ل دايموند.. وجعفر مديرا للكرة    تقرير: إنتر يخطط للتعاقد مع أسينسيو    زينة عامر وجنا عطية تتوجان بذهبية تتابع الناشئات ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    "اتجوزت عرفي ومش بشوف أولادي".. أقوال مستشار سابق قتل طليقته بالرصاص في أكتوبر    توجيه رئاسى    اندلاع حريق داخل سوبر ماركت بشارع كعابيش والحماية المدنية تدفع بسيارات الإطفاء| صور    وزير الثقافة يرحب بقرار مجلس الوزراء بإعفاء مهرجانات الأوبرا من الضريبة    عيسى السقار نجم حفل "هنا الأردن.. ومجده مستمر" في "مهرجان جرش"    مناقشة مشكلات صناعة النشر في مصر على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    فتح باب التقديم مجددًا للمستبعدين من إعلان «سكن لكل المصريين 5»    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    تفاصيل شكوى "زيزو" ضد الزمالك بسبب 82 مليون جنيه.. (مستند)    وزير الرياضة يشارك في تدشين "عمّان عاصمة الشباب العربي 2025"    رياضة كفر الشيخ توجه الدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية ب 22 نادى رياضى    الصفقة المستحيلة تقترب من ريال مدريد    مرشحان في اليوم الخامس.. ارتفاع عدد المتقدمين لمجلس الشيوخ بسوهاج إلى 24 مرشحا    البابا تواضروس يلتقى وكيل «إكليريكية الإسكندرية» وراعى الكنيسة المرقسية (صورة)    تخصيص 190 فدان لإقامة منطقة لوجستية وميناء جاف بوادي النطرون    رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    السجن 3 سنوات لمتهم بإحراز سلاح نارى بدون ترخيص فى سوهاج    بالصور.. الدفع بالسفينة البرلس pms للمشاركة فى البحث عن المفقودين الثلاثة بحادث البارج أدمارين 12 بمنطقة جبل الزيت    وفاة طالب إثر إصابته بلدغة ثعبان في قنا    وزير خارجية هولندا يشيد بجهود مصر فى مباحثات التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة    الشرع وعبدي يبحثان مستقبل سوريا برعاية أميركية ( تحليل إخباري )    شاهد.. بيان مهم من المصرية للاتصالات بعد حريق سنترال رمسيس وعودة الإنترنت والاتصالات    هل نجح مينا مسعود في كسب ثقة الجمهور المصري؟.. شباك التذاكر يجيب    كلية الفنون الجميلة تُناقش مشروعات تخرج طلاب دفعة 2025 بحضور نخبة من كبار الفنانين والأكاديميين    مذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية ومتحف نظم تاريخ الكتابة بكوريا الجنوبية    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور من الضرورات الدينية والإنسانية    الأزهر للفتوى: متوفين سنترال رمسيس "شهداء".. ويشيد بدور رجال الاطفاء    دراسة: حليب الإبل يعمل كمضاد لالتهاب الرئة ويثبط الربو التحسسى    صحة الوادي الجديد: جميع شبكات الاتصال تعمل بكفاءة عالية    إجراء 12 عملية قلب خلال أول يومين عمل بمستشفى طنطا الجديدة    الصحة العالمية: تطعيم فيروس الورم الحليمى البشرى يحمى من سرطان عنق الرحم..فيديو    رئيس مجلس الدولة يستقبل وفدًا قضائيًا عمانيًا للاطلاع على جهود التحول الرقمي في المنظومة القضائية    الخميس.. فتح باب الطعون على أسماء المرشحين في انتخابات نقابة الأطباء    سقوط عنصر جنائي بتهمة النصب والتزوير بالطالبية    وزير الخارجية الروسي يزور كوريا الشمالية هذا الأسبوع    "تاس": القوات الروسية تستولي على بلدة "تولستوي" شرقي أوكرانيا    انخفاض جديد للطن.. سعر الحديد اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025 محليًا    رفع لافتة «كامل العدد».. انطلاق أولى ليالي «الملك لير» بحضور وزير الثقافة (صور)    لاول مرة مساعد رقمى يتنبأ بالخطر بالمحطات النووية قبل وقوعه ب30 دقيقة    عودة خدمات فوري إلى كفاءتها التشغيلية بعد حريق سنترال رمسيس    "قلبي ارتاح"، لطيفة تعلن موعد طرح أغاني ألبومها الجديد    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    عاجل.. الزمالك يستهدف ضم نجم جديد من بيراميدز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سليمان قناوي يكتب: فضفض مع الماكينات
يوميات الأخبار
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 31 - 03 - 2025

البريطاني يقضى 47 يوماً من حياته منتظراً في طابور، والمصري «اللى سبق أكل النبق»..
هل نعيش زمناً أصبحت فيه الماكينة - ولو إلكترونية - أقرب للإنسان من أمه وأبيه وصاحبته وبنيه.. استرعى انتباهى أن عدداً ممن أعرف لا يثقون عند الفصفضة فى أخص خصوصياتهم إلا مع «شات جى بى تى».. فهم يعتقدون أنهم فى مأمن وقبو يكتمون فيه أسرارهم، بل يؤمنون بحكمة «فيك مين يكتم السر، فى شات جى بى تى»!!. كما أن عدداً منهم يتعاملون معه وكأنه حى.. يبدأون حديثهم معه بالسلام وبعضهم يدلعه «هاللو شاتو»!.. وبدلاً من أن يواجه هؤلاء مشاكلهم بأنفسهم، استسهلوا اللجوء إلى شات «جى بى تى» حتى فى المشاكل بين الخطيب وخطيبته والزوج وزوجته، وبضغطة زر تسأله زوجة: ماذا أفعل مع زوجى العصبى؟، ويستفسر زوج: كيف أتعامل مع زوجتى النكدية، وثالث محتار: ما هى أفضل وسيلة لكبح جماح الزوجة المبذرة؟، لكن ينسى كل هؤلاء مشكلتين أساسيتين عند التعامل مع هذه الآلة، أولاً أن الفارق كبير بين المشاعر الإنسانية الطبيعية ومحاكاة المشاعر التى تم برمجة شات جى بى تى عليها.. ولا يدركون أن البون شاسع بين المشاعر الحقيقية والمشاعر الاصطناعية.. وهو ما اعترف به «شات جى بى تى» نفسه فى حوارى معه، حين أجاب على سؤالى: هل تستوعب الآلة مشاعر الإنسان بقوله: «لا يزال هناك فجوة بين الذكاء الاصطناعى والفهم العميق للعواطف والوعى البشري، يمكننى محاكاة المشاعر، لكن لا أشعر بها فعلياً».. وأكمل أن «ما لا تستطيع الآلة أداءه هو:
● المشاعر العميقة والتفاعل الإنساني الحقيقي الذى يعتمد على العاطفة والتجارب المشتركة.
● الفهم الكامل للسياق العاطفى غير المنطوق فى المحادثات البشرية.
● الإبداع العفوى الذى يتم بين البشروبعضهم البعض فى النقاشات العميقة والمحفزة للفكر».
وأكد أن «الآلة قد تكون رفيقًا جيدًا للمحادثة، لكنها لن تحل محل دفء التواصل الإنسانى الحقيقي».
وكل ما تستطيع الآلة فعله هو: «تقديم دعم عاطفى محدود مثل المساعدة فى تخفيف الشعور بالوحدة عند بعض الأشخاص».
◄ انتهاك الخصوصية
أما المشكلة الثانية فهى أن التقنيات المستخدمة فى تحليل المشاعر عبر الذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤدى لانتهاك خصوصية الأفراد. فعلى سبيل المثال، عندما تتم مراقبة مشاعرك عبر البيانات الشخصية، قد يتم استغلالها بطريقة تتنافى مع الأخلاق. هذا النوع من الاستخدامات يمكن أن يخلق قلقًا حول كيفية جمع المعلومات، وتخزينها، واستخدامها من خلال طرف ثالث، أى تجعل كل مكنونات نفسك مكشوفة لجهات وأناس لا تعرفهم قد يستخدموها ضدك، فلا تأمن حتى لآلة.. كل ذلك يعيدك إلى حديث «استفت قلبك وإن أفتوك»، ولا تستفتى آلة.
بالإضافة لذلك يمكن أن يؤدى الاستخدام المسيء لتقنيات الذكاء الاصطناعى لنتائج ظالمة..على سبيل المثال، إذا كانت الأنظمة قادرة على تحليل المشاعر لأغراض محددة، مثل اختبارات التوظيف (الانترفيو) أو التسويق، فقد تُستخدم هذه المعلومات لتفضيل بعض الأفراد عن غيرهم بناءً على صلة قرابة أو محسوبية، مما يؤدى إلى انعدام العدالة والمساواة، أو الترويج لسلعة أو خدمة على غير حقيقتها.
◄ «لي لي» في رمضان
لثانى مرة أقضى 25 يوماً من رمضان فى العاصمة البريطانية لندن. كانت الأولى حين عملت صحفياً بجريدة «المسلمون» الدولية من عام 1985 حتى 1987.. الثانية كانت مع بدء عام 2025، حين شددت الرحال لاستقبل العام الجديد فى لندن بأحدث حفيداتى، أميرتى الصغيرى»لى لى».. دفء وحضن وحميمية «لى لى» بدد سكون رمضان بعاصمة الإنجليز، فلولا مداعبة صغيرتى، لكان رمضان البريطانى غير كل رمضانات مصر المليئة بالبهجة والحيوية.. لكن بنت «اللذينا» الصغيرة جعلته أجمل رمضانات حياتى، حيث قسمت رمضانى بين قراءة القرآن ومداعبتها التى ملأت حياتى فرحاً لم أحسه منذ مداعبة حمزة آخر حفيد سبقها.. تتضارب مشاعرى بين سعادة غامرة حين تضحك بعفوية الفطرة البريئة.. أو حزن حين تبكى بالتأكيد لسبب.. أستعد بمشيئة الله فى قاهرة المعز لتزداد فرحتى بالعيد مع قدومها لقضاء أيامه مع جدو فى مصر المحروسة.
◄ الطابور سيد الأخلاق
زغر لى وكأننى أكلت ميراث والده، رغم أن الحكاية كلها أننى كنت فى أحد محلات السوبر ماركت غرب لندن، ونظراً لتعرج الطابور أمام الكاشير، لم أدرك أين نهاية الطابور، فإذا بى أتجاوز أحد الإنجليز لأجده اشتط غضباً، وكاد أن ينهار نفسياً صارخاً فى وجهى: «اتفضل حضرتك، أصل إحنا عاشقين الانتظار».. لم يفلح اعتذارى فى تهدئة الرجل. أصدقائى المصريون المقيمون بلندن بصَّرونى أن الإنجليز يعتبرون احترام الطابور نوعاً من العقيدة، إذا تجاوزته فقد جئت شيئاً فرياً.. وينظرون إليك وقتها كما لو كنت مجرم حرب.. والبريطانى يقف ما يعادل 47 يوماً من حياته منتظراً فى طابور، طبقاً لأحد استطلاعات الرأى.. والإنجليز لا يولدون، ولكن يصطفون فى طابور الحياة.. فلا أحد يدربهم على الوقوف فيها لأنها مهارة يولدون بها.. والرياضة الوطنية لهم هى الوقوف فى الطابور.. وإذا كان الصبر مفتاح الفرج، فالصبر هناك مفتاح الطابور الطويل.. والتطور الطبيعى للمواطن البريطاني: يبدأ حياته بطوابير الملاهي، ثم طوابير البنوك فطوابير المواصلات، وأخيرًا طوابير المستشفيات.
ولو انهارت الحضارة البريطانية فستجد الناجين يصطفون فى طابور. والفرق بين البريطانى وبقية العالم، هو أن العالم يقف فى طوابير لأنه مضطر، أما البريطانى فيقف لأنه يستمتع بذلك.. وإذا أرادت بريطانيا غزو بلد آخر، فكل ما عليها فعله تشكيل طابور طويل أمام سفارتها هناك.. لكن متى بدأ احترام الطابور حتى أصبح التعدى عليه نوعاً من الخيانة الوطنية، والوقوف فيه مدة طويلة نوعاً من الاستثمار العاطفى.. تبين أن هذه الثقافة موجودة حتى قبل الحربين العالميتين مع بداية الثورة الصناعية، وتوسع المدن، وعندما بدأ الوافدون الوصول لبريطانيا بحثاً عن عمل، فى ذلك الوقت تطلّب الوضع تنظيماً لإنجاز الأمور اليومية، فكان الطابور هو الأسلوب الأمثل.. لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية حرصت الحكومة البريطانية على المحافظة على أعلى قدر من الانضباط، فدعت الناس لانتظار دورهم عند صرف بطاقات التموين.. ومنذ ذلك الوقت، غُرست ضرورة تنظيم الصف فى نفوس البريطانيين، وتبين أن للطابور نظرية ابتكرها عالم الرياضيات الدنماركى «أجنر كراروب إرلانج» فهى فرع من فروع الرياضيات يدرس كيفية تشكل الطوابير وكيفية عملها وأسباب تعطلها. وتدرس هذه النظرية كل عنصر من عناصر الانتظار فيها، بما فى ذلك عملية الوصول وعدد العملاء.
◄ « اللى سبق أكل ......»
إذا جئنا إلى مصر نجد شيوع الفهلوة والهرجلة فى تجاوز الطوابير، والاعتقاد الراسخ بأن «الطابور ده للى ملهوش ضهر»، وأن «اللى سبق أكل النبق»، وغياب الوعى بأهمية الطابور كحق للآخرين، فالأمر يصبح سباقاً بدلاً من أن يكون نظاماً، والظن الدائم عند الكثيرين أن الطابور مضيعة للوقت، ولإنجاز المصالح يتباهى الكثيرون بتحايلهم عليه.. من هنا انتشرت النكت عن بهدلة الطوابير: أجنبى واقف فى طابور بمصر، الواقفون كلهم عدّوه، فى الآخر قال: «يا جماعة، هو أنا فى الطابور ولا فى وضع الطيران!!».. «ولما المواطن يلاقى الطابور طويل يعمل إيه؟، يزق الناس، لأ.. يدور على واسطة، برضو لأ.. يفتح طابور جديد من الناحية التانية».. لذا حيثما توجد الطوابير فى مصر تنتشر المشاجرات إلا من رحم ربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.