العيد فى الإسلام ليس مجرد مناسبة للفرح، بل هو شعيرة عظيمة تحمل فى طياتها معانى الشكر لله، والتآخى بين المسلمين، وإظهار الفرح المشروع، فى إطار الالتزام بالضوابط الشرعية والأخلاقية. وقد جاءت تعاليم الإسلام لتنظم فرحة العيد بما يحقق المصلحة العامة، ويحافظ على نقاء المجتمع المسلم، بعيدًا عن أى مظهر من مظاهر المخالفة الشرعية. اقرأ أيضًا | «حقائق إسلامية».. يواجه التشكيك بالعلم والمنطق هذا ما يوضحه د. عصمت رضوان وكيل كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، مضيفا أن صلاة العيد سنة مؤكدة عن النبى صلى الله عليه وسلم، حيث كان يخرج إليها فى الساحات الواسعة، لما فى ذلك من إظهار شعائر الإسلام وتعظيمها، واجتماع أكبر عدد من المسلمين لسماع الخطبة والاستفادة من التوجيهات الدينية، وهذا يدل على أن الإسلام يحث على خروج الناس جميعًا، رجالًا ونساءً وأطفالًا، لحضور صلاة العيد والاستفادة من أجواء البهجة والروحانية. ضوابط شرعية ويؤكد رضوان أن الإسلام وضع ضوابط تضمن الحفاظ على الآداب العامة، ومنها: عدم الاختلاط بين الرجال والنساء، فيجب أن يكون لكل من الرجال والنساء صفوف مستقلة، مع وجود حاجز أو مسافة كافية بين الجنسين، اتباعًا لهدى النبى صلى الله عليه وسلم الذى حرص على الفصل بين الرجال والنساء فى الصلوات. وترتيب الصفوف: بحيث يكون الرجال فى المقدمة، ثم الصبيان، ثم النساء، كما جاء فى السنة النبوية. وتجنب الوقوف المختلط، فلا يجوز أن يقف الرجل بجوار المرأة فى الصلاة مباشرة دون فاصل، لما فى ذلك من إخلال بالخشوع، بل إن بعض الفقهاء يرون أن صلاة الرجل تبطل إذا صلى بجوار المرأة من غير حائل. كذلك الخروج من المصلى بطريقة منظمة، من المستحب أن تنصرف النساء أولًا بعد انتهاء الصلاة، تجنبًا للازدحام والاختلاط غير المشروع، اقتداءً بالنبى صلى الله عليه وسلم الذى كان يمكث قليلًا بعد الصلاة ليتيح للنساء الانصراف أولًا. سلوكيات مرفوضة ويضيف أن الفرحة فى العيد لا تعنى تجاوز الضوابط الشرعية، فهناك ممارسات تتنافى مع روح العيد، منها: الاختلاط غير المنضبط فى صلاة العيد والأسواق والمتنزهات، والتباهى بالمظاهر الباذخة والإسراف فى المشتريات والمأكولات، وإطلاق الألعاب النارية بشكل يسبب الإزعاج أو يضر الآخرين، وكذلك الانشغال باللهو المفرط وإهمال ذكر الله وشكره على نعمه، ومنها التقصير فى صلة الأرحام، والانشغال بالمظاهر المادية دون الالتفات إلى الفقراء والمحتاجين. ويشير د. محمد عمر أبوضيف عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بسوهاج سابقا إلى أمور يجب التنبه إليها والتنبيه عليها منها أن صلاة العيد يجب أن يفهمها الناس أنها عبادة وليست احتفالا شعبيا ولا ملاعب وملاهى، وأن تكبيرات العيد عبادة يقوم بها الكبار المكلفون وليست لعبة للأطفال، وصراخا وأغانى فهى تستلزم السكينة والوقار ومعرفة ألفاظها وحسن أدائها. ويدعو أبو ضيف إلى الالتزام بالسنة النبوية بجعل الرجال فى الصفوف الأولى بعدها صفوف الأطفال وللنساء صفوف تكون فى النهاية، موضحا أن ما نراه من الاختلاط فى الصلاة مخالف للشرع، ويجب الإنصات لخطبة العيد بعد الانتهاء من الصلاة استحبابا، ومن يريد الانصراف دون سماع الخطبة ينصرف بسكوت ووقار أدبا. آداب صلاة العيد ويضيف د. الأمير محفوظ عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا أن من آداب صلاة عيد الفطر المتعلقة بالهدى النبوى الشريف أن يقوم المسلم بأداء صدقة الفطر قبل صلاة العيد، ووقت وجوبها بغروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، وأن يحيى المسلم ليلة العيد بما تيسر له من الطاعات، ففى الأثر: «منْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ»، ثم يصبح من يومه فيغتسل ويرتدى أفضل ثيابه، ويستحب أن تكون بيضاء لأنها سمة الملائكة، ويتطيّب، ثم يشرع فى التكبير لقوله: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ) وتكبيرات العيد تكون جمعا فى صوت واحد فى المسجد، وتكون فردا قبل بلوغ المصلى، ثم يشرع فى إتيان مصلى العيد، فيحرص على أن يؤدى حق الطريق، فلا يفرق بين اثنين، ويكف أذاه، فلا يؤذ أحدا قولًا أو فعلا، ويلقى السلام على من عرف ومن لم يعرف، ثم ليأتى المصلى من طريق، وليكن رجوعه من طريق آخر ليسلم على أهل الطريقين ... فهذا من هدى الحبيب وسننه المتبع. ويؤكد ضرورة الالتزام بصفوف الصلاة (صفا كأنهم بنيان مرصوص)، فلا تصلى المرأة فى صفوف الرجال، أو تتقدم عليهم فى صفوفهم، والعكس كذلك فلا يصلى الشباب فى صفوف النساء، أو يتأخرون على النساء فيصلون خلفهن، وليعلم عموم المسلمين أن شر صفوف النساء أولها، وأن خيرها آخرها، وأن شر صفوف الرجال آخرها، وخيرها أولها. مظاهر سلبية ويحذر من أن السلوكيات التى فيها ترويع الآمنين من أظهر المظاهر السلبية للعيد فى مصر وذلك فى أحوال مختلفة منها: الأطفال الذين يشترون الصاروخ وهو بمب متطور أو لنقل قنبلة مصغرة حينما يتم تفجيره يصدر ضجيجا صوتيا، كما أنه إن طال عين إنسان أو رأسه ألحق به أذى بدنيا يصل إلى عمى العين أو إيذاء البدن، كما لا يخفى إلحاق ترويع للناس بفعل المفاجأة ودهشة الصوت وفى السنة (وإياكم وترويع الآمنين) أقول: لابد من منع التجارة فى صواريخ العيد، لما تلحق من أضرار بالغة بأفراد المجتمع بدنيا ونفسيا. ويضيف أن من مظاهر ترويع الآمنين معاكسة الشباب للفتيات فى الطرقات مع خليط من التنمر اللفظى، أو التحرش الجسدى مما يضر بالأفراد ونحن مجتمع يتسم بالزيادة البشرية فى المدن الكبرى على مستوى الجمهورية فى الشوارع والطرقات، فلابد أن تؤمّن تلك المدن الكبرى العامة، والأماكن العامة من حدائق ومتنزهات، فضلا عن وسائل المواصلات. وأنصح كل والد مربى بأن يوجه ولده إن خرج للتنزه مع أصحابه بتقوى الله وحسن السلوك وزجره عن ممارسة كل سلوك جانح يضر بالمجتمع، فمن تنمرت عليه من حقه أن يفرح بالعيد مثلك فلنتقى الله تعالى فى فرحة عيدنا.