غزو عسكري.. مليشيات وجماعات إرهابية.. وأزمة مفتوحة علي كل الاحتمالات بدا الأمر كما لو كان أسطورة إغريقية ذلك الذي شهدته ليبيا منذ سبع سنوات بالتمام والكمال هي لم تكن استثناء في إطار ثورات الربيع العربي فقد سبقتها بأسابيع تونس ومصر واليمن ولكنها الوحيدة التي افتقدت السلمية منذ أيامها الأولي فأصوات الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتي الثقيلة كانت تدوي في المدن الليبية ال16 التي اجتاحتها المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب باسقاط النظام والتي بدأت في العاصمة الثانية بنغازي احتجاجا علي اعتقال احد المحامين هناك علي خلاف سلمية ثورة الياسمين في تونس او نظيرتها في مصر حتي وصلت الأمور إلي مقتل العقيد القذافي بصورة لا إنسانية في 20 أكتوبر في مدينة سرت ووصلت حصيلة الشهداء في الْيَوْم الثالث للاحتجاجات أو تحديدا في 17 فبراير 2011 إلي اكثر من 400 شهيد بعد مواجهات بين كتائب القذافي والجماهير التي استولت علي ترسانات ومخازن الأسلحة. بدا الأمر كما لو كانت الأمور مخططا لها ومعدة منذ زمن طويل فبعد حوالي عشرة ايّام من قيام الثورة يتم الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي الذي ضم قيادات بوزن وزير داخلية نظام القذافي عبدالفتاح يونس ووزير العدل مصطفي عبد الجليل الذي تم ختياره رئيسا للمجلس بعد حالة من الانشقاقات من رجال النظام شملت وزراء وسفراء وكبار مسئولين تخلوا عنه مع اول ازمة ولم يمر أسبوع واحد علي الاحتجاجات حتي جاءت ضربة جديدة لنظام القذافي هذه المرة من الجامعة العربية التي أعلنت علي مستوي المندوبين تعليق عضوية ليبيا وعدم مشاركتها في اجتماعات الجامعة العربية وان كان الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي قد تأخر عدة أشهر ليتم في اغسطس. تكاثر علي ليبيا اللاعبون والطامعون واصحاب المصالح والأجندات الخاصة ومازالت الازمة تراوح مكانها دون حسم نهائي من عملية الكرامة التي اقدم عليها المشير خليفة حفتر في توحيد البلاد وتنوعت الوساطات الدولية والإقليمية والجهوية ولكن يظل قرار الحل ليبياً بامتياز والامل في ان يحدث التوافق حول مشروع الدستور وإجراء الانتخابات تحت إشراف دولي باعتباره خارطة طريق لانهاء الازمة التي طالت وسط مخاوف من تهديد استمرارها علي الجوار الجغرافي وعلي الأمن والاستقرار في المنطقة. مصر تواصل جهود »لم الشمل».. وثلاثة محاور للقاهرة تستهدف إعادة بناء الدولة الليبية علي كافة مجالات الحياة في ليبيا، وعلي الرغم من قتامة المشهد الليبي فإن الجهود المصرية لحل الازمة والعمل علي بناء الدولة الليبية مرة أخري لم تتوقف أو تفقد عزيمتها من منطلق مسئوليتها تجاه الأزمة حيث تمثل ليبيا عمقا استراتيجي للأمن القومي، فضلًا عن حجم المصالح الاقتصادية والروابط الاجتماعية بين البلدين ولذلك سعت القاهرة خلال مراحل عملها، وفرضها علي المجتمع الدولي أن تكون هي الحاضنة للأزمة وأطرافها ضمانا لعدم سقوط دولة الجوار فريسة للطامعين والمستفيدين من الوضع الحالي أن تعمل علي حلحلة الأزمة عن طريق ثلاثة محاور سياسيا وأمنيا ودوليا. اولا: علي الصعيد السياسي أكدت القيادة المصرية أن أمن واستقرار دولة ليبيا سيتحقق من خلال أبنائها أنفسهم دون فرض حلول واملاءات خارجية لذا سعت مصر إلي مساعدة ليبيا للخروج من حالة الانسداد السياسي الحالي بفتح أبواب القاهرة لمختلف الفصائل والقوي الفاعلة في ليبيا، وشمل الحوار ممثلي الكيانات الشرعية، سواء في الشرق أو في الغرب، بهدف التوصل لإطار للتسوية السياسية ينهي حالة الانقسام الممتدة وتنفيذ اتفاق الصخيرات كأساس للتسوية السياسة وضمت الاجتماعات عقيلة صالح رئيس مجلس النواب وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني والمشير خليفة حفتر القائد العام للوات المسلحة، لضمان إجراء التعديلات الدستورية اللازمة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وترسيخ مبدأ التوافق دون تهميش أو إقصاء، وإعلاء المصالحة الوطنية الشاملة والحفاظ علي مدنية الدولة والمسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة. ثانيا: علي الصعيد الأمني لم يغب عن القاهرة ضرورة حماية الأمن القومي المصري خاصة أن تردي الوضع الأمني في ليبيا أثر سلبيا علي الحدود الغربية، بسبب عمليات تهريب الأسلحة او تنامي نشاط التنظيمات الإرهابية في ليبيا، والتخوف من إمكانية استخدام الوضع لإنتاج مليشيات جهادية، لذلك سعت مصر لتوفير الدعم المادي واللوجيستي والعسكري اللازم لبناء هيكل الدولة الأمني والعمل علي توحيد المؤسسة العسكرية عن طريق اللجنة المصرية المعنية بليبيا التي شكلت لبحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية ودعم المسار الامني بالتوازي مع المسار السياسي لضمان استقرار الدولة، وقيام المؤسسة العسكرية بما عليها للحفاظ علي أمن وسيادة ليبيا ومكافحة كافة اشكال التطرف والارهاب وتمكين الجيش الليبي بجانب إنشاء جهاز شرطة وطنية لحماية البلاد، وفقا لبنود الاتفاق السياسي الليبي، لأداء مهامها في الحفاظ علي أمن واستقرار الدولة الليبية ومؤسساتها الشرعية. ثالثا: الصعيد الدولي، شهدت جهود عدد من التحركات الدبلوماسية لتسوية الأزمة وإحياء آلية دول الجوار الذي أضفي المزيد من المرونة علي مواقف عدد من الفاعلين السياسيين الليبيين مع التأكيد علي أن الأممالمتحدة هي الإطار الوحيد لتسوية الأزمة الليبية، بالتنسيق والتعاون مع جامعة الدول العربية، ورئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي تنافس دولي علي »تورتة» إعادة الإعمار والتكلفة المبدئية 80 مليار دولار تعتبر ليبيا الأوفر حظا بين الدول العربية التي شهدت ثورات »الربيع العربي» ومازالت في دوامة الصراعات المسلحة والتدخلات الأجنبية دون أي بوادر لحل سياسي للأزمات التي تعصف بهم. فهناك جهود حثيثة لوضع حل للأزمة الليبية سياسيا والتحضير لاجراء انتخابات وهو ما تبعه تحسن وإن كان محدودا في الوضع الاقتصادي والحديث عن اطلاق مؤتمرات لعمليات إعادة الإعمار. ففي أعقاب سنوات من الركود، بدأ الاقتصاد الليبي يتعافي في النصف الأول من عام 2017، بفضل استئناف إنتاج المحروقات بعد استعادة حقول النفط الرئيسية من المليشيات. واستمر بطء أنشطة القطاعات غير النفطية بفعل المعوقات الناجمة عن نقص الأموال والأمن. وعلي الرغم من الأداء القوي للنمو الذي يحركه قطاع النفط، مازال الاقتصاد الليبي يعاني من الصراع السياسي الذي يحول بينه وبين بلوغ كامل إمكانياته طبقا لأحدث تقرير أصدره البنك الدولي. ويتوقف تحسن آفاق الاقتصاد بشكل أساسي علي تحقيق تقدم في اجتياز المأزق السياسي الذي أحدث انقساما في البلاد، وعلي تحسن الأوضاع الأمنية. أما الوضع الراهن فسيؤدي بالاقتصاد الليبي في نهاية المطاف إلي الإفلاس. وبالمعدل الحالي للإنفاق، وإذا استمر سياق الصراع والانفلات الأمني، فإن احتياطيات النقد الأجنبي ستواصل الاتجاه نحو النضوب، وهو احتمال بدأ يُؤثِّر بالفعل علي التوقعات. وفي الأمد المتوسط، إذا عاد السلام وحل الأمن، من المتوقع أن يستمر النمو وتتسع قاعدته في الفترة 2019-2020. وستتحسَّن أوضاع المالية العامة وأرصدة حساب المعاملات الجارية تحسنا كبيرا، ومن المتوقع أن تُسجل الموازنة العامة والمعاملات الجارية فوائض من عام 2020 فصاعدا. وستبلغ احتياطيات النقد الأجنبي في المتوسط نحو 60 مليار دولار خلال السنوات 2018-2020. في ظل انهيار البنية التحتية وتأثر عدد كبير من القطاعات بالصراع المسلح في ليبيا، يقدر البنك الدولي فاتورة إعادة إعمار ليبيا بنحو 80 مليار دولار. وتجهز ليبيا لعقد مؤتمر دولي الشهر المقبل، للإعلان عن خطط إعادة إعمار مدينة بنغازي، بعد سنوات من القتال بين الجيش الليبي والمسلحين. وتعتبر مصر احدي أبرز الدول التي تعول عليها الأطراف الليبية في مسألة اعادة الاعمار، وسبق أن أكد د. أسامة حماد، وزير المالية الليبي والمفوض في حكومة الوفاق الوطني، في ديسمبر الماضي، أن الأولوية سوف تكون للشركات المصرية في عملية إعادة إعمار ليبيا، واشار إلي عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وحرص مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي علي حل الأزمة في ليبيا وإرساء الأمن والاستقرار بها. وتمثل إعادة الاعمار في ليبيا فرصا تجارية كبيرة لاطراف كثيرة في انحاءالعالم ولن تستطيع اي دولة من الدول ان تنفرد وحدها بكعكة اعادة البناء. وهو ما يجعل الصراع علي الفوز بأكبر قدر من عمليات اعادة الاعمار هدفا رئيسيا للعديد من الدول وفي مقدمتها فرنسا وايطاليا وبريطانيا وامريكا. وتشير تقارير إعلامية إلي أن المنافسة الأوروبية ستكون قوية علي الفوز بمشاريع اعمار ليبيا.