تتأرجح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، بين مقترح المبعوث الأمريكي "ويتكوف"، والشروط التي وضعتها حماس، رغم قيام الحركة بإبداء ردًا إيجابيًا على المقترح، إلا أنها عادت ووضعت شروط قد تتسبب في عرقلة مساعي وقف إطلاق النار، وقوبلت برفض فوري من جانب إسرائيل، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. تدرك حماس جيدًا أن الهدف الأول لإسرائيل، هو القضاء على الكيان السياسي للحركة، التي تعتبرها مصدر التهديد الأول لأمنها، خاصة أن هجوم 7 أكتوبر، أحدث شرخًا عميقًا في إسرائيل على المستويين السياسي والمجتمعي، ووضع حكومة نتنياهو في حرج بالغ، أمام الرأي العام في تل أبيب، لذلك ترغب الحكومة الإسرائيلية في القضاء على حماس، بل تخطط لأبعد من ذلك، برفض إعادة إعمار غزة، وتغيير الملامح الجغرافية للقطاع. ◄ تمسك حماس بالسلطة أمام مخطط إسرائيل، وتمسك حماس بالسلطة، يواجه سكان غزة، مأساة إنسانية غير مسبوقة. عشرات المواطنين يدفعون حياتهم يوميًا، ثمنًا في انتظار المساعدات، ودخل القطاع في شبه مجاعة، بسبب رفض جيش الاحتلال إدخال المساعدات الإنسانية، بحجة أن حماس تستولى على غالبيتها. أيضا، جاء مقترح "مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع المساعدات بإشراف جيش الاحتلال، بمثابة كارثة جديدة على الغزيين، فبدلا من أن تكون نقاط إغاثة للمدنيين، تحولت إلى مصيدة للموت، باستهداف مباشر من بنادق جيش الاحتلال لطالبي المساعدات، فمن لم يمت برصاص الاحتلال، ينهش الجوع جسده حتى الموت. ◄ شروط تصعيدية لقد بات واضحاً أن قطاعاً واسعاً من سكان غزة، يشعر بالغضب وخيبة أمل تجاه الأداء السياسي والمخزي للحركة، خلال هذه المرحلة الحرجة، التي يمر بها القطاع، ولم تعد المفاوضات التي تتم عبر الوسطاء في مصر وقطر، تتعلق فقط بالأسرى والرهائن، بل أصبحت مسألة حياة أو موت لسكان غزة المنهكين من المجاعة، ويعيشون بلا مأوى، ويشربون مياهاً ملوثة، في ظروف غير إنسانية. وبدلاً من أن تُبادر حماس بتسهيل التوصل إلى اتفاق إنساني يوقف الدمار، ويمنح القطاع هدنة لالتقاط الأنفاس، تواصل الحركة فرض شروط تصعيدية، وتربط أي خطوة إنقاذ بمكاسب سياسية، ومن المؤكد أن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكبرى عن الدمار، ولكن إصرار "حماس" على وضع شروط تمكنها من الاحتفاظ بحكم غزة، يعمق مأساة المدنيين. ◄ مقامرة بحياة الشعب وأمام جرائم الاحتلال، يقف المجتمع الدولي عاجزًا أمام الواقع الميداني المتدهور في غزة، والمجتمع الدولي، ورغم ذلك لا تزال "حماس" تتصرف وكأنها الطرف المُسيطر على المشهد، متجاهلة مطالب الغزيين بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، والسعي لإعادة الإعمار، وعودة النازحين إلى منازلهم، ولكن حسابات الحركة أما المراهنة على مكاسب استراتيجية عبر استمرار المعارك أو التصلّب في شروط التفاوض، فهي مقامرة خطيرة بحياة شعب كامل. الوضع في غزة، ينذر بكارثة قد تعصف بحياة قرابة مليوني مواطن من سكان القطاع، وهو ما يتطلب تغليب المصلحة الشعبية على مصالح "حماس" الشخصية، خاصة في ظل الأنباء المتداولة، عن الخطة التي طرحها وزير الدفاع الإسرائيلي "كاتس"، بمطالبة سكان غزة، بالتوجه نحو مدينة رفح، وهو ما وافق عليه نتنياهو، الأمر الذي ينذر بمحاولة تهجير سكان القطاع، وإخلائه لتغيير الملامح الجغرافية للقطاع، وهو مؤشر خطير، في ظل رفض إسرائيل فكرة إعادة الإعمار.