في خطوة رمزية وتاريخية تعكس إنهاء التمرد المستمر منذ عقود ضد تركيا، أحرق 30 مسلحا من حزب العمال الكردستاني، اليوم الجمعة، أسلحتهم عند مدخل كهف في شمال العراق، حسبما نقلته وكالة «رويترز» ووسائل إعلام تركية. وجاء ذلك، بعد إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، الأربعاء الماضي، في فيديو، أن الكفاح المسلح ضد الدولة التركية انتهى، مؤكدا ضرورة الانتقال الكامل إلى العمل السياسي. وأظهرت لقطات من الحفل المقاتلين، نصفهم من النساء، وهم يصطفون لوضع بنادق «AK-47» الهجومية، وأشرطة الذخيرة، وغيرها من الأسلحة في «مرجل- وعاء» رمادي كبير، وفي وقت لاحق، التهمت النيران أعمدة البنادق السوداء الموجهة نحو السماء، بينما كان مسؤولون أكراد وعراقيون وأتراك يراقبون عن قرب. وبحسب شهود ومصادر أمنية عراقية، أُقيمت المراسم داخل «كهف جاسنة» في بلدة دوكان، الواقعة على بُعد نحو 60 كيلومترًا شمال غربي السليمانية، وسط تحليق مروحيات في الأجواء وانتشار أمني مكثف لقوات كردية عراقية في محيط المنطقة. للمرة الأولى منذ 41 عامًا… حزب العمال الكردستاني يبدأ بتسليم سلاحه رسميًا في السليمانية، استجابة لنداء عبدالله أوجلان، مقاتلوه يُعلنون وقف الكفاح المسلح ويبدؤون المرحلة الأولى من نزع السلاح في مغارة «جاسين» التاريخية شمال العراق pic.twitter.com/JVOQ90YLns — Annahar Al Arabi (@AnnaharAr) July 11، 2025 وشارك في مراسم التسليم نحو عشرات المقاتلين وقائد ميداني واحد، وفق مصادر مطلعة، وسط غياب تأكيدات حول مواعيد عمليات تسليم إضافية في المستقبل. أوجلان يدعو لإلقاء السلاح يأتي تسليم السلاح بعد دعوة عبدالله أوجلان زعيم الحزب البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة وطنية تشرف على نزع السلاح وتدير المسار الأوسع للعملية السلمية. وفي مايو الماضي، قرر الحزب حل نفسه والتخلي عن العمل المسلّح استجابةً لدعوة علنية من زعيمه التاريخي عبدالله أوجلان، المعتقل في تركيا منذ عام 1999. صراع أودى بحياة 44 ألفا يُعدّ هذا التحوّل تتويجًا لمسار جديد بعد إخفاق عدة محاولات سابقة لإرساء السلام، ومن شأنه أن يفتح الباب أمام إنهاء صراع أودى بحياة أكثر من 44 ألف شخص، وأثقل كاهل الاقتصاد التركي، وزاد من حدة الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. وقد اتخذ حزب العمال الكردستاني من شمال العراق قاعدة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن طردته العمليات العسكرية التركية من جنوب شرق البلاد، ولا تزال أنقرة تحتفظ بعدد من المواقع العسكرية في الإقليم، وتنفذ ضربات جوية متكررة ضد معاقل الحزب. وبثت وسائل الإعلام التركية مشاهد من المناطق الجبلية المحيطة بمدينة السليمانية، ووصفت الحدث بأنه «لحظة تاريخية». مقاتلة في حزب العمال الكوردستاني تتلف قناصتها حرقًا خلال مراسم إلقاء السلاح في كهف «جاسنه» بالسليمانية pic.twitter.com/RSUJXBKdxs — Rudaw عربية (@rudaw_arabic) July 11، 2025 المرحلة المقبلة في إطار المرحلة التالية من العملية، دعا كل من حزب العمال الكردستاني، وحزب «ديم»، وعبدالله أوجلان، الحكومة التركية إلى تلبية المطالب الكردية المتعلقة بتوسيع الحقوق السياسية والثقافية، ولاسيما في المناطق ذات الغالبية الكردية جنوب شرق البلاد. وذكرت «رويترز» أن الحكومة التركية بدأت بالفعل خطوات باتجاه تشكيل هذه اللجنة، في وقت شدد فيه «ديم» وأوجلان على ضرورة توفير ضمانات قانونية وآليات سياسية واضحة لضمان الانتقال السلس للحزب من السلاح إلى العمل السياسي. من جهته، قال عمر تشيليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن عملية نزع السلاح يجب ألا تطول أكثر من بضعة أشهر لتجنّب محاولات التشويش أو الاستغلال السياسي. وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد أكّد أن «إنهاء التمرّد سيسمح بإطلاق عملية إعادة إعمار شاملة في جنوب شرق تركيا»، بينما كشف وزير المالية محمد شيمشك أن البلاد أنفقت قرابة 1.8 تريليون دولار خلال العقود الخمسة الماضية «في إطار مكافحة الإرهاب»، مشددًا على أن المسار السلمي يمثل فرصة نادرة لتعافي الاقتصاد.