دفع الشعب الليبى - وما زال- فاتورة عدم الاستقرار السياسى والانقسامات بين الفرقاء هناك، مما عرض الاقتصاد الليبى لخسائر اقتصادية فادحة لم يتعافَ منها طيلة السنوات الطويلة الماضية، وفى الوقت الذى ينشد المجتمع الليبى بكافة طوائفه ومكوناته شرقا وغربا الاستقرار المنشود وحل كافة الخلافات للوصول إلى دولة هادئة تنعم بخيراتها، تزيد حدة الانقسامات والتناحر بين بعض القوى الليبية من فاتورة الكلفة الاقتصادية على كافة ربوع البلاد . وليبيا التى شهدت أزمات متلاحقة بعد أحداث 2011، مثلها كبعض الدول العربية التى لم تفق من كبوتها خلال السنوات العجاف الماضية، تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسى رغم الدعوات والآمال التى اقتربت كثيرا من تحقيق خطوات جادة نحو الهدوء والسكينة وصولا إلى تشكيل مؤسسات الدولة تمهيدا لإعادة إعمار ما دمرته الحروب والمواجهات بين الفرقاء الليبيين. اقرأ أيضًَا | الجيش السودانى يستعيد السيطرة على مصفاة الخرطوم ففى الوقت الذى تسعى مصر على الدوام لخروج ليبيا من النفق المظلم والبحث عن حلول جذرية لمشاكلها المتشابكة والمعقدة بداية من عدم التوافق السياسى ومرورا بأزمة عدم الثقة التى تحكم طبيعة الأمور هناك بين الأشقاء، تعيش البلاد فى حالة ركود اقتصادى وتراجع فى الانتاج المحلى وتدهور المؤسسات الاقتصادية نتيجة عدم الاستقرار السياسى طيلة السنوات الماضية، حتى أضحى اقتصاد ليبيا مرهونا كليا بحالة الاستقرار والتوافق السياسى بين جميع مكونات المجتمع هناك مما جعل البنك الدولى يشير إلى نتائج سلبية يعانى منها اقتصاد البلاد، جعلته يتراجع فى الناتج المحلى بنسبة 2.7 % فى نهاية العام الماضى، مقدرا أن حالة الصراع والانقسام السياسى وعدم استقرار مؤسسات الدولة حالت دون تعافى الاقتصاد الليبى الذى كان من المتوقع له أن يصل إلى نسبة إجمالى من الناتج المحلى تقترب إلى 74 % بنهاية عام 2023 بعيدا عن قطاع النفط الذى فشلت ليبيا فى الاستفادة من ارتفاع أسعاره عالميا، وهى المعضلة التى واجهت ليبيا. ويعد القطاع الليبى أحد التحديات الرئيسية التى تعرقل تعافى الاقتصاد هناك بجانب تحديات أخرى تتمثل فى انخفاض الانتاج والافتقار إلى تنوع فى الدخل المحلى أو التصدير بجانب تدهور فى جودة الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية وتراجع جودة الخدمات فى ظل حالة عدم الاستقرار على كافة الأصعدة، مما فاقم كلفة إعادة الإعمار التى ربما تصل حسب تقديرات مؤسسات اقتصادية عالمية أكثر من300 مليار دولار. لكن المتتبع للأزمة الليبية يكتشف أن الحل الوحيد لوقف الصراع الدائر بين الشرق والغرب هو رفع شعار «ليبيا أولا» وهو ما يعنى توحيد الجبهة الداخلية ونبذ الفتنة والتعصب وإعلاء المصلحة العليا مع السعى لتوحيد مؤسسات الدولة وتقريب وجهات النظر من أجل تحقيق السلام والاستقرار فى ليبيا.. تمهيدا لتحقيق التنمية الاقتصادية وتوحيد المؤسسة العسكرية حتى تنعم ليبيا بسيادتها وفرض سيطرتها على ربوع أراضيها بعد طرد المرتزقين الأجانب، بحيث ترتكز خطة التعافى للاقتصاد الليبى على عدة محاور منها تجديد العقد الاجتماعى بين المواطن والدولة من ناحية بين جميع الفرقاء الليبيين وكافة مكونات الشعب الليبى من ناحية أخرى، وذلك عبر أسس تعيد بناء الثقة وصولا إلى صيغة توافقية فى نهاية المطاف لعقد انتخابات برلمانية ورئاسية تعيد ليبيا إلى محيطها العربى والإقليمى والدولى. إذًا الأمر يحتاج إلى تجاوز مرحلة المتاهة الانتقالية التى تعيش فيها ليبيا طيلة السنوات الماضية وانقسام بين الشرق والغرب لحكومتين تسعى كل منهما إلى تدشين ميزانية مستقلة ترهق اقتصاد الدولة الليبية وتجعله فى مفترق طرق.